मुख्तसर ज़ाद मा'आद

Muhammad ibn Abd al-Wahhab d. 1206 AH
188

मुख्तसर ज़ाद मा'आद

مختصر زاد المعاد

प्रकाशक

دار الريان للتراث

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशन वर्ष

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

प्रकाशक स्थान

القاهرة

لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا مَنْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ حقيقة الإنسانية، وَأَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِهَذَا الْأَفْعَى، فَإِنَّ السُّمَّ كَامِنٌ بالقوة فيها، فإذا قابلت عدوها، انبعث منها قوة غضبيّة، وتكيفت نفسها بِكَيْفِيَّةٍ خَبِيثَةٍ مُؤْذِيَةٍ، فَمِنْهَا مَا تَشْتَدُّ كَيْفِيَّتُهَا وَتَقْوَى حَتَّى تُؤَثِّرَ فِي إِسْقَاطِ الْجَنِينِ، وَمِنْهَا ما يؤثر في طمس البصر، كَمَا قَالَ ﷺ فِي الْأَبْتَرِ وَذِي الطُّفْيَتَيْنِ مِنَ الْحَيَّاتِ: «إِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ البصر، ويسقطان الحبل» وَالتَّأْثِيرُ غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى الِاتِّصَالَاتِ الْجِسْمِيَّةِ، كَمَا يَظُنُّهُ مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ وَمَعْرِفَتُهُ بِالطَّبِيعَةِ وَالشَّرِيعَةِ، بَلِ التَّأْثِيرُ يَكُونُ تَارَةً بِالِاتِّصَالِ، وَتَارَةً بِالْمُقَابَلَةِ، وَتَارَةً بِالرُّؤْيَةِ، وَتَارَةً بِتَوَجُّهِ الرُّوحِ نَحْوَ مَنْ يؤثر فيها، وتارة بالأدعية والرقى والتعويذات، وَتَارَةً بِالْوَهْمِ وَالتَّخَيُّلِ، وَنَفْسُ الْعَائِنِ لَا يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهَا عَلَى الرُّؤْيَةِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ أَعْمَى، فيوصف له الشيء فيؤثر فيه وإن لم يره، وكثير منهم يُؤَثِّرُ فِي الْمَعِينِ بِالْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ، فَكُلُّ عَائِنٍ حَاسِدٌ، وَلَيْسَ كُلُّ حَاسِدٍ عَائِنًا، فلما كان الحاسد أعم كَانَتِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْهُ اسْتِعَاذَةً مِنَ الْعَائِنِ، وَهِيَ سِهَامٌ تَخْرُجُ مِنْ نَفْسِ الْحَاسِدِ وَالْعَائِنِ نَحْوَ الْمَحْسُودِ وَالْمَعِينِ تُصِيبُهُ تَارَةً وَتُخْطِئُهُ تَارَةً، فَإِنْ صَادَفَتْهُ مَكْشُوفًا لَا وِقَايَةَ عَلَيْهِ، أَثَّرَتْ فِيهِ، وإن صادفته حذرا شاكي السلاح، لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ، وَرُبَّمَا رُدَّتِ السِّهَامُ عَلَى صاحبها، وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء. وَقَدْ يَعِينُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ، وَقَدْ يَعِينُ بِغَيْرِ إِرَادَتِهِ، بَلْ بِطَبْعِهِ وَهَذَا أَرْدَأُ مَا يَكُونُ. ولأبي داود فِي " سُنَنِهِ «عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: مَرَرْنَا بِسَيْلٍ فَدَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ، فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا، فَنُمِيَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مُروا أبا ثابت يتعوذ " فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي وَالرُّقَى صَالِحَةٌ؟ فَقَالَ: " لَا رُقْيَةَ إِلَّا فِي نَفْسٍ، أَوْ حُمة، أَوْ لدغة» والنفس: العين، واللدغة: ضَرْبَةُ الْعَقْرَبِ وَنَحْوَهَا. فَمِنَ التَّعَوُّذَاتِ وَالرُّقَى: الْإِكْثَارُ من قراءة المعوذتين والفاتحة وآية الكرسي، والتعوذات النَّبَوِيَّةُ نَحْوَ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» وَنَحْوَ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خلق»، ونحو «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ الليل

1 / 190