أَبْوَاب دمشق
لما كَانَ لمعْرِفَة أَبْوَاب دمشق فَائِدَة كَبِيرَة أثْنَاء التَّعْرِيف بالمدارس الْقَرِيبَة مِنْهَا وَتقدم بعض من بَيَانهَا ردفنا هُنَا بَيَان ذَلِك بِالْبَاقِي مِنْهَا ليَكُون كالتتمة والايضاح فَقُلْنَا من تَأمل الْآثَار الْمَوْجُودَة بِدِمَشْق علم يَقِينا بِأَنَّهَا كَانَت فِي سَابق أعوامها معقلا حصينا وموطنا حَرْبِيّا مهما بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَنّ الْحَرْبِيّ الَّذِي كَانَ فِي تِلْكَ الْأَيَّام وَمن وقف إِمَام أَبْوَابهَا وَرَأى سورها الَّذِي كَانَ محيطا بهَا إحاطة السوار بالمعصم وَالْخَنْدَق الْمُحِيط بِهِ تجلت لَهُ أبهة الْجلَال وتصور تحصينها أَيَّام كَانَت فِيهَا محاصرة وَهِي تدافع عَن حوزتها وأسودها يحْمُونَ ذَلِك العرين ويحنون لصلصة السيوف ويرتاحون للمعانها وَرَأى سطور الْبَطْش والسطوة مرسومة على سورها وأبوابها كَمَا انه إِذا تَأمل مدارسها علم مِنْهَا شدَّة اعتناء أَهلهَا بالعلوم واعتناء أبطالها بالات الْحَرْب وشغفهم بهَا ومهارتهم فِي تحقيقها وَمَعْرِفَة طرق أَدَائِهَا وشغف أسودها ومهارتهم بفنون الْحَرْب والشجاعة والإقدام فَليعلم المتأمل الْجِهَتَيْنِ وليتفكر فِي آثَار الموضوعين ولنرجع لما كُنَّا بصدده فَنَقُول
قد تقدم التَّعْرِيف بِبَاب الْفرج ومكانه وَهَذِه الْأَبْوَاب الْخَمْسَة الْمُتَقَدّمَة جَمِيعهَا حَادث وَهِي فِيمَا بَين بَاب الْجَابِيَة وَبَاب الفراديس إِلَّا بَاب السَّلامَة وَلم يبْق مَوْجُودا مِنْهَا الْآن إِلَّا بَاب الْفرج واخبرني الثِّقَات انه كَانَ بَاب عَظِيم فِي أول السُّوق الْمَعْرُوف الْآن بسوق الاروام من جِهَة الغرب بِالْقربِ من سراي العسكرية فَلَمَّا بني السُّوق على الْهَيْئَة الْمَوْجُودَة الْآن هدم فَلم يبْق لَهُ اثر
وَأما بَاب الْجَابِيَة فَهُوَ من غربي الْبَلَد قَالَ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه هُوَ مَنْسُوب إِلَى قَرْيَة الْجَابِيَة لَان الْخَارِج إِلَيْهَا يخرج مِنْهُ لكَونه مِمَّا يَليهَا وَكَانَ هَذَا الْبَاب ثَلَاثَة أَبْوَاب الْأَوْسَط مِنْهَا كَبِير وَمن جانبيه بَابَانِ صغيران على مِثَال مَا كَانَ الْبَاب الشَّرْقِي وَكَانَ من الثَّلَاثَة أَبْوَاب ثَلَاثَة أسواق معقدة من بَاب الْجَابِيَة إِلَى الْبَاب الشَّرْقِي
1 / 39