الممتع في شرح المقنع
تصنيف
زين الدين المنجى بن عثمان بن أسعد ابن المنجى
التنوخي الحنبلي
(٦٣١ - ٦٩٥ هـ)
الجزء الأول
دراسة وتحقيق
د. عبدالملك بن عبدالله بن دهيش
1 / 1
جميع الحقوق محفوظة للمحقق
د. عبدالملك بن دهيش
الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ، ١٩٩٧ م
الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ، ١٩٩٧ م
الطبعة الثالثة ١٤٢٢ هـ، ٢٠٠٢ م
يطلب من
مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثالثة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد لقي كتاب "الممتع في شرح المقنع" للعلامة ابن المنجى الحنبلي -ولله الحمد والمنة- قبولًا لدى العلماء وطلاب العلم الشريف.
ويعود ذلك إلى سهولة عبارة المصنف، وحسن تقسيم المصنف للمسائل، مما يجعل الكتاب قريبًا إلى الناس.
ويسرنا أن نقدم الطبعة الثالثة للكتاب بعد نفاد طبعتيه الأولى والثانية.
وتتميز هذه الطبعة بما يلي:
١ - إعادة النظر في بعض المواطن من الكتاب، والرجوع إلى الأصول الخطية والمراجع الحنبلية لتصويبها.
٢ - إعادة تقسيم الكتاب وجعله في أجزاء أربعة وذلك ليسهل الرجوع إليه.
نسأل الله أن يسدد أعمالنا. وأن يتقبل منا هذا العمل قبولًا حسنًا. إنه أكرم مسؤول.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. آمين.
مكة المكرمة
.................. كتبه
............... عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
.................. ١/ ١/١٤٢٢ هـ
1 / 3
صفحة فارغة
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، وأتباعه إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن كتاب «المقنع» للإمام موفق الدين ابن قدامة (ت ٦٢٠ هـ) قد حظي بمنزلة عظيمة عند الفقهاء الحنابلة، وقد انكب عليه طلبة العلم حفظًا ودرسا ومذاكرة. كما اعتنى به الفقهاء وألفوا المصنفات حوله: فمن شارح وواضع حاشية عليه ومختصر وناظم وجامع له مع كتب أخرى.
وكان من أوائل من قام بشرحه، العلامة الشيخ زين الدين المنجى بن عثمان ابن أسعد ابن المنجى (ت ٦٩٥ هـ). والذي ينحدر من أسرة علمية عريقة في العلم وفي خدمة المذهب الحنبلي. حيث تولت أسرة بيت المنجى مشيخة المدرسة المسمارية في دمشق. وذلك بدءا من الشيخ أسعد ابن المنجى جَدُّ المصنف. وانتهاء بقاضي القضاة علاء الدين ابن المصنف.
وقد تناول ابن المنجى «المقنع» عبارة عبارة شارحًا إياها شرحًا وافيًا في عبارة سهلة، وسبك بديع. ذاكرًا الروايات والأوجه، مدللًا لكل رواية أو وجه بالأدلة العقلية والنقلية. ذاكرًا آراء الأصحاب في كل مسألة.
ونرى الإمام ابن المنجى يتميز في كتابه بسوق الأدلة العقلية لكل رأي أكثر مما نجده عند غيره. ثم يعقبه بالأدلة النقلية من الكتاب والسنة مخرجًا إياها من الكتب المشهورة. ثم يوجهها.
1 / 5
وقد كان كتاب «الممتع» مصدرًا مهمًا لمن أتى بعده من علماء الحنابلة. نذكر منهم العلامة المبدع أبا الحسن المرداوي (ت ٨٨٥ هـ) في كتابه الكبير «الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» حيث عده من جملة مصادره.
وقد قمت بعمل دراسة للكتاب، وقد جاءت هذه الدراسة في مباحث ستة:
المبحث الأول: حياة المؤلف.
المبحث الثاني: ترجمة لمؤلف «المقنع» العلامة موفق الدين ابن قدامة.
المبحث الثالث: أهمية كتاب «الممتع».
المبحث الرابع: منهج ابن المنجى في كتابه «الممتع».
المبحث الخامس: موارد ابن المنجى في كتابه «الممتع».
المبحث السادس: النسخ الخطية للكتاب.
نسأل الله أن يسدد أعمالنا. وأن يتقبل منا هذا العمل قبولًا حسنا. إنه أكرم مسؤول.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. آمين.
مكة المكرمة
.................. كتبه
............... عبدالملك بن عبدالله بن دهيش
.................. ١/ ٧/١٤١٧ هـ
1 / 6
المبحث الأول
حياة المؤلف
زين الدين المنجى بن عثمان ابن المنجى
1 / 7
صفحة فارغة
1 / 8
حياة المؤلف:
زين الدين المنجى بن عثمان ابن المنجى (١)
زين الدين المنجى بن عثمان بن أسعد بن المنجى بن بركات التنوخي الحنبلي (٦٣١ - ٦٩٥ هـ) (٢).
اسمه ونسبه
زين الدين المنجى بن عثمان بن أسعد بن المنجى بن بركات بن المؤمل التنوخي، المعري الأصل، الدمشقي، الحنبلي، أبو البركات.
مولده
ولد في عاشر ذي القعدة سنة ٦٣١ هـ لأسرة علمية عريقة، ونشأ وترعرع وتربى في كنف والده الصدر عز الدين أبي عمر عثمان.
_________
(١) اختلفت النسخ في رسم اسم «المنجى» ففي ببعضها ورد بالألف المقصورة، وفي أخرى ورد بالألف الممدودة. والصحيح رسمها بالألف المقصورة ر القاموس. مادة «نجا».
(٢) مصادر ترجمته: الأعلام للزِّرِكْلي ٧: ٢٩١، البداية والنهاية لابن كثير ١٣: ٣٤٥، تاريخ الإسلام للذهبي ٣٤: ١٨٣ - ١٨٤ وفي ٢١: ٢٥٢ - ٢٥٣، الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي. ٢: ٧٣، الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد. ١: ٤٣٧ - ٤٣٨، الدليل الشافي على المنهل الصافي لابن تغري بردي: ٢: ٧٤٣، ذيل طبقات الحنابلة ٢: ٣٣٢ - ٣٣٣، شذرات الذهب في أخبار من ذهب لأبي الفلاح عبدالحي بن العماد الحنبلي (ت ١٠٨٩ هـ). وقد وردت فيه ترجمة مقتضبة للمصنف. ٥: ٤٣٣، لحظ الألحاظ لابن فهد المكي ص: ٩٢، مختصر طبقات الحنابلة ١٢٩، المدخل لمذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران الدمشقي (ت ١٣٤٦ هـ) ص: ٢١١، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة، وفيه ترجمة مختصرة عنه () ١٢: ٧ - ٨، مفاتيح الفقه الحنبلي: تأليف الدكتور سالم علي الثقفي. ٢: ١٣٠، المقصد الأرشد: ٣: ٤١، المنهج الأحمد ٤٠٦، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ٧: ٧٧، هدية العارفين. ٢: ٤٧٢، الوافي للصفدي ٢٦: ٧٧ - ٧٨.
1 / 9
أسرته:
لم يجتمع لأسرةٍ من الفضل والعلم وخدمة المذهب الحنبلي ما اجتمع لأسرة بيت المنجى في عصرهم، فقد تولى أبناؤها القضاء والتدريس والإفتاء، كما أنهم تعاقبوا على مشيخة المدرسة المسمارية التي بناها الشيخ مسمار الهلالي الحوراني المقرئ (١) (ت ٥٤٦ هـ) لوجيه الدين أسعد بن المنجى وجعلها وقفًا عليه وعلى ذريته (٢). وصنفوا التصانيف النافعة.
فجده الإمام العلامة شيخ الحنابلة وجيه الدين أبو المعالي أسعد بن المنجى بن أبي المنجى بركات بن المؤمل.
ولد سنه تسع عشرة وخمسمائة.
تفقه في دمشق على شرف الإسلام عبدالوهاب ابن أبي الفرج الحنبلي، ثم رحل إلى بغداد فتفقه على الشيخ عبدالقادر الجيلي، والشيخ أحمد الحربي.
وسمع من أبي الفضل الأُرموي، وأنوشتكين الرَّضواني، وأبي جعفر أحمد ابن محمد العباسي، وسمع بدمشق من نصر بن مقاتل، وطائفة.
روى عنه الشيخ موفق الدين ابن قدامة، وابن خليل، والضياءُ، والحافظ المُنذري، والشهاب القوصي، وابن أبي عمر، والفخر ابن البخاري، وجماعة.
وله شعر جيد، ومعرفة تامة، وجَلالة وافرة.
وله تصانيف، منها: كتاب «الخلاصة» في الفقه في مجلد، وكتاب «العمدة» في الفقه أصغر منه، وكتاب «النهاية في شرح الهداية» في بضعة عشر مجلدا.
وولي قضاء حَرّان في دولة الملك نور الدين.
توفي في جمادى الآخرة سنة ست وستمائة (٣).
_________
(١) ر الدارس ٢: ١١٤.
(٢) سير أعلام النبلاء للذهبي ٢١: ٤٣٧.
(٣) ر الذيل على طبقات الحنابلة: ٢: ٤٩ - ٥٠، والمنهج الأحمد: ٣٢٢، ومختصره: ٩٣، والمقصد الأرشد: ١: ٢٧٩، وسير أعلام النبلاء: ٢١: ٤٣٦ - ٤٣٧، والعبر: ٥: ١٧، والقلائد الجوهرية: ٢: ٤٢١، وشذرات الذهب: ٥: ١٨، والنجوم الزاهرة: ٦: ٩٩.
1 / 10
ووالده العلامة الشيخ عز الدين أبو الفتح عثمان بن أسعد.
ولد في محرم سنة سبع وستين وخمسمائة.
سمع بمصر من البوصيري ويعقوب بن الطفيل، وببغداد من ابن بوش وابن سكينة وغيره.
وسمع منه الحافظ ابن الحاجب وابن الحلوانية وولداه وجيه الدين وزين الدين والحسن بن الخلال.
وكان فقيها فاضلا معدلا، ودرس بالمسمارية نيابة عن أخيه.
وكان تاجرا ذا مال وثروة.
توفي في مستهل ذي الحجة سنة واحد وأربعين وستمائة (١).
وعمه العلامة شمس الدين أبو الفتوح عمر بن أسعد.
ولد بحران سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
نشأ بها وتفقه على والده وسمع من عبدالوهاب بن أبي حبة وقدم دمشق فسمع بها من القاضي أبي سعد بن أبي عصرون وغيره، ورحل إلى العراق وخراسان، وسمع ببغداد، واشتغل بالخلاف على المحبر الشافعي، وأفتى ودرس، وكان عارفا بالقضاء بصيرا بالشروط والحكومات والمسائل الغامضات صدرا نبيلا، وولي قضاء حران قديما واستوطن دمشق، ودرس بالمسمارية، وحدث عنه البِرْزالي وابن العديم وغيرهما، وأجاز لابن الشيرازي.
توفي في سابع عشر ربيع الآخر سنة واحد وأربعين وستمائة. ودفن بسفح قاسيون (٢).
_________
(١) ذيل طبقات الحنابة ٢: ٢٢٦، شذرات الذهب ٥: ٢١١ - ٢١٢.
(٢) شذرات الذهب ٥: ٢١٠ - ٢١١.
1 / 11
وأما عن أولاده فقد خلّف كلًاّ من قاضي القضاة علاء الدين، وشرف الدين. وقد وليا بعده المدرسة المسمارية (١).
أما علاء الدين: فهو قاضي القضاة أبو الحسن علي بن المنجّى التنوخي.
ولد ليلة النصف من شعبان سنة سبع وسبعين وستمائة. سمع من الفخر علي، وطائفة فأكثر، ودرَّس في الصدرية والمسمارية، وولي القضاء. وكان خيّرًا عفيفًا زاهدًا (٢).
وأما شرف الدين: فهو أبو عبدالله محمد بن زين الدين المنجّى التنوخي.
ولد سنة خمس وسبعين وستمائة. سمع الحديث، ودرس، وأفتى. ودرس في المسمارية. وتوفي ليلة الاثنين رابع شوال سنة أربع وعشرين وسبعمائة (٣).
نشأته وطلبه للعلم:
لا تسعفنا المصادر بمعلومات مفصلة عن صباه وشبابه، إلا من الواضح أنه تلقى العلم على يد والده عز الدين، ونهل من علومه وآدابه، وكذلك من علماء عصره الذين خلفوا شيخ الحنابلة الكبير الإمام الموفق ابن قدامة (ت ٦٢٠ هـ).
وقد سمع من السخاوي صحيح مسلم (٤)، وسمع من التاج القرطبي والرشيد بن مسلمة والقرطبي وجماعة.
وتفقه على أصحاب جده أبو المعالي أسعد بن المنجى وأصحاب الشيخ موفق الدين.
وقرأ الأصول على كمال الدين التفليسي. وقرأ النحو على ابن مالك (٥).
_________
(١) البداية والنهاية ٧: ٣٤٥. الدارس ٢: ٧٣.
(٢) ترجمه الذهبي في معجم الشيوخ ٢: ٥٩ - ٦٠، وابن رجب في الذيل على الطبقات ٢: ٤٤٧، وابن حجر في الدرر الكامنة ٣: ٢٠٩، وابن كثير في البداية والنهاية ١٤: ٢٠٠.
(٣) له ترجمة في معجم الشيوخ للذهبي ٢: ٢٨٩ - ٢٩٠، وذيل الطبقات لابن رجب ٢: ٣٧٧، والبداية والنهاية ١٤: ١٠١، والدرر الكامنة ٥: ٣٥.
(٤) الوافي ٢٦: ٧٦ أ.
(٥) شذرات الذهب ٥: ٤٣٣، وذيل طبقات الحنابلة ٢: ٣٣٢، والوافي ٢٦: ٧٧ ب.
1 / 12
«وسمع الحديث وتفقه، فبرع في فنون من العلم كثيرة من الأصول والفروع والعربية والتفسير وغير ذلك».
وقد نبغ في الفقه الحنبلي وانتهت إليه رياسة المذهب، وتولى مشيخة المدرسة المسمارية في دمشق.
مصنفاته
الممتع في شرح المقنع. وهو الكتاب الذي نقوم بتحقيقه، وسوف يأتي الحديث عنه.
شرح المحصول، ولم يكمله، واختصر نصفه.
تفسير القرآن الكريم في مجلدات، وهو كبير، لكنه لم يبيضه، وألقاه جميعًا دروسًا.
وله تعاليق كثيرة ومسودات في الفقه والأصول لم يبيّضها (١).
أخلاقه وثناء العلماء عليه
قال الإمام الذهبي: «كان معروفا بالذكاء، وصحة الذهن، وجودة المناظرة، وطول النفس في البحث» (٢).
وقال ابن كثير: «كان قد جُمع له بين حسن السمت والديانة والعلم والوجاهة وصحة الذهن والعقيدة والمناظرة وكثرة الصدقة، ولم يزل يواظب على الجامع للاشتغال متبرعا» (٣).
وقال البِرْازلي: «كان عالما بفنون شتى: من الفقه، والأصلين، والنحو. وله يد في التفسير ... واجتمع له العلم والدين، والمال والجاه وحسن الهيئة.
_________
(١) الذيل لابن رجب ٢: ٣٣٢، والمدخل لابن بدران ص: ٢١١، وهدية العارفين ٢: ٤٧٢ والوافي ٢٦: ٧٨ أ.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة ٢: ٣٣٣.
(٣) البداية والنهاية ٧: ٣٤٥.
1 / 13
وكان صحيح الذهن، جيد المناظرة صبورا فيها. وله بر وصدقة وكان ملازما للإقراء بجامع دمشق من غير معلوم» (١).
وسئل الشيخ جمال الدين بن مالك أن يشرح ألفيته في النحو؟ فقال: ابن المنجى يشرحها لكم (٢).
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: كانت له أوراد صالحة من صلاة وذكر. وله إيثار كثير وبر. يفطر عنده الفقراء في بعض الليالي. وفي شهر رمضان كله. وكان حسن الأخلاق (٣).
تلاميذه:
درّس الشيخ زين الدين بالحنبلية والصدرية وكان شيخ المسمارية، وأخذ عنه الفقه ابن تيمية، والشيخ شمس الدين بن الفخر البعلي، والشيخ تقي الزريراني، وابن أبي الفتح.
وحدث وسمع منه ابن العطار، والمزي، والبِرْزَالي (٤).
وفاته:
توفي يوم الخميس رابع شعبان سنة خمس وتسعين وستمائة بدمشق (٥). وتوفيت زوجته أم محمد ست البهاء بنت الصدر الخُجندي ليلة الجمعة خامس الشهر، وصُلي عليهما معا عقيب صلاة الجمعة بجامع دمشق، ودفنا بتربة بيت المنجى بسفح قاسيون. رحمهما الله تعالى (٦).
_________
(١) ذيل طبقات الحنابلة ٢: ٣٣٣.
(٢) المصدر السابق. والوافي ٢٦: ٧٨ أ.
(٣) ذيل طبقات الحنابلة ٢: ٣٣٣.
(٤) ذيل طبقات الحنابلة ٢: ٣٣٣، وشذرات الذهب ٥: ٤٣٣.
(٥) ذكره في النجوم الزاهرة (٧: ٧٧) في وفيات أربع وتسعين. وذكر الصفدي في (الوافي ٢٦: ٧٧ ب) وابن تغري بردي في (الدليل الشافي ٢: ٧٤٣) أنه توفي سنة ست وتسعين.
(٦) ذيل طبقات الحنابلة ٢: ٣٣٣.
1 / 14
المبحث الثاني
ترجمة الإمام مو فق الدين ابن قدامة
صاحب «المقنع»
1 / 15
صفحة فارغة
1 / 16
الإمام موفق الدين ابن قدامة
(٥٤١ - ٦٢٠ هـ) (١)
اسمه ونسبه:
شيخ الاسلام موفق الدين أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قُدامة بن مِقدام بن نصر المقدسيُّ الجَمَّاعيليُّ الصالحي الحنبلي (٢). ينتهي نسبه إلى الإمام سالم ابن عبدالله بن عمر الفقيه المدني.
مولده ونشأته:
ولد بجَمَّاعيل من عمل نابلس بفلسطين في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمس مئة. ونشأ فيها نشأته الأولى، وكانت فلسطين قد توطدت فيها دعائم الإسلام بهزيمة الصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبي ﵀.
وكان تام القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدعج، كأن النور يخرج من وجهه لِحُسنه، واسع الجبين، طويل اللحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، مُمَتّعًا بحواسه (٣).
_________
(١) مصادر ترجمته: البداية والنهاية: ١٣: ٩٩ - ١٠١، التكملة للمنذري ٣: ١٠٧، التقييد لابن نقطة: ٢: ٧٨، التاج المكلل للقِنَّوْجي ٢٢٩ - ٢٣١، التكملة لوفيات النقلة: ٣: ١٠٧، ذيل طبقات الحنابلة: ٢: ١٣٢ - ١٤٩، ذيل الروضتين لأبي شامة ١٣٩ - ١٤٢، سير أعلام النبلاء: ٢٢: ١٦٥ - ١٧٣، شذرات الذهب: ٥: ٨٨ - ٩٢، العبر: ٥: ٧٩، فوات الوفيات: ٢: ١٥٨ - ١٥٩، معجم البلدان ٢: ١١٣ - ١١٤، المختصر المحتاج إليه ٦: ١٣٤ - ١٣٥، دول الإسلام ٢: ٣٩، مرآة الزمان ٨: ٦٢٧ - ٦٣٠، مختصر المنهج الأحمد: ١٠١، مختصر طبقات الحنابلة: ٤٥، مختصر ذيل طبقات الحنابلة: ٥٦، مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ٢: ٦٢٧ - ٦٣٠، معجم البلدان ٢: ١٦٠، المقصد الأرشد: ٢: ١٥، المنهج الأحمد: ٣٥٠، النجوم الزاهرة: ٦: ٢٥٦، كما أن الحافظ ضياء الدين المقدسي أفرد ترجمة للشيخ في جزئين. وكذلك أفردها الحافظ الذهبي ().
(٢) المصدر السابق ٢: ١٣٣.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢٢: ١٦٦ - ١٦٧.
1 / 17
وكان والد الموفق الإمام أبو العباس أحمد بن محمد بن قدامة رئيس هذا البيت المبارك. والشجرة الطيبة الطاهرة. وهو من أهل العلم والفضل والصلاح والزهد. وكان خطيب جمّاعيل.
هاجر إلى دمشق مع أخيه الشيخ أبي عمر وابن خالتهما الحافظ عبدالغني بن عبدالواحد الجماعيلي وابن أختهما الضياء صاحب المختارة وبنوهم وذووهم. وله عشر سنين. ونزلوا هناك في مسجد يعرف بمسجد أبي صالح ظاهر الباب الشرقي.
ثم انتقلوا بعد سنتين إلى سفح قاسيون من صالحية دمشق التي عناها ابن قاضي الجبل بقوله:
الصالحية جنة ... والصالحون بها أقاموا
فعلى الديار وأهلها ... مني التحية والسلام
وأنشأوا لهم حيًا في سفحه، وأصبحت لهم فيها مكانة مرموقة في العلم والإمامة والصلاح. فقصدهم طلبة العلم من فلسطين وغيرها وانضموا إلى حلقتهم.
وكان الموفق في هذه المدة مشتغلًا بحفظ القرآن، ومبادئ العلوم، ومتون فقه المذهب. ومنها مختصر الإمام أبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي المتوفى بدمشق سنة ٣٣٤ هـ.
طلبه للعلم ورحلاته:
ولما بلغ الإمام الموفق العشرين من عمره رحل إلى مدينة السلام بغداد. موطن الأئمة الكرام والعلماء الأعلام لطلب العلم الشريف. وصحبه في هذه الرحلة الإمام الحافظ عبد الغني، فنزلا في مدرسة الإمام الشيخ عبدالقادر الجيلاني (١)، فلقيا منه
_________
(١) هو الشيخ عبدالقادر بن أبي صالح موسى بن عبدالله الجيلي البغدادي. ولد بكيلان سنة ٤٧١، ورحل إلى بغداد شابا، فسمع بها الحديث من أبي غالب بن الباقلاني، وجعفر السراج، وأبي بكر بن سوسن، وابن بيان، وأبي طالب بن يوسف، وابن خشيش، وأبي الزيني، وتفقه على القاضي أبي سعد المخرامي، وأبي الخطاب الكَلْوَذاني. وقيل: إنه قرأ أيضا على ابن عقيل، والقاضي أبي الحسين، وبرع في المذهب والخلاف والأصول، وغير ذلك. قال عنه ابن السمعاني: إمام الحنابلة وشيخهم في عصره. فقيه صالح. ر ذيل طبقات الحنابلة ١: ٢٩١، والنجوم الزاهرة ٥: ٣٧١، وطبقات الشعراني ١: ١٠٨ - ١١٤، وفوات الوفيات ٢: ٢، والكامل ١١: ١٢١.
1 / 18
غاية الإكرام والعناية التامة. ولكنه ﵀ ما فتئ أن مات، ولم يدركا من أيامه سوى أربعين يومًا (١).
وكان الموفق يقرأ على الشيخ عبد القادر في «متن أبي القاسم الخرقي». والحافظ يقرأ في «الهداية» لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكَلْوَذاني.
وبعد موت الشيخ عبد القادر انتقلا إلى رباط النَّعّال. ولزم الموفق فقيه العراق ناصح الإسلام أبا الفتح نصر بن فتيان الشهير بابن المَنِّي.
وقد أقاما أربع سنين في بغداد.
ورحل إلى بغداد مرة أخرى سنة سبع وستين ومعه الشيخ العماد وأقاما سنة (٢).
وحج سنة أربع وسبعين وخمسمائة ولقي بمكة إمام الحنابلة بالحرم المكي العلامة الحافظ أبا محمد المبارك بن علي الطباخ البغدادي نزيل مكة المكرمة المتوفى سنة ٥٧٥ هـ فسمع منه.
قال الناصح ابن الحنبلي: ورجع [بعد حجه] مع وفد العراق إلى بغداد وأقام بها. واشتغلنا جميعا على الشيخ أبي الفتح. ثم رجع إلى دمشق واشتغل بتصنيف كتاب المغني في شرح الخرقي (٣).
مشايخه:
عبدالقادر الجيلاني.
هبة الله بن الحسن الدقاق.
أبو الفتح بن البَطّي.
أبو زُرْعة بن طاهر.
أحمد بن المُقرّب.
_________
(١) سير أعلام النبلاء ٢٢: ١٦٦.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٢: ١٦٨.
(٣) شذرات الذهب ٥: ٨٨.
1 / 19
ابن تاج القراء.
مَعْمر بن الفاخر.
أحمد بن محمد الرَّحبي.
حَيْدرة بن عمر العلوي.
عبدالواحد بن الحُسين البارزي.
خديجة النَّهروانية.
نفيسة البزَّارة.
شُهْدة الكاتبة.
المبارك بن محمد البادَرائي.
محمد بن محمد بن السَّكن.
أبو شُجاع محمد بن الحسين المادَرائي.
أبو حنيفة محمد بن عبيد الله الخَطيبي.
يحيى بن ثابت.
وتلا بحرف نافع على أبي الحسن البطائحي، وبحرف أبي عَمرو على أستاذه أبي الفتح المَنّي.
وسمع بدمشق من أبي المكارم بن هلال، وعدة. وبالمَوْصِل من خطيبها أبي الفضل الطوسي. وبمكة من المبارك بن الطباخ.
تلاميذه:
البهاء عبدالرحمن.
الجمال أبو موسى ابن الحافظ.
ابن نُقطة.
ابن خليل.
الضياء.
أبو شامة.
ابن النجار.
1 / 20