मुन्तक़ा मिन मिन्हाज इक्तिदाल
المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال
अन्वेषक
محب الدين الخطيب
(أتعبدون مَا تنحتون وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ)
قَالَ شَيخنَا ابْن تَيْمِية رَحمَه الله تَعَالَى لم يذكر من ادلة أهل الْإِثْبَات إِلَّا يَسِيرا وَمَعَ هَذَا فالأدلة الثَّلَاثَة لَيْسَ لَهُم عَنْهَا جَوَاب صَحِيح
أما الأول فَإِن الْمُسْتَدلّ بذلك الدَّلِيل لَا يَقُول إِذا وَجب الْفِعْل فَلَا قدرَة فَإِن عَامَّة أهل السّنة يَقُولُونَ إِن العَبْد لَهُ قدرَة حَتَّى الجبرية لَكِن يَقُولُونَ لَا تَأْثِير لَهَا
وَقد مر أَن لَهَا تَأْثِيرا من جنس تَأْثِير الْأَسْبَاب فِي مسبباتها لَيْسَ لَهَا تَأْثِير الْخلق والإبداع
وَيُوجب هَذَا الدَّلِيل أَن الْقَادِر يمْتَنع أَن يرجح مقدوره إِلَّا بمرجح وَذَلِكَ الْمُرَجح لَا يكون من العَبْد فَتعين أَن يكون من الرب وَعند وجود الْمُرَجح التَّام يجب وجود الْفِعْل وَيمْتَنع عَدمه فَإِنَّهُ إِذا كَانَ بعد وجود الْمُرَجح يُمكن وجود الْفِعْل وَعَدَمه كَمَا كَانَ قبل الْمُرَجح كَانَ مُمكنا والممكن لَا يتَرَجَّح وجوده على عَدمه إِلَّا بمرجح تَامّ
وَأما مُعَارضَة ذَلِك بِفعل الله فَالْجَوَاب أَن هَذَا برهَان عَقْلِي يقيني واليقينيات لَا تعَارض وَلَا يُوجد لَهَا معَارض وَأَيْضًا فَإِن قدرَة الرب تفْتَقر إِلَى مُرَجّح لَكِن الْمُرَجح هُوَ إِرَادَة الله وَإِرَادَة الله لَا يجوز أَن تكون من غَيره بِخِلَاف إِرَادَة العَبْد
وَإِذا كَانَ الْمُرَجح إِرَادَة الله كَانَ فَاعِلا بإختياره لَا مُوجبا بِذَاتِهِ بِدُونِ إختياره وَحِينَئِذٍ فَلَا يلْزم الْكفْر ثمَّ نقُول مَا تَعْنِي بِقَوْلِك يلْزم أَن يكون الله مُوجبا بِذَاتِهِ أتعني بذلك أَن يكون مُوجبا للأثر بِلَا قدرَة وَلَا إِرَادَة أَو تَعْنِي بِهِ أَن يكون الْأَثر وَاجِبا عِنْد وجود الْمُرَجح الَّذِي هُوَ الْإِرَادَة مثلا مَعَ الْقُدْرَة فَإِن عنيت الأول لم نسلم التلازم فَإِن الْفَرْض أَنه قَادر وَأَنه مُرَجّح بمرجح
فَهُنَا شَيْئَانِ قدرَة وامر آخر وَقد فسرنا ذَلِك بالإرادة فَكيف يُقَال إِنَّه مُرَجّح بِلَا قدرَة وَلَا إِرَادَة
وَإِن أردْت أَنه يجب وجود الْأَثر إِذا حصلت الْإِرَادَة مَعَ الْقُدْرَة فَهَذَا حق وَهُوَ مَذْهَب الْمُسلمين فَمَا شَاءَ الله وجوده وَجب وجوده بمشيئته وَقدرته
1 / 145