मुल्हाक अग़ानी
ملحق الأغاني (أخبار أبي نواس)
अन्वेषक
علي مهنا وسمير جابر
प्रकाशक
دار الفكر للطباعة والنشر
प्रकाशक स्थान
لبنان
قال لي الأصمعي يا أبا عمرو ما رأيت أنجب من البرامكة رجالا ولا أشرف منهم أحوالا ما حضرت ليحيى بن خالد ولا لجعفر ولا للفضل مجلسا إلا انصرفت عنه وأنا مستقل لنفسي بديا ولكل من لقيت من أهل الادب والمعرفة ثم قال طرب الفضل بن يحيى إلى مذاكرتي يوما فارسل إلي في يوم صرد فأتيته فدخلت عليه في بهو له قد فرش كله بالسمور وعليه دواج سمور مظاهر بخز أخضر وبين يديه كانون من فضة في وسطه أثفية من ذهب عليها قدر يوقد تحته بالعود المندلي وبين يديه صينية من فضة على أسد رابض من فضة عيناه ياقوتتان حمراوان والصينية والاسد قطعة واحدة عليها إبريق زجاج فرعوني لا أصف لك حسن حفر فيه أسود لا أحسبه يفي به ثمن وكأس مثله تسع رطلا وطباخ خزري واقف على القدر والخدم خارج البهو جلوس وعلي يومئذ ثياب محشوة قطنا فلما سلمت أومأ إلي بالجلوس فجلست فقال يا أصمعي هذا يوم خير وبر فألا جئتنا فيه قال فعلمت أنه قد تحرش بالجود وناداه فأجابه جواب مشتاق إليه إلا أنه أحب أن يجعل لذلك سببا قال فقلت جعلني الله فداك هو مستودع في الخزائن فمر الخدم بإحضاره فقال هيهات ما أجدت الرقية في استخراج البغية ولا ألطفت في المسألة هلا قلت كرهت أن أبخلك بأن يشاهدك في هذا اليوم جليس لك بغير خلعك فإن ذلك أفتق للسماح مما قلت وأبعث على النجاح لما أملت فقلت جعلني الله فداك لا تجمع علي العيبين قال تسألني إبطال ما أوجبه حكم الأدب أما علمت أن إلغاء ذلك يزيد عندهم في الذنب فقلت إنهم لم يطلقوا ذلك على ذي التوبة والاعتراف وحسن المراجعة على الهفوة قال لا أراك إلا وقفتني مخصوما يا غلام فيسرع إليه الخدم فقال يخلع عليه جبة خز بسمور وكساء خز بحواشيه قال فدعيت فنزع ما كان علي وجعلت علي الجبة بقميصها وخفها وسراويلها قال الأصمعي وكان الجورب خزا مبطنا بسمور فلما جلست قال أما إني قد أبكرت الغداء وقد أردت نفسي على شرب رطل فما أجابت ثم قال للذي يطبخ أدركت قدرك قال نعم وحملها فما غاب عني حتى جاء غلام يحمل خوانا عليه رقاقات على كل رقاقة رغيف ثم جاء الطباخ ومعه جام فضة خسروانية في وسطها جمجمة وقد نشر عليها السكر فما أقدر على صفة طيب ما أكلت وأحسبه مخ خصيان تذبح في مطبخه كل يوم فلما تملأت ورفع الخوان جاءني الطست فأعطيت أربعة أصناف من الأشنان ما منها صنف إلا وكنت أهم أن أتغلف به فلما مسحت يدي جاءني خادم بيده ملعقة مملوءة غالية فتغلفت بها ثم إن الفضل أخذ الكأس بيده فصب منها من النبيذ قدر ثلثيها ثم ملأها بالماء ثم شرب ثم صب مثل ذلك فبدره إلى الإبريق وصيف فقال تنح هذا يوم منادمة الأدب لا أحب أن يكون خادمه غيري
पृष्ठ 249