المجلد الأول
مقدمة
...
وهي متوسطة الخط، كثيرة الهوامش والحواشي بين السطور، كثيرة الأخطاء، وفي مواضع كثيرة منها عبارات ساقطة يفسد المعنى بسقوطها، وفي بعض صفحاتها تقديم وتأخير.
وكنا -قبل عثورنا على النسخة الأولى- اعتمدنا على هذه النسخة، فكلفتنا جهدًا وعناء لسقمها، ورمزنا لها بالحرف "ظ".
الثالثة: نسخة مخطوطة بخط مغربي دقيق، وفي بعض حروفها غموض، وكان يملكها الإمام المرحوم محمد محمود بن التلاميذ التركزي المغربي الشنقيطي، وهي الآن في مكتبته بدار الكتب المصرية برقم ٢ صرف ش.
في آخرها أنها عن نسخة محمد بن المظفر المخطوطة بمكتبة كوبرللي بالأستانة السابق ذكرها، كتبها للإمام الشنقيطي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن التلمودي الجزولي الحسني اليعلاوي في مدة آخرها منتصف ذي الحجة من سنة ١٣٠٣هـ.
وهذه النسخة خالية من الهوامش والحواشي بين السطور التي اكتظّ بها الأصل الذي نقلت عنه لابن المظفر إلا القليل جدا الذي لا حكم له، وفيها تصويب لبعض أخطاء الأصل، غير أنها لم تسلم من سقوط العبارات الكثيرة التي سقطت من نسخة ابن المظفر، ومن بعض التحريف الذي وقعت فيه، ورمزنا لها بالحرف "ش".
وهي والنسخة الثانية لابن المظفر، مع ما فيهما من نقص وخطأ، قد انتفعنا بهما انتفاعا كبيرا، وبخاصة في المواضع الضائعة في الأولى في ملتقى كل صفحتين.
وجعل الكتاب في النسخة الأولى ثلاثة أجزاء: الأول: يشتمل على المتن والشرح جميعا، والثاني: تفسير المشكل من اللغات التي أوردها مؤلف المتن، والثالث: تفسير ما فيه من مشكلات عويص التصريف. وجعل في النسختين الثانية والثالثة أربعة أجزاء، بجعل المتن والشرح فيهما جزأين، وقد جعلنا هذه النسخة المطبوعة أربعة أجزاء مثلهما.
1 / 2
المقدمة
...
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم ١:
الحمد٢ لله رب العالمين، وصلواته على نبيه محمد وآله أجمعين، الطيبين الطاهرين٢.
قال أبو الفتح عثمان بن جني رحمه الله٣:
هذا كتاب أشرح فيه كتاب أبي عثمان بكر بن محمد بن بقية المازني ﵀ في التصريف، بتمكين أصوله، وتهذيب فصوله، ولا أدع فيه٤ بحول الله وقوته غامضًا إلا شرحته، ولا مشكلًا إلا أوضحته، ولا٥ كثيرًا من الأشباه والنظائر٥ إلا أوردته؛ ليكون هذا الكتاب قائمًا بنفسه، ومتقدمًا في جنسه، فإذا أتيت على آخره، أفردت فيه بابًا لتفسير ما فيه من اللغة الغريبة، فإذا فرغت من ذلك الباب أوردت فصلًا من المسائل المشكلة العويصة التي تشحذ الأفكار، وتروض الخواطر، وليس ينبغي أن يتخطى إلى النظر في هذه المسائل من لم يُحكِم الأصول قبلها، فإنه إن هجم عليها غير ناظر فيما قبلها من أصول التصريف الموطئة للفروع، لم يحظ منها بكبير طائل، وصعبت عليه أيما صعوبة، وكان حكمه في ذلك حكم من أراد الصعود إلى قُلة جبل سامق في غير ما سبيل، أو كجازع مفازة لا يهتدي لها بلا دليل.
_________
١ بعد البسملة في ظ "عونك يا لطيف"، وبعدها في ش "وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما".
٢، ٢ ما بينهما زيادة من ظ، ش.
٣ ﵀: ساقط من ظ، ش.
٤ ظ، ش: منه.
٥، ٥ ما بينهما غير واضح في ظ، وهو في ش "كثير الأشباه والنظائر".
1 / 1
علم التصريف والحاجة إليه:
وهذا القبيل من العلم -أعني التصريف- يحتاج إليه جميع أهل العربية١ أتم حاجة، وبهم إليه أشد فاقة؛ لأنه ميزان العربية، وبه تعرف أصول كلام العرب من الزوائد الداخلة عليها، ولا يوصل إلى معرفة الاشتقاق إلا به، وقد يؤخذ جزء من اللغة كبير بالقياس، ولا يوصل إلى ذلك إلا من طريق التصريف؛ وذلك نحو قولهم: إن المضارع من فَعُل لا يجيء إلا على يَفْعُل بضم العين، ألا ترى أنك لو سمعت إنسانا يقول: كرُم يكرَم بفتح الراء من المضارع، لقضيت بأنه تارك لكلام العرب، سمعتهم يقولون: يكرم أو لم تسمعهم؛ لأنك إذا صح عندك أن العين مضمومة من الماضي قضيت بأنها مضمومة في المضارع أيضا قياسا على ما جاء. ولم تحتج إلى السماع في هذا ونحوه٢، وإن كان السماع أيضا مما يشهد بصحة٣ قياسك. ومن ذلك أيضا قولهم: إن المصدر من الماضي إذا كان على مثال أَفْعَلَ يكون مفعلا -بضم الميم وفتح العين- نحو: أدخلته مُدْخَلا، وأخرجته مُخْرَجا، ألا ترى أنك لو أردت المصدر من أكرمته على هذا الحد لقلت: مُكْرَما قياسا، ولم تحتج فيه إلى السماع، وكذلك قولهم: كل اسم كانت في أوله ميم زائدة مما يُنقَل ويُعمَل به فهو مكسور الأول، نحو مِطْرَقة ومِرْوَحة، إلا ما استُثني٤ من ذلك. فهذا لا يعرفه إلا من يعلم أن الميم زائدة، ولا يعلم ذلك إلا من طريق التصريف، فهذا ونحوه مما يستدرك من اللغة بالقياس.
_________
١ ظ، ش: اللغة، وهامشهما: الأدب.
٢ ظ: أو نحوه.
٣ ص: لصحة.
٤ ص: أستثني له، وظ: أستثني به وفوق به: نسخة، وما أثبتناه عن ش.
1 / 2
ما لا يُؤخذ من اللغة إلا بالسماع:
ومنها ما لا يُؤخذ إلا بالسماع، ولا يُلتفت فيه إلى القياس، وهو الباب الأكثر نحو قولهم: رجل وحجر، فهذا مما لا يقدم عليه بقياس، بل يرجع فيه إلى السماع. فلهذه المعاني ونحوها ما كانت الحاجة بأهل علم العربية إلى التصريف ماسّة، وقليلا ما يعرفه أكثر١ أهل اللغة؛ لاشتغالهم بالسماع عن القياس.
تخليط أهل اللغة فيما سبيله القياس:
ولهذا ما لا٢ تكاد تجد لكثير من مصنفي اللغة كتابا إلا وفيه سهو وخلل في التصريف، وترى كتابه أسد شيء فيما يحكيه، فإذا رجع إلى القياس وأخذ يصرف ويشتق اضطرب كلامه وخلّط. وإذا تأملت ذلك في كتبهم لم يكد يخلو منه كتاب إلى الفرد، ويتكرر هذا التخليط على حسب طول الكتاب وقصره، وليس هذا غضا من أسلافنا، ولا توهينا لعلمائنا، كيف وبعلومهم نقتدي، وعلى أمثلتهم نحتذي، وإنما أردت بذلك التنبيه على فضل هذا القبيل من علم العربية، وأنه من أشرفه وأنفسه، حتى إن أهله المُشْبِلين عليه والمنصرفين إليه، كثيرا ما يخطئون فيه ويخلطون، فكيف بمن هو عنه بمعزل، وبعلم سواه متشاغل.
ما بين التصريف والاشتقاق والنحو واللغة:
وينبغي أن يعلم أن بين التصريف والاشتقاق نسبا٣ قريبا، واتصالا شديدا؛ لأن التصريف إنما هو أن تجيء إلى الكلمة الواحدة فتصرفها على وجوه شتى،
_________
١ أكثر: زيادة من ظ، ش.
٢ لا: ساقط من ص.
٣ ش، ظ: سببا.
1 / 3
مثال ذلك أن تأتي إلى "ضَرَبَ" فتبني منه مثل "جَعْفَر" فتقول: "ضَرْبَب"، ومثل "قِمَطْر": "ضِرَبّ"، ومثل "دِرْهَم": "ضِرْبَب"، ومثل "عَلِم": "ضَرِب"، ومثل "ظَرُف": "ضرُب"، أفلا ترى إلى تصريفك الكلمة على وجوه كثيرة. وكذلك الاشتقاق أيضا، ألا ترى أنك تجيء إلى الضرب الذي هو المصدر فتشتق منه الماضي فتقول: "ضَرَبَ"، ثم تشتق منه المضارع فتقول: "يضرب"، ثم تقول في اسم الفاعل: "ضارب"، وعلى هذا ما أشبه هذه الكلمة. أولا ترى إلى قول رؤبة في وصفه١ امرأة بكثرة الصخب والخصومة:
تشتق في الباطل منها المُمْتَذَق
وهذا٢ كقولك: تتصرف في الباطل، أي: تأخذ في ضروبه وأفانينه. فمن ها٣ هنا تقاربا واشتبكا، إلا أن التصريف وسيطة بين النحو واللغة يتجاذبانه، والاشتقاق أقعد في اللغة من التصريف. كما أن التصريف أقرب إلى النحو من الاشتقاق، يدلك على ذلك أنك لا تكاد تجد كتابا في النحو إلا والتصريف في آخره، والاشتقاق إنما يمر بك٤ في كتب النحو، منه ألفاظ مشردة لا يكاد يعقد لها باب. فالتصريف إنما هو لمعرفة أنفس الكلم الثابتة، والنحو إنما هو لمعرفة أحواله المتنقلة، ألا ترى أنك إذا قلت: "قام بكر، ورأيت بكرا، ومررت ببكر" فإنك إنما خالفت بين حركات حروف٥ الإعراب لاختلاف العامل، ولم تعرض لباقي الكلمة، وإذا كان ذلك كذلك فقد كان من الواجب على من أراد معرفة النحو أن يبدأ بمعرفة التصريف؛ لأن معرفة ذات الشيء الثابتة ينبغي أن يكون أصلا لمعرفة حاله المتنقلة، إلا أن هذا الضرب
_________
١ ظ، ش: صفة.
٢ وهذا: عن ظ، ش، وهو غير واضح في ص.
٣ ها: ساقط من ظ، ش.
٤ بك: ساقط من ظ، ش.
٥ ظ، ش: حرف.
1 / 4
من العلم لما كان عويصا صعبا بُدِئ قبله بمعرفة النحو، ثم جيء به بعد؛ ليكون الارتياض في النحو موطئا للدخول فيه، ومعينا على معرفة أغراضه ومعانيه، وعلى تصرف الحال. فمن أمدّه الله بصفاء القريحة، وأيده بمضاء الخاطر والروية١، وواصل الدرس، وأجشم النفس، وهجر في العلم لَذَّاته، ووهب له أيام حياته؛ امتاز من الجمهور الأعظم، ولحق بالصدر المقدم، ولحظته العيون بالنفاسة، وأشارت إليه الأصابع بالرياسة، وكان موفقا لما يرفعه ويُعْليه، مسددا فيما يقصد له وينتحيه.
قيمة كتاب التصريف للمازني:
ولما كان هذا الكتاب الذي قد شرعت في تفسيره وبسطه من أنفَس كتب التصريف وأسدها وأرصنها، عريقا في الإيجاز والاختصار، عاريا من الحشو والإكثار، متخلصا من كَزَازة ألفاظ المتقدمين، مرتفعا عن تخليط كثير من المتأخرين، قليل الألفاظ، كثير المعاني، عُنيت بتفسير مشكله، وكشف غامضه، والزيادة في شرحه، محتسبا ذلك في جنب ثواب الله، ومزكيا به ما وهبه لي من العلم.
ما يجب على من يطلع على كتاب ذي قيمة:
وحقيق على من٢ نظر في كتاب قد عُني به واضعه٣، وانصرف إلى الاهتمام به مصنفه٣، فحظي منه بأقصى ما طلب، ووصل إلى غايته من كَثَب، أن يحمد الله على ما وهبه له من فهمه، وأن يسلم لصاحبه ما وفره الله عليه
_________
١ الروية: زيادة من ظ وش.
٢ ظ، ش: من قد نظر.
٣، ٣ ما بينهما في ظ، وش: وانصرف بالاهتمام به إليه مصنفه.
1 / 5
من حفظه١، وأن يعتزي فيما يحكيه عنه إليه، فإن فعل ذلك فعلى محجّة أهل العلم والأدب وقف، وإن أبى إلا كفران النعمة فعن المروءة والإنسانية صَدَف.
وأنا أسوق هذا الكتاب شيئا فشيئا، وأتبع كل فصل مما رويته ورأيته ما يكون مقنعا في معناه، ومغنيا عما سواه، فما كان فيما أُورده من سداد وصواب فبتوفيق الله وإرشاده، وإن وقع سهو أو تقصير٢ فما لا يعرى منه الحذاق المتقدمون، ولا يستنكفه العلماء المبرّزون.
والله أستهدي، وإياه أسترشد، وعليه أتوكل، وهو حسبي وكفى.
بسم الله الرحمن الرحيم
رواة كتاب المازني:
٣قال أبو الفتح عثمان بن جني٣: أخبرني الشيخ٤ أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي٥ قراءة مني عليه بحلب، عن أبي بكر محمد بن السري السراج، عن أبي العباس محمد بن يزيد المبرد، عن أبي عثمان بكر بن محمد بن بقية المازني، ﵏ أجمعين٦.
قال أبو عثمان٧:
_________
١ من حفظه: زيادة من ظ وش.
٢ ظ وش: وتقصير.
٣، ٣ ما بينهما زيادة من ظ وش.
٤ الشيخ: ساقط من ظ وش.
٥ النحوي زيادة من ظ وش.
٦ أجمعين: ساقط من ظ، وش، وبعدها في الصلب فيهما ما يأتي: قال أبو الفتح: هو مازن بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، وورد كلام ابن جني هذا في صلب ص كذلك مسبوقا بما يأتي: في الحاشية بخط أبي الفتح بدل قال أبو الفتح، ولما كانت هذه العبارة في الحاشية وضعناها هنا وأسقطناها من الصلب.
٧ ص: قال: قال أبو عثمان المازني.
1 / 6
باب الأسماء والأفعال:
كم يكون عدد١ حروفه في الأصل، وما يزاد فيهما عن الأصل؟
قال أبو الفتح٢: أول ما في هذا أن يسأل فيقال: لِمَ لَمْ يذكر الحروف في هذا الموضع مع الأسماء والأفعال؟ وما السبب في ذلك؟ والجواب٣: أنه إنما قصد أن يمثل الأسماء والأفعال؛ ليُرِي أصلها من زائدها؛ لأنها مما يصرف ويشتق بعضها من بعض، والحروف لا يصح فيها التصريف ولا الاشتقاق؛ لأنها مجهولة الأصول، وإنما هي كالأصوات نحو صَهْ ومَهْ ونحوهما، فالحروف لا تمثل بالفعل؛ لأنها لا يعرف لها اشتقاق، فلو قال لك قائل: ما مثال: هل أوقد أو حتى أو هلا ونحو٤ ذلك من الفعل لكانت مسألته محالا، وكنت تقول له: إن هذا ونحوه لا يمثل؛ لأنه ليس بمشتق، إلا أن تنقلها إلى التسمية بها، فحينئذ يجوز وزنها بالفعل، فأما وهي على ما هي عليه من الحرفية فلا تصرف.
الألفات في أواخر حروف المعاني أصول:
ولهذا المعنى ما كانت الألفات في أواخر الحروف أصولا غير زوائد، ولا منقلبة من واو ولا ياء وذلك نحو: "ما " و"لا"٥ وما أشبههما٥، لا تقل: إن الألف فيهما منقلبة كألف عصا ورحى وغزا ورمى؛ لأنها لو كان أصلها واوا أو ياء لظهرتا لسكونهما، كما ظهرتا في نحو "كي وأي ولو وأو".
_________
١ ظ وش: عددهما.
٢ زادت ص قبل: قال أبو الفتح، ما يأتي: قلت: وفي نسخة أخرى.
٣ ظ، وش: فالجواب.
٤ ظ، وش: أو نحو.
٥، ٥ ظ، وش: ونحوهما.
1 / 7
فلو١ كان أصل ألف " " من الواو لقلت: "مَوْ" كما قلت: "لو" وكذلك لو كانت من الياء٢ لوجب أن تقول٢: "مَيْ" كما قلت: "كي"٣ ولم تقلب ياء "كي" وواو "أو" ألفا٣؛ لأنها إنما تقلب إذا كانت متحركة وما قبلها مفتوح، وهي في الحروف ساكنة كلام "هل وبل"٤، ودال "قد"؛ فلهذا بطل أن تكون منقلبة، ولو قال قائل: إن الألفات في أواخر الحروف زوائد لكان مبطلا؛ لأنه إنما تعرف الزيادة من غيرها بالاشتقاق، والحروف لا تشتق، فلا يعرف ذلك فيها؛ فلذلك لم يذكر الحروف في هذا الموضع٥.
ما في حكم الحروف من الأسماء المبنية:
وقول أبي عثمان: الأسماء: يعني الأسماء المتمكنة، والتي يمكن تصريفها واشتقاقها نحو "رجل وفرس"، ولا يريد الأسماء المبنية الموغلة في شبه الحروف٦؛ لأن تلك الأسماء في حكم الحروف، ألا ترى أن "كم ومن وإذ " سواكن الأواخر "كهل وبل وقد". وإنما كان ذلك فيها لمضارعتها الحروف، وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الألف في "متى وإذا وأنى وإياك" ونحوها غير منقلبة من ياء ولا واو، كما أن الألف "في حتى وكلا" كذلك.
وكما كانت "مَنْ وكم كهل وبل"، فهذه الأسماء المبنية التي٧ في حكم الحروف لا تشتق ولا تمثل من الفعل، كما أن الحروف كذلك.
_________
١ ظ، وش: ولو.
٢، ٢ في ظ، وش: لقلت، وفي هامش ظ من نسخة: لوجب أن يكون.
٣، ٣ زيادة من ظ، وش.
٤ بل: زيادة من ظ وش.
٥ زادت ظ، وش: قال أبو الفتح.
٦ ظ، وش: الحرف.
٧ التي: ساقط من ظ، وش.
1 / 8
ما جاء مشتقا من الأسماء المبنية:
وقد جاء بعض هذه المبنية مشتقا نحو "لبيك"؛ لأنهم يقولون: أَلَبَّ بالمكان، ونحو "قط"؛ لأنها من قططت أي: قطعت؛ لأن قولك: ما فعلته قط معناه: فيما انقطع ومضى من عمرك. وكذلك "ذا وذي والذي" ونحو ذلك مما يدخله التحقير، أو يستعمل استعمال المتصرف، وليس ذلك بالكثير، وكلما كان الاسم في شبه الحروف١ أقعد، كان من الاشتقاق والتصريف أبعد.
الألف في "أنا" في الوقف، والهاء التي تلحق في الوقف لبيان الحركة:
فأما الألف في "أنا" في الوقف فزائدة، وليست بأصل، ولم نقض بذلك فيها من قِبَل الاشتقاق، هذا محال في الأسماء المضمرة؛ لأنها مبنية كالحروف، ولكن قضينا بزيادتها من حيث كان الوصل يزيلها ويذهبها، كما يُذهِب الهاء التي تلحق لبيان الحركة في الوقف، ألا ترى أنك تقول في الوصل: أنا٢ زيد، كما قال الله تعالى: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾ ٣ يكتب في الوقف٤ بألف بعد النون، وليست الألف في اللفظ، وإنما كتبت على الوقف، فصار سقوط الألف في الوصل كسقوط الهاء التي تلحق في الوقف لبيان الحركة في الوصل، ألا ترى أنك تقول: "ارمِهْ" إذا وقفت وأنت تريد "ارْمِ"، فإذا وصلت قلت: "ارمِ يا رجل"، فالألف في "أنا" كالهاء في "ارمِهْ" زائدة مثلها، وبُيِّنت الفتحة بالألف كما بُيِّنت الكسرة٥ بالهاء؛ لأن الهاء مجاورة للألف، ومثل ذلك
_________
١ ظ وش: الحرف.
٢ رسمت أن بدون ألف في ص.
٣ سورة طه ٢٠ من الآية ١٢.
٤ في الوقف: زيادة من ط، ش.
٥ الكسرة: ساقطة من ظ، ش.
1 / 9
ما حكاه سيبويه أن من العرب من يقول في الوقف: "قالا" وهو يريد "قال"، فيبين الحركة بالألف، وقد قالوا١ في الوقف: "أَنَهْ" فبينوا الفتحة بالهاء كما بينوها بالألف، وكلتاهما ساقطة في الوصل.
"إجراء العرب كثيرا من ألفاظها في الوصل مجراها في الوقف":
فأما قول الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني ... حميدا قد تذريت السناما
فإنه أجراه في الوصل على حد ما كان عليه في الوقف، وعلى هذا قول أبي النجم:
أنا أبو النجم وشعري شعري
أي: وشعري الذي سمعت به، وقد أجرت العرب كثيرا من ألفاظها في الوصل على حد ما تكون عليه في الوقف، وأكثر ما يجيء ذلك في ضرورة الشعر، حكى سيبويه عن العرب "ثلاثهَ رْبَعه" بفتح الهاء من ثلاثة وحذف الهمزة من أربعة وإلقاء حركتها على الهاء، وكان قياسه إذا حركها أن يردها تاء، إلا أنها لما كانت هاء في الوقف تركها في الوصل على ذلك، وأنشد سيبويه أيضا:
ضخما يحب الخلق الأضخما
يريد الأضخم خفيف الميم، وهذا التثقيل إنما يكون في الوقف ليعلم باجتماع الساكنين في الوقف أنه متحرك في الوصل، حرصا على البيان؛ لأنه معلوم أنه لا يجتمع في الوصل ساكنان، وعلى هذا قالوا: "خالد، وهو يجعل"، فإذا وصلوا قالوا: "خالدٌ يا فتى" فكان سبيله إذا أطلق الميم في "الأضخم" بالنصب أن يزيل التثقيل، إلا أنه أجراه في الوصل مجراه في الوقف للضرورة، ومثله:
_________
١ في هذا الموضع زادت ظ، ش: في الشعر.
1 / 10
ببازل وجناء أو عيهل ... كأن مهواها على الكلكل
يريد العيهل والكلكل، وهذا أكثر من أن أضبطه لك لسعته وكثرته، والذي أذكر منه ومن أشباهه فوق ما يحتاج إليه استظهارا وتأنيسا بالأمثال والنظائر، فإن سيبويه كثيرا ما كان يعتمد في كتابه على إيراد النظائر ليؤنس بها، فكذلك أجرى الشاعر قوله:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني
في الوصل مجراه في الوقف.
الأصلي والزائد:
وقول أبي عثمان: كم يكون عددهما في الأصل، وما يزاد فيهما على الأصل؟
قال أبو الفتح١: اعلم أنه إنما يريد بقوله الأصل: الفاء والعين واللام، والزائد: ما لم يكن فاء ولا عينا ولا لاما، مثال ذلك قولك: ضرب، فالضاد من ضرب فاء الفعل، والراء عينه، والباء لامه، فصار مثال ضرب: فعل، فالفاء الأصل الأول، والعين الأصل الثاني، واللام الأصل الثالث، فإذا ثبت ذلك، فكل ما زاد على الضاد والراء والباء من أول الكلمة أو وسطها أو آخرها، فهو زائد، ومعنى زائد أنه ليس بفاء ولا عين ولا لام، وليس يعنون بقولهم: زائد أنه لو حُذف من الكلمة لدلت بعد حذفه على ما كانت تدل عليه وهو فيها، ألا ترى أن الألف من ضارب زائدة، فلو٢ حذفتها فقلت: ضَرِب لم يدل على اسم الفاعل بعد الحذف، كما كان يدل عليه قبل الحذف، وكذلك قولهم: مضروب، لو حذفت الميم والواو لم يكن ما بقي من الكلمة
_________
١ قال أبو الفتح: ساقط من ش.
٢ ظ، ش: ولو.
1 / 11
دالا على اسم المفعول، كما يدل عليه "مضروب" بكماله، بل لم يكن يمكن النطق بهذه الكلمة وما أشبهها بعد حذف الميم؛ لأن الضاد بعدها ساكنة، والابتداء بالساكن ممتنع كما تعلم. فمما زيد١ في "ضرب" من أوله قولهم: "استضرب" فالهمزة والسين والتاء زوائد؛ لأنه ليس في ضرب شيء من ذلك، ومثاله: استفعل، وكذلك يضرب الياء زائدة، ومثاله يَفْعِل، والزيادة في وسطه قولك: "ضَرُوب" الواو زائدة، ومثاله: فَعُول، والزيادة في آخره، قولك: "ضَرَبان" فالألف والنون زائدتان، ومثاله: فَعَلان، فالأصول يقابل بها في المثال: الفاء، والعين، واللام. ويُلفَظ بالزائد بعينه لفظا في المثال، ولا يقابل به فاء ولا عين ولا لام؛ لأنه لو كان أحد الثلاثة٢ لكان أصلا لا زائدا، ألا ترى أنك تقول في "ضروب: فعول"، فتأتي في "فعول" بالواو التي كانت في "ضروب" بعينها؛ لأنها زائدة، فإن تكرر الثاني من الأصول وهو العين كررت في المثال العين بإزائه، فتقول في "ضرّب: فعّل" فتثقل العين من "فعّل"؛ لأنها بإزاء الراء من "ضرّب"، فإن تكرر الأصل الثالث وهو اللام، كررت في المثال اللام بإزائه، فتقول في "ضربب: فعلل" جئت في المثال بلامين، لما كان في ضربب باءان، فإن تكرر الأصلان كلاهما، كررت في المثال العين واللام كلتيهما، تقول في "ضَرَبْرَب: فَعَلْعَل" زدت عينا ولاما لما زدت في "ضربرب" راء وباء، والفاء لم تكرر في كلام العرب إلا في حرف واحد، وهو "مرمريس" وهي٣ الداهية والشدة، قال الراجز:
_________
١ ظ، ش: زاد.
٢ ظ، ش: الثلاث.
٣ ظ، ش: وهو.
1 / 12
داهية حدباء مَرْمَرِيس
ومَرْمَرِيت: في معناه، فمثاله من الفعل١ "فَعْفَعيل"؛ لأنه من المراسة وهي الشدة، فتكررت الفاء والعين، ولا نظير لهذه الكلمة، وإنما بسطت هذا الموضع؛ لأن أكثر من يتعرض للنظر في هذا العلم يسمع الأصل والزائد ولا٢ يعرف الغرض فيهما، ولا حقيقة ما يراد بهما، فكشفت هذا المعنى؛ ليشترك في معرفته المبتدئ والمتمكن فيه.
الزيادة للإلحاق ولغيره:
قال أبو عثمان: فمما يزاد ما يلحق بناء ببناء، ومنه ما يكون للمد، ومنه ما يلحق للمعنى، وفيه ما يلحق في الكلام ولا يتكلم به إلا بزائد؛ لأنه وُضع على المعنى الذي أرادوا بهذه الهيئة.
قال أبو الفتح: فصّل في هذه الجمل أنواع الزيادات، وعرّف الغرض في أن زِيدت، وما الذي دعا إلى ذلك.
الزيادة للإلحاق:
فما زِيد فيه للإلحاق كثير، منه "كَوْثَر وصَيْرَف" فالواو والياء فيهما زائدتان؛ لأنهما من الكثرة والصرف، وهما ملحقان "بجعفر وسلهب"، وكذلك "جَدْوَل" الواو فيه زائدة ملحقة "بجعفر" وقد قيل: "جدول" بكسر الجيم، فالواو في هذا ملحقة له ببناء "درهم وهجرع وهبلع"
_________
١ من الفعل: زيادة من ظ، ش.
٢ ظ، ش: فلا.
1 / 13
ومن ذلك "سَمَيْدَع" الياء فيه زائدة ملحقة بفرزدق ومثاله فَعَيْلَل، وكذلك "فَدَوْكس". وهذا١ أكثر من أن أضبطه لك، وإنما أذكر منه ومن نظائره ما يدعو إليه القياس.
الزيادة للمد:
وقوله: ومنه ما يكون للمد، يعني الواو في "عجوز وعمود"، والياء في "جَرِيب وقَضِيب"، والألف في "كتاب وسراج" لم يرد بهذه وما أشبهها إلا امتداد الصوت والتكثير بها، ولأنهم كثيرا ما يحتاجون إلى المد في كلامهم؛ ليكون المد عوضا من شيء قد حذفوه، أو للين الصوت فيه٢، ألا ترى أن الضرب الثالث من الطويل قد أُلزم حرف المد نحو قول الشاعر:
أقيموا بني النعمان عنا صدوركم ... وإلا تقيموا صاغرين الرءوسا
ونحو قول الآخر، أنشدناه أبو علي لقطري بن الفجاءة:
لعمرك إني في الحياة لزاهد ... وفي العيش ما لم ألق أم حكيم
ونحو قول الآخر، قرأته على أبي علي في نوادر أبي زيد:
جزوني بما ربيتهم وحملتهم ... كذلك ما إن الخطوب دوال
فهذه الألف في "دوال"، والياء في "حكيم"، والواو في٣ "الرءوس"، تسمى الردف. وإنما لزمت هذا الضرب لتكون عوضا من لام مفاعيلن، وهذا مبين في علم القوافي، وإنما يعرفه أهل العروض، فلهذا ونحوه ما زِيدت
_________
١ ظ، ش: هذا.
٢ ظ: به.
٣ ظ، ش: من.
1 / 14
هذه١ المدات، وللحاجة١ إلى الاتساع في كلامهم؛ لأنهم قد٢ يعبرون عن المعنى الواحد بالألفاظ الكثيرة، وهذا يضطر إلى الاتساع، فمن ها٣ هنا احتِيج إلى الزوائد المكثرة للكلام.
الزيادة للمعنى:
وقوله: ومنه ما يلحق للمعنى، يريد به نحو التنوين الذي دخل الكلام علامة للخفة والتمكن في الأسماء في نحو "زيدٌ وزيدًا وزيدٍ". ومن ذلك: حروف المضارعة إنما جاءت لتجعل الفعل يصلح لزمانين نحو قولك: زيد يقرأ، ألا ترى أنه يصلح أن يكون إخبارا عنه بأنه في حال قراءة، ويصلح أن يكون يراد به أنه٤ سيقرأ فيما يستقبل، ومن ذلك: ألف "أنا"، إنما زيدت لبيان حركة النون، وقد مضى ذكرها، ومن ذلك: ألف الندبة، إنما زيدت لمد الصوت وإظهار التفجع على المندوب، فهذه الأشياء ونحوها مما زيد للمعنى، ألا ترى أن الدلالة على ذلك٥ المعنى تزول بزوال ذلك الزائد، إلا أن الندبة قد تكون بغير ألف تقول: وا زيدُ٦.
الزيادة من أصل الوضع:
وقوله: "ومنه ما يلحق في الكلام ولا يتكلم به إلا بزائد؛ لأنه وُضع على المعنى الذي أرادوا بهذه الهيئة" فإنما يعنى به: افتقر ونحوه، ألا ترى أن الماضي من هذا اللفظ لم ينطق به إلا على مثال: افتعل، والزيادة لازمة له، وهي
_________
١، ١ بدل ما بينهما في ظ، ش: لامتداد الصوت للحاجة.
٢ قد: زيادة من ظ، ش.
٣ ها: ساقط من ظ، ش.
٤ أنه: ساقط من ظ، ش.
٥ ذلك: زيادة من ظ، ش.
٦ تقول: وا زيد: زيادة من ظ، ش.
1 / 15
الهمزة والتاء في أوله. وقولهم: "فقير" يشهد بأنهم كأنهم١ قد قالوا فيه: "فَقُرَ" مثل "ظَرُفَ فهو ظريف"، هذا أخص به من فَعِلَ وفَعَلَ، وإن كانوا قد قالوا: "شَقِيَ فهو شَقِيّ وقدَر فهو قدير"، فإن باب "فَعِيل" أن يكون "لفعُل" وإذا٢ كانوا قد٣ قالوا: "يَذَرُ ويَدَعُ" ولم يقولوا: "وَذَرَ ولا وَدَعَ" استغناء عنهما "بترك" على ما قال سيبويه، مع أن بين الماضي والمضارع نسبا قريبا، فأن يقولوا: "فقير" ولا يقولوا: "فقر" -وإن كان عليه جاء- أجدر؛ لبعد ما بين الاسم والفعل٤، وإن كان في هذه الأسماء كثير من أحكام الأفعال، فإن الفعل بالفعل أشبه منه بالاسم، وكذلك "اشتد" لم ينطق به بلا زيادة، لم يقولوا: شَدَّ في هذا المعنى، على أن أبا زيد قد حكاها في كتاب٥ مصادره، وقولهم: "شديد" كأنهم قد قالوا فيه: "شدُدت" وإن لم يجيئوا به. قال سيبويه: استغنوا "بافتقر واشتد" عن "فقُرتُ وشددتُ"، كما استغنوا "باحمارّ عن حَمِرَ"، يريد أن "احمارّ" أيضا لم ينطق بالماضي منه إلا بزائد نحو "احمرّ واحمارّ"، قال سيبويه أيضا: كما استغنوا "بارتفع" عن "رفُع" وعليه جاء "رفيع"، يريد أن قولهم: "رَفِيع: فَعِيل" و"فعيل" إنما يأتي من "فعُل" نحو كرم فهو كريم. وكذلك قولهم: "ارْعَوَى الرجل" وزنه افعلَّ ولم أسمعهم استعملوا الماضي منه بلا زيادة، وليس من لفظ رعيت؛ لأن لام "رعيت" ياء، ولام "ارعوى" واو؛ لظهورها٦ كما ترى. وليس "الرعوى من "ارعوى" إنما هي "فَعْلَى" من "رعيت" قُلبت ياؤها واوا، بمنزلة
_________
١ كأنهم: ساقط من ظ، ش.
٢ ص وحاشية ظ: وإذا؛ وظ، ش: وإن.
٣ قد: ساقط من ش.
٤ ظ، ش: من الفعل.
٥ كتاب: ساقط من ظ، ش.
٦ ظ: لظهورهما.
1 / 16
"تَقْوَى"، وكذلك قولهم: "اقطارّ النَّبْتُ واقطَرَّ واشمأززتُ" لم يستعملوها١ إلا بتكرير اللام، فهذا ونحوه مما لم ينطق به إلا بزيادة؛ لأنهم قد يستغنون بالشيء عن الشيء حتى يكون المستغنى عنه مسقطا من كلامهم، ألا ترى أن قولهم: "مَلَامح" إنما هو في القياس جمع "مَلْمَحة"، لا جمع "لمحة"، و"سُمَحاء" إنما هو جمع "سَمِيح" في القياس لا "سَمْح"، و"مَشَابِه" إنما هو جمع "مَشْبَه" لا "شِبْه"، فكأنهم قد نطقوا "بملمحة وسميح ومشبه" لما جاء الجمع عليها، إلا أنهم استغنوا بسمح عن سميح، وبلمحة عن ملمحة، وبشبه عن مشبه حتى صار المستغنى عنه مسقطا، وقد قال بعضهم: "سميح" وهو شاذ في الاستعمال. وإذا٢ كانوا قد نطقوا بالمضارع ولم ينطقوا بالماضي في "وذر وودع" على قرب ما بين الماضي والمضارع، فالجمع على بعده من الواحد أجدر ألا يلزم أن يجيئوا بواحده من أجل مجيئهم به، فهذا شرح هذا.
أبنية الأسماء والأفعال الثلاثية التي لا زيادة فيها:
قال أبو عثمان٣: "فأقل الأصول في الأسماء عددا الثلاثة، نحو زيد وعمرو وبكر وعِدْل وبُرْد وجبل وفَخِذ وعَضُد وزُفَر ومِعًى، والأفعال نحو ضَرَب وعلم وضُرِب وظرُف"٣.
_________
١ ص: لم يستعملوها، ظ، ش: لم يستعملوا، وهامش ظ: لم يستعملها العرب.
٢ ص وهامش ظ: وإذا؛ ظ، ش: وإن.
٣، ٣ بدل ما بينهما في ص:
"فأقل الأسماء أصولا الثلاثية، وكذلك الأفعال، فالأسماء نحو: زيد وعمرو وبكر وعدل وبرد وحمل وجمل وجبل وفخذ وزفر وعضد ومعى، والأفعال نحو: ضرب وعلم وضرب وظرف، فعلى هذا المثال الأسماء في الثلاثة والأفعال".
1 / 17
قال أبو الفتح: اعلم أن الأسماء التي لا زيادة فيها تكون على ثلاثة أصول: أصل ثلاثي، وأصل رباعي، وأصل خماسي، والأفعال التي لا زيادة فيها تكون على أصلين: أصل ثلاثي، وأصل رباعي. ولا يكون فعل١ على خمسة أحرف لا زيادة فيه٢، وأنا أذكر كل أصل في موضعه مستقصى٣ بحول الله وقوته٣.
فالأسماء الثلاثية تكون على عشرة أمثلة: "فَعْل، وفَعَل، وفَعِل، وفَعُل، وفِعْل٤، وفِعِل، وفِعَل، وفُعْل، وفُعُل، وفُعَل" وجميع هذه الأمثلة تكون اسما وصفة، فمثال:
فَعْل ويكون اسما صفة. فالاسم كلب وكعب، والصفة ضخم وخدل.
وفَعَل يكون يكون اسما وصفة. فالاسم رسن وطلل، والصفة بطل وحسن.
وفَعِلٌ يكون اسما وصفة. فالاسم كبد وفخذ، والصفة حذر وفطن.
وفَعُل يكون اسما وصفة. فالاسم رجل وعضد، والصفة يقظ وندس.
وفِعْل يكون اسما وصفة. فالاسم جذع وعدل، والصفة نضو، ونقض.
وفِعِل يكون اسما وصفة. فالاسم إبل وإطل، والصفة قالوا: امرأة بلز، وهي الضخمة٥. وقد قالوا: أتان إبد٥، فأما قول الشاعر:
أرتني حِجْلا على ساقها ... فهش الفواد لذاك الحِجِل
فقلت ولم أخف عن صاحبي ... ألا بأبي أصل تلك الرِّجِل
_________
١ فعل: ساقط من ظ، ش.
٢ ظ، ش: فيها.
٣، ٣ ظ، ش: بعون الله. وفي هامش ظ: بإذن الله، إن شاء الله.
٤ فعل: ساقط من ظ.
٥ و٥ زيادة من ظ، ش.
1 / 18
ويروى بِيبَا١، فإنما أراد به الإتباع لإقامة الوزن وأصل بنائها٢ على "فِعْل" ساكنة العين. ألا ترى أن هذا الشعر من الضرب الثالث من المتقارب ووزنه في العروض فَعَل. وبيته:
وأبني٣ من الشعر شعرا عويصا ... ينسي الرواة الذي قد رووا
فلو أسكن الجيم لفسد البيت كله؛ لأنه كان يصير ضربه على فِعْل، وهذا فاسد ممتنع. وأما قولهم: "رجل جِئِز، ومِحِك، ونِفِر" ونحوه، فإنما أصل بنائه على٤ فَعِل كحَذِر. ولكنهم كسروا فاء الفعل إتباعا من أجل حرف الحلق، كما قالوا: شِعِير وبِعِير، فكسروا فاء الفعل لكسرة عينه وعلى هذا تقول: "في رَغِيف رِغِيف" بكسر الراء. وحكى أبو زيد عن العرب: "الجنة لمن خاف وِعِيدَ اللهِ" ولا تقول: "في جَرِيب وقَفِيز: جِرِيب ولا٥ قِفِيز"؛ لأنه ليس ثاني حروفهما حرفا من حروف الحلق، فهذا تشعب، ثم نعود لما كنا فيه:
وفِعَل: يكون اسما وصفة. فالاسم نحو٦ ضلع وعنب، والصفة: قوم عدى ومكان سوى. وقال النابغة:
باتت ثلاث ليالٍ ثم واحدة ... بذي المجاز تراعي منزلا زيما
وفُعْل: يكون اسما وصفة. فالاسم: قفل وبرد، والصفة: حلو ومر.
وفُعُل: يكون اسما وصفة. فالاسم عنق وطنب، والصفة: سرح وطلق.
وفُعَل: يكون اسما وصفة. فالاسم ربع وخزز، والصفة: ختع وسكع، وقال٧ الراجز:
_________
١ ظ، ش: بئبا.
٢ ظ، ش: بنائهما.
٣ ظ، ش: وأروي بدل: وأبني، وهما روايتان.
٤ على: زيادة في ظ، ش.
٥ لا: ساقط من ظ.
٦ نحو: زيادة من ظ، ش.
٧ ظ: قال.
1 / 19