المجلس قال لعيسى بن شهيد فما يخاطبه به: ما شأن كذا؟ لأمر سأله عنه، فقال له: يا مولاي، لست بحاجب، وهذا هو الحاجب. وأشار إلى ابن رستم. فعلت الأمير عبد الرحمن كبرة، وعرف من حيث أتى، فكظم غيظه واصطبر.
فلما خرج الوزراء دعا بنصر، فسأله عن عزل ابن شهيد، وولاية ابن رستم، فلم يمكنه إنكاره، وادعى أن وصية خرجت إليه من لدنه صدر علته، فكذبه الأمير، وعلم أنها من تحامله وجسراته، فسبه وأغلظ له، وهم به، ثم عفا عنه، وأعاد عيسى بن شهيد إلى الحجابة، وعزل عنها عبد الرحمن بن رستم، وتركه على الوزارة، فلم يزل عيسى بن شهيد حاجبًا للأمير عبد الرحمن بن الحكم إلى أن توفي الأمير عبد الرحمن، فأمضاه عليها محمد سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وقد استكمل في ولايته في الدولتين عشرين سنة.
وقال أبو بكر بن القوطية: لما توفي الحاجب عبد الكريم بن عبد الواحد مغيث صدر دولة الأمير عبد الرحمن تنافس الوزراء كلهم في خطة الحجابة بعده، وكدوا بالوسائل والشفاعات حتى أضجروه، فأقسم أو اعتقد ألا يوليها واحدًا منه، وعطلها مدة، ثم صيرها إلى رجل من أقادم صنائعه كان له اتصال به قبل الخلافة أحظاه لديه اسمه سفيان بن عبد ربه، أصله من برابر بيانة، لم يكن له قدم، وكانت له يقضة ومعرفة، فتولى حجابته أعوامًا إلى أن مات، فولى عبده عبد الرحمن بن غانم، ثم مات بن غانم أيضًا، فصارت الحجابة إلى عيسى بن شهيد، ثم إلى عبد الرحمن بن رستم يداول الأمر بينهما، إلى أن
1 / 167