मुल्हाक अग़ानी
ملحق الأغاني (أخبار أبي نواس)
अन्वेषक
علي مهنا وسمير جابر
प्रकाशक
دار الفكر للطباعة والنشر
प्रकाशक स्थान
لبنان
فلما سمع أبو نواس ذلك اشترى جبة صوف وكساء مهنة وغير ذلك وجعل نفسه حمالا ولبس ذلك القماش وأخذ ثيابه وجعلها كرزنا على رأسه وجلس لهم في السوق بين الحمالين فإذا هم قد أقبلوا فاتبعهم إلى الموضع الذي يشترون حوائجهم منه فخف بين أيديهم وتعرض لحملهم فقالوا يا شيخ نحن نستحي أن نحمل على مثلك لسنك فقال إني غريب مضطر تؤجرون في فحملوا عليه فلما صاروا إلى المنزل ووضعوا الحمل عنه فرق كل شيء على حدته ورتبه وخف إلى البيت فكنسه وغسله ونفضه ونظفه ثم نظر إلى زجاج لهم فغسله وصيره من جودة الغسل كالجديد الزاهر ثم أصلح مكانهم وصف أوانيهم ونضد ريحانهم فأعجبوا به جميعا وقالوا له يا حمال أقم اليوم معنا فاخدمنا ونحن نحسن إليك فاقام فلما تغدوا قام إلى شراب مطين ففتح بزاله ثم سكب منه وسقى القوم ولم يزل يسقيهم ويشرب معهم إلى أن سكروا وناموا وهم لا يعقلون سكرا فقام حين علم انه قد امكن أمكنه ما يريد منهم فقضى حاجته منهم جميعا وترك كل واحد منهم مسطوحا على وجهه محلول السراويل والبلل بين فخذيه ثم حل سراويله ونام على وجهه وجعل بين فخذيه من بزاقه على مثل حالهم فلما انتبه أولهم نظر إلى حاله فاتهم أبا نواس وقال هذا عمل الحمال فنظر فإذا أبو نواس أيضا على مثل حاله فأنبهه وقال قم يا شيخ فقام مرتاعا وتفازع لما رأى من حاله وأنبه الآخرين وقال انظروا ويحكم ما هذا فلم يتهموا غير أبي نواس إلا أنهم قد رأوه على مثل حالهم فقال بعضهم لبعض ليس الرأي أن يشيع هذا الأمر ولا أن نفضح أنفسنا فقام كل واحد منهم فاغتسل ثم قال لهم أبو نواس يا فتيان كل واحد منا قد أصبح عروسا فاصطبحوا بنا وباكروا اللذة كمباكرة العروس وأهلها اللذة قالوا صدقت فتغدوا جميعا ثم وضعوا الشراب فلما دار الشراب بينهم وفي رؤوسهم قام أبو نواس كأنه يقضي حاجة فخرج فلبس ثيابه التي من خلع الخصيب ورجع فلما دخل عليهم من الباب انكروه وقالوا يا هذا من انت فلما دنا منهم وعاد إلى موضعه قال أنا الحمال الذي صيركم البارحة عرائس قالوا أنت أبو نواس قال أنا أبو نواس فصفق كل واحد منهم على جبهته وتشاجروا فقال لهم قد وقع الأمر الآن موقعه ونحن على الشراب فإن ساعدتموني كان عندي أوفق لكم فشربوا معه على كره منهم وحياء فلما أمسى انصرف وهو يقول
( وفتية فتنة قد اجتمعوا
مثل الدنانير حين تنتقد )
( ساقني الدهر نحوهم فإذا
هم يقولون إن دنا الأحد )
( فباكروا الراح فاقطعوه بها
غدوت للموعد الذي اتعدوا )
( علي إكليلة ومشملة
وميهة لي حبالها مسد )
( عمدا تنكرت وارتصدتهم
حتى أتوا سحرة كما وعدوا )
( حتى إذا ما اشتروا حوائجهم
والحاج ترجى لهم وترتصد )
( ملت إليهم فقلت أحمله
فإن عندي لحمله العدد )
( حبل وثيق وميهة وأنا
بحمله عالم ومتئد )
( قالوا فخذه فأنت أنت له
سوف نكافيك عند ما ترد )
( سرت وساروا إلى مشيدة
فقيل لي اصعد هناك إذ صعدوا )
( إذا الأباريق والزجاج بها
يطرب فيها المطرب الغرد )
( فثرت نحو الزجاج أغسله
حتى تلالا كأنه البرد )
( فأعجب المرد خفتي لهم
وليس في خفتي لهم رشد )
( قالوا لي اقعد وهات صف لنا
وباكر الليل قبل يفتقد )
पृष्ठ 181