मुन्किद
المنقذ: قراءة لقلب أفلاطون (مع النص الكامل للرسالة السابعة)
शैलियों
5
وذلك عندما أفضيت إليه بآرائي عن أفضل الأمور للبشرية وحثثته على اتباعه بصورة عملية. فقد تحمس ديون - الذي كان بطبعه سريع الفهم وبخاصة لما قلته له آنذاك - تحمسا شديدا فاق ما عرفته من كل الشبان الذين قابلتهم في حياتي، وقرر أن يعيش حياته الباقية بطريقة مختلفة عن أغلبية الإيطاليين والصقليين؛ إذ كانت الفضيلة عنده أسمى من الملذات والمباهج الحسية؛ ولهذا عاش حياة أثارت عليه حقد حاشية ديونيزيوس
6 (327ب)، وظل الأمر على هذه الحال حتى مماته «أي ديونيزيوس الأب ...» وعندما وقع هذا الحادث داخله الاعتقاد بأن الآراء التي اكتسبها من الفلسفة الحقة قد لا تقتصر عليه وحده، كما تأكد له بالفعل أنها قد انتقلت إلى الآخرين، صحيح أن هؤلاء لم يكن عددهم كبيرا، ولكنهم كانوا مجموعة من اناس على كل حال، وقد كان من رأيه أن ديونيزيوس الشاب يمكن أن يصبح بمعونة الآلهة واحدا منهم، وعندئذ تنعم حياته وحياة سكان سيراقوزة بسعادة تجل عن الوصف، ولهذا كان من رأيه أن أحضر إلى سيراقوزة بأي ثمن لأشارك في تحقيق هذا الهدف؛ إذ لم يكن قد نسي بعد أن لقائي معه قد بث في نفسه الحنين إلى أجمل وأنبل حياة ممكنة. ولقد عقد أكبر الآمال على نجاحه في التأثير على ديونيزيوس، واعتقد أنه لو وفق في مسعاه لاستطاع أن ينشر في ربوع البلاد حياة سعيدة تستحق أن تشرف اسمه
7 (327ج)، وذلك دون حاجة للقتل وسفك الدماء وغيرهما من أعمال العنف التي جرت بالفعل، هكذا تمكن بفضل هذه الأفكار الصحيحة من إقناع ديونيزيوس بأن يرسل في طلبي ، كما توسل إلي في رسائله بأن أبادر إلى الحضور بغير إبطاء، وذلك قبل أن يقع ديونيزيوس تحت تأثير بعض العناصر التي تنفره من الحياة الفاضلة وتغريه بالتحول عن هذا المثل الأعلى إلى حياة أخرى «فاسدة». وقد كانت هذه هي كلماته التي أجتزئ بذكر بعضها حتى لا تشغل حيزا كبيرا: «هل هناك فرصة أخرى أنسب من هذه الفرصة التي هيأتها العناية الإلهية؟» هكذا تساءل «في خطابه»، ثم استطرد في الحديث عن ضخامة المنطقة المحكومة
8 (327ه) في إيطاليا وصقلية، وعن وضعه هو نفسه في هذه المملكة، وعن شباب ديونيزيوس وشغفه بالمعرفة، كما أسهب في تأكيد استعداده للفلسفة والعلم، وأضاف إلى ذلك أن أولاد خئولته وعمومته
9 (328أ) وبقية أقاربه يمكن كسبهم بسهولة في صف المذهب الذي أعلنته واتباعه في الحياة العملية، وأنهم يصلحون أيضا على خير وجه لكسب ديونيزيوس نفسه إلى جانبه. عندئذ يمكن الآن أن يتحقق الأمل في الجمع بين الفيلسوف وحاكم دولة كبرى في شخص واحد.
هكذا أخذ ديون يلح علي بمثل هذه الحجج «والمزاعم المغرية»
10 (328ب)، وكنت أشعر من ناحية بالتخوف من الشباب وعواقب الأمور التي يتصدى لها - فسرعان ما تشتعل ميول الشباب للإقدام على عمل، وسرعان ما تنبو وتتجه إلى عمل آخر معارض له - وكنت أعرف من ناحية أخرى أن ديون خير بطبيعته
11 (328ج)، كما أنه كان يتمتع في ذلك الحين بمزايا العمر الناضج، ومع أنني ترددت بين قبول الدعوة أو عدم قبولها وأخذت أقلب الأمر من كل ناحية؛ فقد بدا لي في النهاية أن هناك أسباب كثيرة ترجح أمامي الآن وجود حالة يتحتم فيها الإقدام على المخاطرة، هذا إذا شاء أحد على الإطلاق أن يحاول وضع آرائه عن القانون ودستور الحكم موضع التنفيذ في الواقع الملموس، فقد كنت الآن بحاجة إلى إقناع إنسان واحد بآرائي لكي أحقق كل الخير الذي قصدت إليه.
هكذا غادرت وطني بعد أن شجعتني هذه الأفكار على الإقدام على المخاطرة، ولم تكن الدوافع التي حركتني إلى ذلك كما تصور بعض الناس، بل كان الدافع الأساسي هو خوفي من الشعور بالخجل من نفسي
अज्ञात पृष्ठ