तवाइफ के राजा
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
शैलियों
وكان أول ما عني به أن صرفهم عن الخدمة واحتفظ ببني يفرن وحدهم لأنه رأى أن من المستحيل عليه أن يعتمد على سواهم لما عرفه من ولائهم وطاعتهم له.
وقد استبدل بالآخرين الذين سرحهم من البربر حرسا وطنيا، وكان يظهر بمظهر من يريد استقرار نظام الحكم الجمهوري، فإذا طلب إليه تنفيذ أمر بعينه قال لهم: «ليس من شأني أن أقرر أمرا هو من اختصاص مجلس الشورى، وما أنا إلا منفذ لأمره وقراراته.»
وكان كلما وردت عليه قصة أو كتاب رسمي موجه إلى شخصه أبى أن يتسلمه، وأمر بتوجيهه إلى مستشاريه.
ولم يكن ليصدر قرارا قبل عرضه على مجلس الشورى. أضف إلى هذا أنه لم يكن يتظاهر البتة بمظهر الحاكم، فظل باقيا في مسكنه المتواضع الذي اعتاد سكناه دائما، وآثر الإقامة فيه على أن ينتقل إلى قصر الخلافة.
4
وكانت العقيدة في نزاهته ثابتة قوية لا تحوم حولها الشكوك والريب وقد رفض - مع هذا - أن يكون بيت المال في داره وتحت إمرته، فعهد بحراسته إلى أكبر الناس مقاما وأكثرهم احتراما في المدينة.
وكان - على حبه المال - يؤثر المصلحة العامة التي قضت عليه ألا يرتكب عملا غير شريف. والحق أن ابن جهور كان مقتصدا بل حريصا حرصا يكاد يصل به إلى درجة البخل، فقد أثرى حتى أصبح أغنى رجل في قرطبة ولكنه مع ذلك لم يأل جهدا من جهوده المحمودة في توفير اليسر والرخاء على الناس كافة.
وكان يبذل كل ما في وسعه في تحسين العلاقات الودية وتوثيقها بينه وبين الممالك المجاورة، وقد كتب له النجاح في ذلك وحالفه التوفيق فلم يمض وقت طويل حتى استتب الأمن وانتشرت التجارة والصناعة وهبطت أسعار المواد الغذائية، وأمنت السبل، فأم قرطبة طوائف كثيرة من السكان أعادوا بناء الأحياء التي دمرها البربر أو أحرقوها حينما أوقعوا النهب والسلب في المدينة. (3) إشبيلية
على أنه مع تلك الأعمال التي قام بها، فإن قرطبة عاصمة الخلافة القديمة لم تسترد مكانتها السياسية، ومنذ ذلك الحين أخذت إشبيلية - التي سنعنى بتاريخها عناية خاصة - تحرز الشأن الأول في المركز السياسي.
كانت إشبيلية - منذ أمد بعيد لا تزال - مرتبطة الحظ بقرطبة، متأثرة بما يجري من الحوادث فيها، متأسية بالعاصمة، خاضعة لملوك الدولة الأموية - على التعاقب - ثم لدولة بني حمود، ومن جراء ذلك كان للثورة التي وقعت في قرطبة أثرها السيئ في إشبيلية، فقد ثار القرطبيون على قاسم بن حمود وطردوه، فعول هذا الأمير على الالتجاء إلى إشبيلية حيث يقيم بها ولداه، ومعهما حامية من البربر تحت قيادة محمد بن زيري من قبيلة بني إيفورين.
अज्ञात पृष्ठ