- أ -
[الجزء الأول]
مقدمة
بقلم معالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ
وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
المشرف العام على المجمع
الحمد لله رب العالمين، أنزل كتابه العزيز، وتكفّل بحفظه إلى يوم الدين.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإنه يسر وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية ممثلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية أن تضع بين يدي الباحثين والمشتغلين بعلوم القرآن الكريم كتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» للإمام أبي داود سليمان بن نجاح المتوفى ٤٩٦ هـ الذي تم إخراجه ونشره بالتعاون العلمي المثمر بين الوزارة، ممثلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وقد بذل الجانبان جهودا طيبة في تقويم الكتاب وتصحيحه وطباعته.
وموضوع هذا الكتاب هو رسم المصحف العثماني، وبيان هجائه الذي كتبت به المصاحف العثمانية، فشمل كتابه هجاء جميع القراءات، مع التركيز على قراءة نافع المدني رحمه الله تعالى وهو من أقدم الكتب المؤلفة في هذا العلم، وأنفسها وأوسعها، فحوى بين طياته جميع هجاء مصاحف الأمصار على ما وضعه الصحابة ﵃ أودع فيه مؤلفه كل ما عرف عن موضوع هجاء المصاحف وما يحتاجه الناسخ للمصحف.
فالكتاب يفسح أمام العلماء الطريق في الكشف عن موضوع رسم المصحف وعناية العلماء بتحريره وبيان قواعده، وقد أفاد منه القراء كثيرا، كيف والقراءة مرتبطة برسم المصحف؟ بل هو ركن من الأركان الثلاثة التي يشترطها العلماء لقبول القراءة، كما
مقدمة / 1
- ب -
يقول ابن الجزري في النشر (١/ ٩): «كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا، وصح سندها فهي القراءة الصحيحة».
ولقد احتل هذا الكتاب منزلة سامية من بين الكتب المؤلفة في علم الرسم، ومؤلفه أبو داود شيخ القراء وإمام الإقراء، من أجلّ أصحاب أبي عمرو الداني، وأنبل تلامذته في علوم القرآن والقراءات، بل فاقه في علم الرسم بشهادة علمائه، فكانوا يقدمون ترجيحات التلميذ وتحريراته عند الاختلاف بينهما.
وتتأكد أهمية كتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» إذا عرفنا أن ثمة روايات غزيرة رواها العلماء المتقدمون الذين ضاعت مصنفاتهم في هذا الباب، ويحتفظ هذا المختصر بجلّ هذه الروايات المفقودة وينقلها عن أصحابها بأسمائهم وألفاظهم.
وأود في هذه المقدمة أن أتقدم بالشكر الجزيل لمحقق الكتاب الدكتور أحمد بن أحمد شرشال على ما بذله من جهد علمي في هذا السبيل، كما أتقدم بالشكر لكل من بذل الجهد في تقويم الكتاب وتصحيحه وطباعته. والوزارة ماضية بإذن الله في دعم المسيرة العلمية التي ترعاها حكومة المملكة العربية السعودية التي ما فتئت تدعم كل ما من شأنه خدمة كتاب الله ورعاية علومه. وندعو الله ﷿ أن يديم على هذه البلاد عزها وعطاءها الميمون في ظل قائد هذه المسيرة المباركة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني حفظهم الله جميعا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مقدمة / 2
مقدمة [مجمع الملك فهد]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا ورسولنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية يحرص على إعداد كل ما يتصل بخدمة كتاب الله ﷿ وطباعته ونشره، ومن ذلك علوم القرآن المتنوعة تأليفا وتحقيقا مما يعده الباحثون في إدارة الشئون العلمية، أو الأعمال العلمية المعدّة ممن لهم اهتمام وعناية بالقرآن الكريم وعلومه.
وقد قام مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بطبع كتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» للإمام أبي داود سليمان بن نجاح الأموي المتوفى ٤٩٦ هـ الذي قام بتحقيقه والتعليق عليه الدكتور أحمد بن أحمد شرشال وقد تم إخراجه ونشره بالتعاون العلمي المثمر بين وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وذلك بعد دراسته وتقويمه من قبل الشئون العلمية، ويعدّ الكتاب من أنفس الكتب المؤلفة في علم الرسم وتحرير مسائله، كما أن الطراز في شرح ضبط الخراز للإمام أبي عبد الله التنسي- الذي سبق أن طبع بالمجمع- من أحسن الكتب في علم أصول الضبط لكتاب الله الكريم، وهما عمدة النساخ في رسم المصحف ونقطه بالشكل، ومن أهم مصادر اللجنة العلمية التي أشرفت على إعداد «مصحف المدينة النبوية» وقد جاء في تقريرها:
«وأخذ هجاؤه مما رواه علماء الرسم ... وقد روعي في ذلك ما نقله الشيخان أبو عمرو الداني وأبو داود سليمان بن نجاح مع ترجيح الثاني عند الاختلاف غالبا» وبهذين الكتابين اكتمل موضوع كتابة المصحف من حيث رسم حروفها وهجائها، ومن حيث إعرابها بالنقط والشكل.
1 / 1
والكتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» موسوعة علمية مطولة في موضوع رسم المصحف العثماني وما يتصل بذلك، لا يستغني عنه الباحثون من علماء القراءات، ولا اللجان العلمية التي تشرف على طباعة المصحف في شتى بقاع العالم.
ومؤلفه أبو داود سليمان بن نجاح إمام وحجة في علم الرسم، وقد فاق أقرانه، فعلماء الرسم اهتموا بمؤلفاته، وأخذوا بترجيحاته وتحريراته في هذا العلم.
إن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف قد هيأ في سبيل ذلك فريق عمل متخصصا في القرآن الكريم وعلومه، ويسرّه أن يتعاون لتنفيذ مهامه المنوطة به مع العلماء
الجادين الذين تهيأت لهم إمكانات علمية وقدرات بحثية للنهوض بالواجبات التي ندبوا أنفسهم للقيام بها.
وفي هذا العمل الجليل الذي تمت طباعته في مطابع المجمع وتحت إشرافه المباشر، يلمس القارئ تلك العناية العظيمة التي بذلها السلف الصالح في سبيل كتابة القرآن الكريم ورسمه وضبطه، وكتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» حلقة مهمة من هذه الحلقات.
ومما يزيد من أهمية هذا السفر الجليل هذه الدراسة العلمية المتقنة التي عني بها المحقق لأجلاء غوامض هذا العلم وما يلزمه من التحرير والبحث في بعض مسائله ومشكلاته، ثم يأتي النص محققا على طائفة من النسخ المخطوطة المعتمدة وفق أسلوب العمل المنهجي في تحقيق التراث الإسلامي ونشره.
وندعو الله ﷿ أن يحفظ لهذه البلاد أمنها واستقرارها في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الأمانة العامة لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
1 / 2
شكر
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
أما بعد:
فعملا بقول الله ﷿: لئن شكرتم لأزيدنّكم (إبراهيم: ٧) فإنني أحمده وأشكره، وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه، وأثني عليه الخير كله، فهو المستحق للحمد والثناء بما أنعم وتفضل، ويسر وأعان.
ومن إنعامه وإفضاله أن وفقنا لإتمام هذا البحث، وجمع لنا بين شرفين عظيمين: شرف طلب القرآن وعلومه وقراءاته، وشرف المقام في مدينة النبي ﷺ، وفي أشرف بقعة فيها؛ في مسجده الشريف، ما أعظمها من نعمة! يجب أن نستشعرها، ويستشعرها طلاب العلم، ونسأل الله العظيم الجليل أن يعيننا على أداء حقها، ويرزقنا دوام شكرها، وتبليغ ما حملناه.
فهذه الخصوصية لم تتوفر ولن تتوفر في أي بقعة من الأرض، اللهم لك الحمد والشكر، وعلى قدر هذه النعمة والفضل تعظم المسئولية، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وعملا بهدي الرسول ﷺ: «من صنع لكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به، فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه» (١) وقوله أيضا: «من لا يشكر الناس، لا يشكر الله» (٢).
_________
(١) من حديث ابن عمر أخرجه أبو داود في سننه ٢/ ٣١٠ رقم ١٦٧٢ والنسائي ٥/ ٦١ رقم ٢٥٦٨.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه ٣/ ٢٢٨، وأبو داود ٤/ ٣٠٤ وأحمد في مسنده الفتح الرباني ١٩/ ٩٤.
1 / 3
ومن أكبر المعروف وأعظمه أن تيسر للطالب تكاليف العلم وكفايته مئونة الطلب، وتوفير أسبابه في أعظم بقعة على وجه الأرض.
لذا أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى القائمين على هذه الجامعة الإسلامية المباركة، التي تقدم لطلابها العلوم النافعة الخالية من الشوائب على المنهج الصحيح هدي السلف الصالح من الكتاب والسنة، ولا شك أن هذه نعمة كبرى على طلاب هذه الجامعة، حيث زودوا بملكة يميزون بها بين المعارف البشرية، والمذاهب والنحل، وبين الوحي المنزل في الكتاب والسنة، وحينئذ يصبحون في منعة وحصانة من أساليب الغزو الفكري ومظاهر الحضارة البرّاقة.
فأزجي شكري وتقديري إلى الجامعة الإسلامية بعامة، وإلى كلية القرآن الكريم بخاصة على رعايتها لي في دراسة القرآن وعلومه، وما هيأته لي من سبل الراحة، والتفرغ للتحصيل فكفتني هم تبعات الحياة، نسأل الله العظيم الجليل أن يوفق القائمين عليها ويسدد خطاهم على طريق الخير.
ثم إني أتوجه بالشكر الجزيل إلى المشرفين على هذه الرسالة: الشيخ عبد الفتاح المرصفي- اللهم اغفر له وارحمه- والدكتور/ محمد سالم محيسن. وتوج هذا الإشراف الأستاذ الدكتور/ عبد الله بن عمر الأمين وكيل الكلية، أحسن الله إليه وجزاه الله خيرا.
وأقدم شكري وخالص تقديري إلى مشايخي في كلية القرآن الكريم، نسأل الله العظيم الجليل أن يمن علينا وعليهم بالعافية والستر، وحسن الخاتمة، ونسأله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل آمين، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
1 / 4
مقدمة الدراسة
مدخل:
إن العناية بكتابة القرآن، ونشره بين الناس سنة نبوية كريمة، ورثها علماء المسلمين عن الرسول ﷺ، فكان ﷺ قد اتخذ كتابا للوحي،
منهم الخلفاء الراشدون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومنهم زيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم.
وكان كلما أنزل عليه شيء من القرآن، يدعو كتاب الوحي، فيمليه عليهم، ويحدد لهم مواضع الآيات في السور، فيقول: «ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» (١).
وكان ﷺ يحث أصحابه على كتابة القرآن، ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري ﵁، أن النبي ﷺ قال: «لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، ومن كتب عنّي شيئا سوى القرآن فليمحه» (٢).
وهكذا لم ينتقل الرسول ﷺ إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن كتب القرآن كله بين يديه على العسب (٣) واللخاف (٤) والرقاع (٥) وقطع الأديم والأكتاف وغيرها مما كان متيسرا في عصرهم.
ثم توالت كتابة القرآن في عهد أبي بكر الصديق ﵁، حيث كتب القرآن كله في نسخة موزعة في صحف فحفظها أبو بكر عنده، ثم حفظها عمر بن الخطاب بعده، ثم حفظتها حفصة بنت عمر بعد وفاة أبيها.
_________
(١) من حديث ابن عباس عن عثمان بن عفان أخرجه الإمام أحمد ١/ ٥٧، ٦٩، وانظر: ٤/ ٢١٨، ٣/ ١٢٠، ٢٤٥ فتح الباري ٩/ ٨، ٢٢.
(٢) أخرجه الإمام مسلم كتاب الزهد بشرح النووي ١٨/ ٢٢٩، وأخرجه الدارمي في سننه ١/ ١١٩ والخطيب في تقييد العلم ٥٧.
(٣) العسب: جمع عسيب، وهو جريد النخل.
(٤) اللخاف: صفائح الحجارة.
(٥) الرقاع: جمع رقعة، وقد تكون من جلد أو ورق.
1 / 5
وفي عهد عثمان بن عفان ﵁ كان أهل الشام يقرءون بقراءة أبي بن كعب، وأهل الكوفة يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود، وهكذا أهل كل بلد يقرءون بقراءة من حلّ به من الصحابة.
وعند ما التقوا في فتح أرمينية اختلفوا في وجوه القرآن، فأهل الشام يقرءون بقراءة أبي بن كعب، فيأتون بما لم يسمع به أهل العراق، وهؤلاء يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود، فيأتون بما لم يسمع به أهل الشام، فخطّأ بعضهم بعضا (١)، فأفزع حذيفة بن اليمان اختلافهم، فأسرع إلى عثمان بن عفان وقال له: «يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى» (٢).
ووقع مثل ذلك في المدينة النبوية بين متعلمي القرآن ومعلميه، فتعاظم عثمان ذلك، فخطب الناس وقال: «أنتم عندي تختلفون وتلحنون، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد فيه اختلافا وأشد لحنا ...». ثم قال:
«اجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوا للناس إماما» (٣). وطلب الصحف من حفصة، واعتمد عليها في استنساخ مصاحف عدة، وأرسلها إلى الأمصار، ومع كل مصحف قارئا.
وهذه المصاحف هي التي اصطلح العلماء بعد ذلك على تسميتها ب «المصاحف العثمانية» نسبة إلى الخليفة عثمان بن عفان، لأنها كانت بأمره وإرشاده وليست بخطه، وإنما هي بخط زيد بن ثابت بطريقة خاصة
_________
(١) انظر: فتح الباري ٩/ ٢١.
(٢) انظر: فتح الباري ٩/ ١٤.
(٣) انظر: تفسير الطبري ١/ ٢١.
1 / 6
وبرسم مخصوص مجرد من النقط والشكل.
وقد صارت أصلا لما كتب بعد ذلك من مصاحف إلى يومنا هذا.
ولارتباط القراءة بخط المصاحف تتبع القراء هجاء المصاحف. قال أبو عبيد القاسم بن سلّام (ت ٢٢٤ هـ): «وإنما نرى القراء عرضوا القراءة على أهل المعرفة بها وتمسكوا بما علموا منها مخافة أن يزيغوا عما بين اللوحين بزيادة أو نقصان، ولهذا تركوا سائر القراءات التي تخالف الكتاب ولم يلتفتوا إلى مذاهب العربية فيها إذا خالف ذلك خط المصحف، وإن كانت العربية أظهر بيانا من الخط، ورأوا تتبع حروف المصاحف وحفظها عندهم كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها» (١).
وحينئذ لاحظ علماء القراءات هيئة هذا الرسم، وخاصة تلك الحروف التي تميزت بزيادة أو حذف أو بدل فوصفوها رواية بالعد والوزن والوصف الدقيق، وترجمة عملية بنسخ المصاحف على وفقها، ومطابقة لها.
ومن هؤلاء المبرّزين في هجاء المصاحف أبو داود سليمان بن نجاح المتوفى سنة ٤٩٦ هـ روى الرسم علما وعملا بتأملاته ومشاهداته للمصاحف في كتابه الكبير المسمى ب «التبيين لهجاء مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان ﵁» ضمنه إلى جانب هجاء المصاحف كثيرا من علوم القرآن، إلا أن ضخامته حدّت من انتشاره وتداوله لفتور الهمم، وميل الناس إلى الاختصار، فسأله طلاب العلم أن يختصره، فأجابهم إلى ذلك، ففصل الرسم وحده في كتاب، واقتصر عليه، وسماه «المختصر» وهو كتابنا
هذا الذي بين أيدينا، والذي قمت بتحقيقه وخدمته وإخراجه، بعد أن ظل قرونا من الزمن حبيسا في المكتبات الخطية، فكاد يندرس ويندثر.
_________
(١) فضائل القرآن لأبي عبيد ص ٣٦١.
1 / 7
وترجع صلتي بكتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» للإمام أبي داود سليمان بن نجاح إلى الأيام الأولى من مراحل البحث لرسالتي الأولى، عند ما قمت برحلة علمية إلى كل من مصر وتونس والمغرب بحثا وجمعا للمصادر والمراجع، فشاء الله ﷾ أن أظفر بنسختين مختلفتين من الخزانة الحسنية بالمغرب.
واشتدت صلتي بالكتاب، واستهواني موضوعه ومنهجه، ومما زاد في عزمي وحزمي على تحقيقه، زيادة صلتي به حيث كان مصدرا أصيلا لكتاب: «الطراز في شرح ضبط الخرّاز» موضوع رسالتي السابقة، فكان يصحبني وفي صحبتي طيلة مدة البحث من أوله إلى آخره. وحينئذ عرفت مضامينه ومراميه، وعرفت أصوله وفروعه وعرفت أنه أحق بأن تبذل فيه الجهود، وتنفق فيه الأعمار.
وبما أن الرسم يتعلق بذات حروف الكلمة حذفا وإثباتا وقطعا ووصلا، والضبط يتعلق بما يعرض لهذه الحروف من حركة وسكون، وذلك وصف للحرف، وهو موضوع رسالتي الأولى. وبما أنه لا بد للصفة من موصوف، فكان لا بد لي أن أتطرق لبيان هذا الموصوف، وهو الرسم.
فأردت بهذا الاختيار تكملة موضوع رسالتي السابقة الذي تناولت فيه إعراب المصحف بالنقط والشكل، فيكون موضوع هذه الرسالة في رسم هجاء المصاحف، وبه يكتمل موضوع كتابة المصاحف، من رسم هجائها وضبط حروفها لحاجة أحدهما إلى الآخر.
1 / 8
وحينئذ يتوفر للمكتبة القرآنية كتاب محقق في إعراب المصحف بالنقط والشكل، وهو المسمى ب «الطراز في شرح ضبط الخرّاز» للإمام التنسي وكتاب محقق في رسم هجاء المصاحف وهو المسمى ب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل».
وعلى كلا الكتابين اعتمد نساخ المصاحف، وستلاحظ ذلك في خاتمة المصاحف في الشرق والغرب، والحمد لله على التمام والكمال.
ومما يزيد في أهمية معرفة هجاء المصاحف بيان معرفة اختلاف القراء في بعض الأحرف. ولن يتسنى لقارئ القرآن معرفة بعض الأحرف التي اختلف فيها القراء إلا بعد معرفة رسم هذه الأحرف. وهو باب مهم في القراءة، ولذلك نجد الكتب المؤلفة في القراءات وشراح الشاطبية خصت فيها بابا لذكر مرسوم المصاحف.
قال الإمام أبو العباس المهدوي: «كانت الحاجة إليه كالحاجة إلى سائر علوم القرآن، بل أهم، ووجوب تعليمه أشمل وأعم، إذ لا يصح معرفة بعض ما اختلف القراء فيه دون معرفته (١)» أي رسم هجاء المصاحف، كما هو واضح في وقف حمزة وهشام وغيرهما على بعض الحروف.
وقال ابن القاصح: «ويحتاج القارئ إلى معرفة الرسم في ذلك، فيقف بالحذف على ما رسم بالحذف، وبالإثبات على ما رسم بالإثبات» (٢).
_________
(١) انظر: هجاء مصاحف الأمصار ٧٥.
(٢) انظر: سراج القاري ١٢٧، إبراز المعاني ٢٧٥.
1 / 9
ثم إنه لم تقتصر أهمية الرسم العثماني على كتابة المصاحف وإعرابها بالشكل فحسب، كما يظن بعض القاصرين، بل إن أهميته تجلت عند بعض اللغويين والنحويين والمفسرين، فضلا عن القراء، فيتخذون من وسائل الترجيح رسم المصحف والاحتجاج به في اللغة والإعراب والصرف، ويظهر ذلك جليا عند سيبويه وأبي إسحاق الزجاج وابن خالويه وابن جني وأبي جعفر الطبري ومكي بن أبي طالب وأبي عمرو الداني، وجمهور كثير من المفسرين (١).
فتجاوزت أهمية الرسم المصاحف إلى اللغة العربية إعرابا وصرفا واشتقاقا.
ولذلك ذكر النحويون علم الخط في كتب النحو لضرورة ما يحتاج إليه، ولأن كثيرا من الكتابة مبنية على أصول نحوية، ففي بيانها بيان لتلك الأصول ككتابة الهمزة على نحو ما يسهل به، وهو باب من النحو كبير (٢)، بل إن كثيرا من مسائل النحو تستفاد من الرسم ويستغنى به عن النحو والشكل.
والحق أن لموضوع الرسم شأنا عظيما، لأنه يكشف بعض النواحي في مسألة نشأة الكتابة العربية، ومن هنا كان لكتاب أبي داود سليمان بن نجاح قيمة كبيرة، لأنه يفسح أمام الباحثين مجالا رحبا في موضوع كتابة اللغة، وطريقة رسم هجاء المصاحف.
_________
(١) انظر: رسم المصحف للدكتور شلبي ٥٧.
(٢) انظر: همع الهوامع شرح جمع الجوامع للسيوطي ٦/ ٣٤١.
1 / 10
ثم إن المؤلف أبا داود لم يعتن بمؤلفاته أحد ولم يسبق أن حقق له كتاب، كما لم يعتن أحد بحياة المؤلف، بل لم يعرف من كتبه إلا هذا، لذا أحببت أن أسهم في إحياء هذا الكتاب الذي كاد يندرس، وبإبراز جوانب مهمة عن شخصية أبي داود العلمية وآثاره ومؤلفاته، فكان جديرا بالدراسة والتقويم والتحليل، فالمؤلّف والمؤلّف كلاهما وصف بالإمام والحجة، فكتابه «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» إمام الكتب، وحجة فى موضوع هجاء المصاحف.
والمؤلّف أبو داود إمام القراء والإقراء، وحجة في هجاء المصاحف، فإليه المرجع وبه القدوة، ولم يدانه أحد في صناعته هذه نظرا لمكانته في هذا العلم ورسوخه فيه، وكثرة اشتغاله بالنسخ والإقراء والتأليف والتصنيف طوال حياته.
فأردت أن أزيح صفحة النسيان عن علم من أعلام الأندلس المعتبرين، فكان جديرا بأن يلحق بأقرانه كالداني، ومكي، والطلمنكي، والمهدوي، وغيرهم.
ولو لم يكن من فوائد هذه الرسالة، إلا أنها تعرف هذا العلم أبا داود سليمان بن نجاح، وتبرز معالم شخصيته وآثاره العلمية، لكان ذلك كافيا. وقد شاهدنا كثيرا من الباحثين نالوا درجة علمية على تناولهم هذا الجانب من الدراسة فقط. فكيف بدراسة يضاف إليها تحقيق ديوان من دواوين المؤلف أبي داود المهمة، ومن أمهات كتب هجاء المصاحف التي ضن بها الزمن. لذا فإن دراستي للمؤلف، وتحقيق كتابه سوف تكون بإذن الله بكرا، والفضل لله وحده.
1 / 11
وقد حظي باهتمام الناسخين وجه الرسم الذي اتبعه الإمام أبو داود في «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» فطبعت به مصاحف عدة في الشرق والغرب بروايات مختلفة، بل ورد عن الناسخين ترجيح مذهب أبي داود عند ما يختلف مع شيخه أبي عمرو الداني. يقول نساخ المصاحف: «وقد روعي في ذلك ما نقله الشيخان أبو عمرو الداني، وأبو داود سليمان بن نجاح مع ترجيح الثاني عند الاختلاف».
هذا الكلام وقع من نفسي موقعا حسنا، فقوي عزمي أن أختار هذه الشخصية الراجحة، وأنتسب إليها، والحمد لله على فضله وإحسانه.
فلمكانة هذا الكتاب العظيم كان اعتزازي بالانتساب لتحقيقه، ولمكانة مؤلفه كان اختياري لدراسته.
ثم إن هذا الكتاب حفظ لنا روايات وأقوالا للعلماء المتقدمين الذين لم تصلنا مؤلفاتهم، مثل روايات نافع بن أبي نعيم المدني، وأبي عبيد القاسم ابن سلام، وحكم بن عمران الناقط الأندلسي، وعطاء بن يزيد الخراساني، ونصير بن يوسف النحوي، ومحمد بن عيسى الأصبهاني، وغيرهم ممن كانوا أئمة في القراءات وهجاء المصاحف. فكتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» حفظ لنا بعضا من هذه الروايات، وأقوال المتقدمين؛ لأن كل ما ألّف في موضوع هجاء المصاحف، وإعرابها بالنقط والشكل في العصور المتقدمة يعد في عداد المفقود أو المهمل.
وحينئذ يعد الظفر بكتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» وإخراجه- والحالة هذه- كنزا وثروة علمية تسد فراغا كبيرا، ونقصا حاصلا،
1 / 12
لنساخ المصاحف، وإعرابها بالنقط والشكل، وكيفية ذلك، ونورا سطع على المهتمين بالمصاحف ونساخها، والفضل لله وحده، ثم لمؤلفه ﵀، ولهذه الجامعة الإسلامية التي أتاحت لي الفرصة لمتابعة هذا الكتاب بالتحقيق والتصحيح.
يضاف إلى ذلك غزارة المادة العلمية التي اشتمل عليها كتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل»، فلم أعلم كتابا أوسع وأجمع لهجاء المصاحف من هذا الكتاب حسب علمي واطلاعي، فإنه سفر ضخم من أسفار هجاء المصاحف، بل إنه من أكبر الكتب المؤلفة في ذلك، ضمّنه مؤلفه ما رواه عن شيوخه المتقدمين، وأضاف إليه ما رآه وشاهده في المصاحف العتيقة المظنون بها الصحة والمتابعة لمصاحف الأمصار.
روى الإمام أبو داود هجاء المصاحف عن المصاحف المنتسخة من الإمام، التي بعث بها الخليفة الراشد عثمان بن عفان ﵁ إلى مكة والبصرة والكوفة والشام والمصحف الذي جعله لأهل المدينة والمصحف الإمام. فأورد في كتابه هذا وصفا دقيقا لجميع هجاء مصاحف الأمصار المنتسخة من الإمام.
ومن ثم لم يكن مغاليا ولا مبالغا عند ما وصف كتابه هذا بالإمام، فقال: «ونجعله إماما» فهو حقا إمام الكتب في وصف هجاء مصاحف الأمصار، بلا منازع.
وكان بعض علماء الرسم لا يعتد ببعض المصاحف ولا يعول عليها، ويحتج بالمصاحف التي اطلع عليها أبو عمرو الداني وأبو داود، ويردّ ما عداها.
1 / 13
قال حسين الرجراجي (ت ٨٩٩ هـ): «إذ لا حجة بالمصاحف الموجودة بين أيدينا اليوم، وإنما الحجة بالمصاحف القديمة التي كتبها الصحابة ﵃، وهي التي اطلع عليها أبو عمرو الداني، وأبو داود وغيرهما من الشيوخ المقتدى بهم في هذا الشأن» (١).
فهذه شهادة من عالم بالرسم بأن أبا داود حجة في هجاء المصاحف.
ثم إنه اشتمل على موضوعات إلى جانب هجاء المصاحف كبيان السور المكية والمدنية، وعد الآي والقراءات، والأجزاء والأحزاب، وكل ما يحتاج إليه نساخ المصاحف.
ثم إن منهجه الفريد الذي اتبعه في وصف هجاء المصاحف على نسق المصحف الشريف يسهل الرجوع إلى موضوع الكلمة القرآنية في موضعها من السورة.
ثم إن دقته في وصف هذه الأحرف القرآنية بالعد والوزن والتقطيع لم تعهد عند غيره. فدوّن المؤلف في كتابه هذا وصفا دقيقا لطريقة رسم الكلمات كما وردت في مصاحف الأمصار، فاستوعب فيه الرسم استيعابا لا مثيل له.
ثم منهجه الفريد الذي لاحظته وأنا بصدد قراءته لمست فيه ميزة لم تعهد عند غيره، فالمؤلف كلما ذكر تعليلا للقراءة أو توجيها للرسم، فإنه يردفه، ويعقب عليه بقوله: «هذا مع اتباعه من قرأ عليه» إشعارا منه بأن التعليل والتوجيه لا معول عليه، فهو تابع للرواية والنقل والسماع، وإن كان يوافق ذلك وجها في العربية فصيحا أو أفصح.
_________
(١) انظر: تنبيه العطشان ورقة ١٤٦.
1 / 14
ثم يلتمس التوجيه والتعليل بعد متابعة الرواية. فكان يكثر من قوله:
«هذا مع اتباعه من قرأ عليه لقوله ﷺ: «اقرءوا كما علمتم»، ومن قوله: «اتباعا للمرسوم، ولمن أخذنا ذلك عنه، إذ ليس للقياس طريق في كتاب الله ﷿، وإنما هو سماع وتلقين».
فهذا دأبه في كتابه «مختصر التبيين لهجاء التنزيل».
ومما يدل على أهمية الكتاب أن المؤلف ﵀ يربط القراءة بالمصاحف، وهو أمر خلت منه جميع الكتب المؤلفة في هجاء المصاحف.
فالمؤلف ﵀ جمع بين رواية هجاء المصاحف ورواية القراءة ويقرن بينهما، ولم تعهد هذه الطريقة عند غيره فيما أعلم. فكان يقول مثلا: «وكتبوا في مصاحف أهل المدينة والشام: سارعوا وكذا قرأنا لهم، وفي سائر المصاحف: وسارعوا وبذلك قرأنا لهم». فهذا الربط يدل دلالة قطعية على أنّ قبول القراءة لا بد أن يكون موافقا لهجاء أحد مصاحف الأمصار.
وكذا لمست في كتابه السهولة واليسر، وعدم التكلف والتعصب سواء كان ذلك فيما يتعلق بالشكل، أو المحتوى أو بما ذهب إليه واختاره، فعباراته ولغته سهلة، وأسلوبه خال من الغريب والإغراق في استعمال الوحشي من الألفاظ.
كما ظهرت هذه السهولة واليسر في اختياراته وترجيحاته، ويتجلى ذلك في بعض الكلمات حيث يروي رواية مخالفة لما تلقاه ورواه عن شيوخه فلا يردها بل يحترمها، ويحسن العمل بها، أو يحسن الوجهين
1 / 15
معا، أو يختار وجها، ولا يمنع من الوجه الآخر، ومن حين لآخر كان يقول «فليكتب الكاتب ما أحب من ذلك فهو في سعة».
ومما رغبني فيه ما لمسته من التقصير الواضح في خدمة الكتب المؤلفة في هجاء المصاحف، فقد زهد الناس فيها، وهجروا هذه المصنفات، إذ تخلو المكتبات الإسلامية خلوا تاما من هذا النوع نتيجة للإهمال، فصار رسم المصحف نسيا منسيا، وضاعت أغلب الكتب المؤلفة، ولا سيما الأصول منها. وكاد هذا الأصل يندرس ويندثر، والله المستعان.
فمثل هذا السفر عزّ أن يجود الزمن بمثله، وعهدي بنساخ المصاحف أنهم كانوا يعتمدون عليه بواسطة النقل والاقتباس من الكتب، وشراح المورد لعدم توفر نسخه عند أهل المشرق.
لذا يعد إخراجه من الأهمية بمكان، والله الموفق.
1 / 16
هذا، وبعد النظر في مجموع المادة العلمية، ودراستها وتصنيفها، اقتضى ذلك تقسيم البحث قسمين: الدراسة، وتحقيق نص الكتاب.
القسم الأول: الدراسة جعلت الدراسة في بابين ومقدمة وخاتمة.
فالمقدمة: تناولت فيها أهمية الرسم والعناية به وأسباب الاختيار، وخطة البحث.
والخاتمة: سجلت فيها أهم نتائج هذا البحث، وما أسفر عنه من ثمرات ويتلو ذلك نصائح وتوجيهات.
الباب الأول: عصر المؤلف وحياته وجعلته في فصلين.
الفصل الأول: عصر المؤلف وتناولت فيه المبحثين الآتيين:
الأول: الحياة السياسية الثاني: الحياة العلمية والفكرية وأبرزت فيها الجوانب الآتية:
أ- النشاط العلمي.
ب- أهم الأحداث الفكرية.
ج- اهتمام علماء الأندلس بهجاء المصاحف.
1 / 17
الفصل الثاني: حياة المؤلف وتناولت فيه اسمه ونسبه، ومولده ووفاته، وأسرته، وشيوخه ومدى تأثره بهم، وتلاميذه ومدى تأثرهم به، ومؤلفاته، ومكانته العلمية وثناء العلماء عليه.
الباب الثاني: نشأة علم هجاء المصاحف وتطوره وجعلته في فصلين:
الفصل الأول: ظهور علم هجاء المصاحف وتطور التأليف فيه وتناولت فيه تعريف الرسم لغة واصطلاحا، وأقسام الخط، ونشأة علم الرسم العثماني، ومصادر التأليف في هجاء المصاحف، والمؤلفات فيه، وأقوال العلماء في وجوب اتباع الرسم العثماني، وفي فصاحة الرسم وبلاغته.
الفصل الثاني: دراسة الكتاب وتحليله وتقويمه.
وتناولت فيه إثبات اسم الكتاب، وإيهاما يجب رفعه، وسبب تأليفه، وإثبات نسبته لمؤلفه، ومنهجه وأسلوبه، ومصادره في كتابه، وتقويم الكتاب، من حيث:
قيمته العلمية، وأثره فيمن بعده، ومقارنته بغيره، وملاحظات عليه أو الدراسة النقدية.
وخصصت المبحث الأخير لوصف النسخ المخطوطة للكتاب.
1 / 18