ومن هذا الباب قول أبي نواس:
إذا مَا دَنتْ اللهاةِ من الفتى ... دعا همّه مِنْ صَدره بِرَحيلِ
أخذه ابن المعتز فقال:
إذا سكنتْ صَدْرُ الفتى زَالَ هَمهُ ... وَطَابتْ لَهُ دُنْياه وأتسعَ الضّنْكُ
فجاء أبو نواس في صفتها بما لا يعلم من فعلها شاربها وذلك أنه علم أنها قبل نزولها إلى صدره وبلوغها قلبه، يزيل همه وما يأتي منها دون اللهاة فهو أول جرعة من كأسها وكل هذا إفراط يحسن مثله في المنظوم، وابن المعتز سرق وخبّر بما لا يجهل من صفتها وفعلها بشاربها لأن في قوله) سكنت (أتساعًا للظّان لأنه يجوز أن يسكن صدره منها الكبير الذي يسكن مثله، وإن عارض معارض، فقال أبو نواس: قال: باطلًا وابن المعتز صدق قلنا له: إنّ الصدق غير ملتمس من الشاعر وإنما المراد منه حسن القول في المبالغة في الوصف والشعر وفي فنون الباطل واللهو أمكن منه فنون الصدق والحق دليل ذلك
1 / 128