मुख्तसर ज़ाद मा'आद

Muhammad ibn Abd al-Wahhab d. 1206 AH
143

मुख्तसर ज़ाद मा'आद

مختصر زاد المعاد

प्रकाशक

دار الريان للتراث

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशन वर्ष

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

प्रकाशक स्थान

القاهرة

وامتحانهم، كما وفّقهم للأعمال الصالحة. ومنها أن العافية الدائمة، والنصر والغنى يورث ركونا إلى العاجلة، ويثبط النفوس، ويعوقها عن السير إلى الله، فإذا أراد الله كرامة عبد قيّض له من البلاء ما يكون دواء لهذا. وَمِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ عِنْدَهُ مِنْ أَعْلَى مَرَاتِبِ أوليائه، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من أوليائه شهداء. ومنها أنه سبحانه إذا أراد هلاك أعدائه قيّض أسبابا يستوجبون بها هلاكهم، وَمِنْ أَعْظَمِهَا بَعْدَ كُفْرِهِمْ بَغْيُهُمْ وَطُغْيَانُهُمْ وَمُبَالَغَتُهُمْ وبغيهم في أذى أوليائه، فيتمض بذلك أولياؤه من ذنوبهم، ويكون من أسباب محق أعدائه، وذكر سبحانه ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: ١٣٩] إلى قوله: ﴿وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤١] (١) فجمع بين تشجيعهم، وحسن التعزية، وذكر الحكم التي اقتضت إدالة الله الْكُفَّارِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾ [آل عمران: ١٤٠] (٢) أي: ما بالكم تحزنون وتهنون عند هذا، وقد مسهم مثله في سبيل الشيطان. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُدَاوِلُ أَيَّامَ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بَيْنَ النَّاسِ، وَأَنَّهَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يُقَسِّمُهَا دولا بين أوليائه وأعدائه بخلاف الآخرة، ثم ذكر حكمة أخرى، وهي تمييز المؤمن من المنافق، فَيَعْلَمُهُمْ عِلْمَ رُؤْيَةٍ وَمُشَاهَدَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانُوا معلومين في غيبة، لأن الْعِلْمُ الْغَيْبِيُّ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ وَلَا عقاب، ثم ذكر حكمة أخرى، وهي اتخاذه منهم شهداء، وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٠] تنبيه لطيف على كراهته وبغضه للمنافقين انْخَذَلُوا عَنْ نَبِيِّهِ يَوْمَ أُحد، فَلَمْ يَشْهَدُوهُ ولم يتخذ منهم شهداء، لأنه لا يحبهم، ثم ذكر حكمة أخرى، وهي تمحيص المؤمنين من الذنوب، وأيضا من المنافقين، ثُمّ ذَكَرَ حِكْمَةً أُخْرَى، وَهِي مَحْقُ الْكَافِرِينَ. ثم أنكرعليهم حسبانهم وظنهم دخول الجنة بدون الجهاد، فَقَالَ: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾ [آل عمران: ١٤٢] (٣) أي: ولما يقع منكم، فيكون الجزاء على الواقع المعلوم، ثم وبخهم على هزيمتهم من

(١) سورة آل عمران، الآية: ١٣٩-١٤٢. (٢) آل عمران، الآية: ١٤٠. (٣) آل عمران، الآية: ١٤٢.

1 / 145