فلنقل - وبعض هذا صحيح - إن للمدارس هدفا هو خلق الرجال، ولكن أي الرجال يخلقون؟ ولمن يخلقونها؟
الجواب مر مؤلم، كل يغني على ليلاه وليس للوزارة يد في ذلك، إنها لا تستطيع وقف الدف والطبل. العرس قائم، ولكننا في مناحة.
إذا كبر الرجل أفرط في الصراحة؛ فاسمحوا لي أن أسأل من يعنيهم الأمر: ما الذي دعاهم إلى انتحال التربية الوطنية؟ ألم يكن الاسم «وزارة المعارف» أكثر مطابقة؟
إن لبنان لا يعنى بغير التعليم، ويا ليته تعليم كامل فنتعزى!
إن تكويننا الاجتماعي - إن كان لنا تكوين - لا يد لمدارسنا فيه، فنحن (النزوعيين) قد كونا أنفسنا، ولم تستطع مدارسنا أن تخمد نزعاتنا؛ إذن فلنقل وزارة القراءة والكتابة، في اللغة القومية واللغات الأخرى، وإن تشبثوا بهذا اللقب المنسوخ، فإني أسألهم: إذن ما هو هدفنا التربوي؟
قد يجيبون عن سؤالي هذا: هدفنا خلق رجال ذوي أخلاق فاضلة، إنسانيين.
ولكنني أرد على هؤلاء: هذا هدف عام من عهد «كنت» و«بستالوزي» وغيرهما، لا يتفق بحال مع التربية الوطنية، فللتربية الوطنية هدف خاص - أي خلق رجال مختصين ببقعة من الأرض دون غيرها - فهل نعمل لهذا؟ أفي وسع وزارتنا التي سموها وزارة التربية الوطنية أن تقول لمدارس الجمهورية اللبنانية جمعاء: افعلي ولا تفعلي؟
يقول علماء التربية: إن التربية الصالحة لأمة أو فرد ، قد تضر بأفراد آخرين أو بأمة أخرى، فالتربية الحق توحد عواطف الأمة وأفكارها، فتصير شعورها واحدا، وبدون ذلك لا تكون دولة، فالإنسان الذي تتطلبه تربية اليوم ليس الإنسان الآدمي، ولا الذي أوجدته الطبيعة، بل الإنسان الذي تحتاج إليه الأمة، فهي تريده كما تقتضي ظروفها أن يكون، وبوسعنا أن نستعير هنا ذلك التحديد البياني للبلاغة العربية: مطابقة مقتضى الحال.
هذا رأي دركايم وغيره، فهل لعلماء التربية عندنا رأي يناهضه؟ وماذا تخلق مدارسنا يا ترى؟ ماذا تغرس من المشاعر والأفكار العامة التي هي سر قوة الشعب، ولا وطن ولا حول ولا قوة إلا بها؟
وتعلم الوزارة أن التربية تطورت في أمم العالم، ومثلنا على هذا دولة فرنسا.
अज्ञात पृष्ठ