خروج خلف بن السمح ابن الإمام أبي الخطاب وسببه وممن خالف الإمام عبد الوهاب خلف بن السمح ، كان والده السمح وزيرا للإمام ثم واليا عاما له على جبال نفوسة وما يليها إلى ضواحي طرابلس وقابس . وكان في طاعة الإمام ورضاه إلى أن مات رحمه الله ، فتسارع كثير من العامة إلى مبايعة ابنه خلف وأيدهم في ذلك بعض الأعيان بنية الاستقلال عن الإمامة العظمى بحجة أنهم مفصولون عنها بمخالفيهم وأنهم في قوة تغنيهم عن التبعية لها . وبعد أخذ الرسائل وردها بين الإمام وبين وجهاء الجبل وصلحائه صمم الإمام على عزل خلف وتولية غيره من أهل الفضل . فشبت بين خلف الثائر وولاة الإمام حروب طويلة . وقد ثبت هو وأتباعه على عصيانهم بالرغم من تخطئة من استفتوه من أئمة المشرق فيما أتاه من مخالفة متبوعه الشرعي الإمام ، وكانت الحرب سجالا بينه وبين الولاة أيوب بن العباس وأبي عبيدة عبد الحميد الجناوني الذي جدد له الولاية الإمام أفلح حينما تولى الخلافة بعد أبيه والذي تمكن بعد ذلك من قهر خلف في موقعة هي من الغرابة بمكان لأن جيش خلف يقدر بنحو أربعين ألفا وأما جيش أبي عبيدة فلا يتجاوز عدده 313 على رواية أو سبعمائة على رواية أخرى وتاريخ الموقعة سنة 221 ه ( 835 م ) ومن بعدها أخذ أمر خلف في الضعف والادبار . ولكن القضاء على ثورته لم يتم نهائيا إلا على يد العباس بن أيوب الذي تولى حكم الجبل بعهد من الإمام أفلح بعد وفاة أبي عبيدة فتعقب خلفا وشتت شمل من بقي من أصحابه فتفرقوا أيدي سبا ومات بعد جهاد عنيف في سبيل أمنيته وفر ابنه إلى جزيرة جربة وإليه تنسب الخلفية . ومن تأمل في أمره وأمر أتباعه يظهر له أن خلافهم كخلاف ابن فندين ليس دينيا بل هو سياسي محض لا يخرجهم عن الأباضية في الاعتقاد شيء ، وفي زمن هذا الإمام خرجت عن طاعته الواصلية وبعض قبائل من البربر في الولايات القريبة من تيهرت فأخضعها وعادت إلى الطاعة والانقياد وساد الأمن وعم الرخاء وعظمت الثروة إلى حد بعيد .
पृष्ठ 41