ولم تكن اهتماماته مصريّة فقط: فقد ألّف في «بناء الكعبة» وفي ملوك الإسلام بأرض الحبشة، وفي الأوزان والمكاييل، وفي تمجيد آل البيت- دون أن يكون شيعيّا.
وأوفر ترجمة له نجدها عند السخاوي في الضوء اللامع (١) وفي «التبر المسبوك» الذي ذيّل به السخاويّ كتاب المقريزيّ: السلوك (٢). إلّا أنّه كما ألمحنا يتحامل عليه كثيرا ويتّهمه بالسطو على مؤلّفات سابقيه والجهل بأخبار الأوّلين والآخرين، حتى إذا وجد ثناء عليه من شيخه ابن حجر قال: إنّه يبالغ! وقد تحدّث عن هذه الحملة المرحوم محمد مصطفى زيادة في ترجمته له (٣). كما ترجم له فرانز روزنتال في دائرة المعارف الإسلامية (٤). وتوفيّ المقريزي في آخر رمضان سنة ٨٤٥.
بقيت قضيّة اكتمال الكتاب أو وفاة المؤلّف قبل إتمامه. فقد ذكر السخاوي أنّ الكتاب بلغ ستّة عشر مجلّدا وأنّ المقريزي كان يقول: «لو كمل (المقفّى) على ما أروم لجاوز الثمانين مجلّدا» واستنتج المرحوم الشيّال من هذه الكلمة أن المقريزي «توفيّ قبل أن يتمّه» (٥). ولا نفهم نحن منها أنّه لم يتمّه، بمعنى أنّه توقّف في بعض الحروف ولم يزد. بل نفهم أنّه جمع ما كان ينوي جمعه من التراجم، فأثبتها في مسوّدته، إلّا أنّه ترك فيها ثغرات وبياضا كثيرا، واعتزم أن يعود إليها بالزيادة والإكمال فلم تسعفه المقادير. فعبارة السخاوي تفسّر في نظرنا وجود البياض في الأجزاءالواصلة إلينا، ولكنّها لا تبرّر فقدان حروف كاملة كالدال والذال والراء ... الخ. ولا تبرّر بالخصوص فقدان بعض التراجم التي أعلن المؤلّف عن وجودها في الكتاب (٦). وإنّ هذه لمعضلة أخرى من معضلات هذا الكتاب، نرجو أن يأتينا المستقبل بما يساعد على حلّها، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
تونس في ١٤ ذي الحجة ١٤٠٨
٢٨/ ٧/ ١٩٨٨
محمد اليعلاوي
_________
(١) الضوء اللامع ٢/ ٢١.
(٢) التبر المسبوك في ذيل السلوك لمعرفة دول الملوك ٢١ - ٢٤.
(٣) دراسات عن المقريزي (مجموعة أبحاث) - القاهرة ١٩٧١، ص ١٣.
. EI ٢ ٤ /١٧٧ (٤)
(٥) مقدمة الطبعة الجديدة لاتّعاظ الحنفاء، ص ٢١.
(٦) مثلا، في هذا الجزء الأوّل: ترجمة أحمد بن المشطوب أعلن عنها في ترجمة ابنه وهي مع ذلك ساقطة من الأحمدين.
1 / 10