المحتاجين وَلم يزل وجيها مُعظما عِنْد أَرْبَاب الدولة من الْمُلُوك والنواب والأمراء وَغَيرهم إِلَى أَن توفّي ببستانه سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة عَن ثَمَانِينَ سنة وَدفن بتربته بسفح قاسيون وَله فِي الصالحية رِبَاط حسن بمئذنة وَفِيه دَار حَدِيث قَالَه ابْن كثير وَهِي دَار الحَدِيث الَّتِي ترجمناها سَابِقًا وَله بر وَصدقَة
وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ فِي تَرْجَمَة الْوَاقِف كَانَ محتشما مُعظما متنغما على الوزارة وَغَيرهَا وروى عَن الْبُرْهَان وَابْن عبد الدَّائِم
مسامرة خيال
لَاحَ فِي خيالي قبل الشُّرُوع فِي هَذَا التَّأْلِيف أَن استقصي أوقاف كل مدرسة واصفها وَصفا تَاما فَلَمَّا شرعت فِي الْكِتَابَة فَإِذا أَنا كالقابض على الْهَوَاء لِأَنِّي لم أجد من آثَار غَالب الْمدَارِس إِلَّا هباء منثورا وَمن اسْمهَا والتعريف بمحلها إِلَّا مَا هُوَ مسطور فِي بطُون الْكتب فَكنت اقضي الْأَيَّام متجولا واكثر التسآل حَتَّى أجد بعض اثر أَو اهتدي إِلَى اسْم مَكَان خُصُوصا وَأَنا نزيل تِلْكَ الْمَدِينَة الزاهرة وَرُبمَا كَانَ يدلني على الْأَثر قبر الْوَاقِف أَن كَانَ لَان أَصْحَابنَا اصْطَلحُوا على اختلاس الْمدرسَة ووقفها ومسجدها وَلم يجسروا على ابتلاع قبر الْوَاقِف فَللَّه در صَلَاحهمْ وَلَو سمحت نُفُوسهم بابتلاع الْقَبْر أَيْضا لايسنا من مُشَاهدَة طلل فَمن ثمَّ ترى بستانا وَهُوَ نزهة الناظرين وَفِيه قبَّة عالية بهَا قبر عَظِيم فَإِذا سَأَلت عَنهُ قيل لَك هَذَا قبر الْوَالِي الْفُلَانِيّ أَو الصَّحَابِيّ ويسميه باسم غَرِيب وَيكون اصل ذَلِك الْبُسْتَان مدرسة أَو جَامعا فاختلس مكانهما وغرس بالأشجار وَأعْطِي الْقَبْر لقب ولي أَو صَحَابِيّ وَرُبمَا قيل عَنهُ نَبِي ثمَّ مَعَ مُرُور الزَّمن يخترعون لَهُ مَنَاقِب وكرامات ويعلقون الْخرق فَوْقه لصرف أفكار البسطاء نَحوه وإقبالهم على زيارته وبذل الدَّرَاهِم لخدامته فيجعلونه كشجرة يقصدون ثَمَرهَا بكرَة وعشيا وحينا كنت اسْتدلَّ على الْمدرسَة باسم الزقاق أَو الدَّرْب الْمُسَمّى باسمها أَو باسم واقفها كَمَا أَنِّي حرت فِي معرفتي للمدرسة الكروسية فَلم اقدر على معرفَة محلهَا لاندراسها ودخولها فِي الدّور فَبَيْنَمَا أَنا افتش إِذْ بِرَجُل قَالَ لي هَذَا مقَام السّلمِيّ وَهُوَ صَحَابِيّ جليل وَهَذَا الزقاق يُسمى باسمه فَنَظَرت فِي تَرْجَمَة وَاقِف الكروسية فَإِذا هُوَ السّلمِيّ فاهتديت إِلَى مَكَانهَا
1 / 53