السَّاعَة الَّتِي يقف فِيهَا وَفد الله وحجاج بَيته بِعَرَفَات وَلَا يزالون فِي خضوع وَدُعَاء وابتهال وتوسل إِلَى الله تَعَالَى بِحجاج بَيته إِلَى أَن تغيب الشَّمْس فينفرون كَمَا ينفر الْحَاج بَاكِينَ على مَا حرمُوهُ من ذَلِك الْموقف الشريف بِعَرَفَات داعين إِلَى الله تَعَالَى أَن يوصلهم إِلَيْهَا وَلَا يخليهم من بركَة الْقبُول فِيمَا فَعَلُوهُ
لَهُم أَيْضا فِي أَتبَاع الْجَنَائِز رُتْبَة عَجِيبَة وَذَلِكَ انهم يَمْشُونَ إِمَام الْجِنَازَة والقراء يقرؤون الْقُرْآن بالأصوات الْحَسَنَة والتلاحين المبكية الَّتِي تكَاد النُّفُوس تطير لَهَا رقة وهم يصلونَ على الْجَنَائِز بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع قبالة الْمَقْصُورَة فان كَانَ الْمَيِّت من أَئِمَّة الْجَامِع أَو مؤذنيه أَو خُدَّامه ادخلوه بِالْقِرَاءَةِ إِلَى مَوضِع الصَّلَاة عَلَيْهِ وان كَانَ من سواهُم قطعُوا الْقِرَاءَة عِنْد بَاب الْمَسْجِد ودخلوا بالجنازة وَبَعْضهمْ يجْتَمع لَهُ بالبلاط الغربي من الصحن بمقربة من بَاب الْبَرِيد فَيَجْلِسُونَ وإمامهم ربعات الْقُرْآن يقرؤون فِيهَا ويرفعون أَصْوَاتهم بالنداء لكل من يصل للعزاء من كبار الْبَلدة وأعيانها وَيَقُولُونَ بِسم الله فلَان الدّين من كَمَال وجمال وشمس وَبدر وَغير ذَلِك فَإِذا أَتموا الْقِرَاءَة قَامَ المؤذنون فَيَقُولُونَ افتكروا واعتبروا صَلَاتكُمْ على فلَان الرجل الصَّالح الْعَالم ويصفونه بِصِفَات من الْخَيْر ثمَّ يصلونَ عَلَيْهِ ويذهبون بِهِ إِلَى مدفنه هَذَا وَقد انْقَطَعت تِلْكَ الْعَادَات واضمحلت واستبدلت بغَيْرهَا مِمَّا سَنذكرُهُ أثْنَاء هَذَا الْكتاب أَن شَاءَ الله تَعَالَى
تَرْجَمَة التكريتي مُجَدد الْمدرسَة
طلبت من السَّيِّد مُحَمَّد أَمِين التكريتي الصَّالِحِي تَرْجَمَة مُجَدد هَذِه الْمدرسَة فَكتب أَلِي مَا صورته
هُوَ السَّيِّد إِسْمَاعِيل ابْن السَّيِّد عَليّ ابْن السَّيِّد إِسْمَاعِيل من بني التكريتي وهم عائلة كَبِيرَة فِي صالحية دمشق وأصلهم من مَدِينَة تكريت وَهِي على شاطئ دجلة قريبَة من الْموصل وَأَقَامُوا بِدِمَشْق من مُدَّة تزيد على السبعمائة سنة وَكَانَ من هَذِه العائلة فضلاء واعيان
قلت وَسَتَأْتِي تَرْجَمَة جدهم الْأَعْلَى فِي هَذَا الْكتاب أَن شَاءَ الله تَعَالَى سنة سِتّ
1 / 56