191

मुन्तक़ा मिन मिन्हाज इक्तिदाल

المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال

अन्वेषक

محب الدين الخطيب

وَإِن لم يكن وعيدا لاحقا بفاعله كَانَ أَبُو بكر أبعد عَن الْوَعيد من عَليّ وَإِن قيل إِن عليا تَابَ من تِلْكَ الْخطْبَة وَرجع عَنْهَا قيل فَهَذَا يَقْتَضِي أَنه غير مَعْصُوم وَإِذا جَازَ أَن من راب فَاطِمَة وآذاها يذهب ذَلِك بتوبته جَازَ أَن يذهب بِغَيْر ذَلِك من الْحَسَنَات الماحية فَإِن مَا هُوَ أعظم من ذَلِك الذَّنب تذْهب بِهِ الْحَسَنَات الماحية وَالتَّوْبَة والمصائب المكفرة وَذَلِكَ أَن هَذَا الذَّنب لَيْسَ من الْكفْر الَّذِي لَا يغفره الله إِلَّا بِالتَّوْبَةِ وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ عَليّ وَالْعِيَاذ بِاللَّه قد ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فِي حَيَاة النَّبِي ﷺ وَمَعْلُوم أَن الله تَعَالَى نزه عليا من ذَلِك والخوارج الَّذين قَالُوا إِنَّه ارْتَدَّ بعد موت النَّبِي ﷺ لم يَقُولُوا أَنه ارْتَدَّ فِي حَيَاته إِذْ من ارْتَدَّ فِي حَيَاة النَّبِي ﷺ فَلَا بُد أَن يعود إِلَى الْإِسْلَام أَو يقْتله النَّبِي ﷺ وَهَذَا لم يَقع وَإِذا كَانَ هَذَا الذَّنب هُوَ مِمَّا دون الشّرك فقد قَالَ تَعَالَى (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) وَإِن قَالُوا بجهلهم إِن هَذَا الذَّنب كفر ليكفروا بذلك أَبَا بكر لَزِمَهُم تَكْفِير عَليّ وَاللَّازِم بَاطِل فالملزوم مثله وهم دَائِما يعيبون أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان ويكفرونهم بِأُمُور قد صدر من عَليّ مَا هُوَ مثلهَا أَو أبعد عَن الْعذر مِنْهَا فَإِن كَانَ مأجورا أَو مَعْذُورًا فهم أولى بِالْأَجْرِ والعذر وَإِن قيل بإستلزام الْأَمر الأخف فسقا أَو كفرا كَانَ إستلزام الأغلظ لذَلِك أولى وَأَيْضًا فَيُقَال إِن فَاطِمَة ﵂ إِنَّمَا عظم أذاها لما فِي ذَلِك من أَذَى أَبِيهَا فَإِذا دَار الْأَمر بَين أَذَى أَبِيهَا وأذاها كَانَ الإحتراز عَن أَذَى أَبِيهَا أوجب وَهَذَا حَال أبي بكر وَعمر فَإِنَّهُمَا إحترزا أَن يؤذيا أَبَاهَا أَو يريباه بِشَيْء فَإِنَّهُ عهد عهدا وَأمر أمرا فخافا إِن غيرا عَهده وَأمره أَن يغْضب لمُخَالفَة أمره وَعَهده ويتأذى بذلك وكل عَاقل يعلم أَن رَسُول الله ﷺ إِذا حكم بِحكم وَطلبت فَاطِمَة أَو غَيرهَا مَا يُخَالف ذَلِك الحكم

1 / 207