119

मुख्तसर सवाएक मुर्सला

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

अन्वेषक

سيد إبراهيم

प्रकाशक

دار الحديث

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

प्रकाशक स्थान

القاهرة - مصر

शैलियों

الْحَقِيقَةِ جَهْلِيَّاتٌ إِنَّمَا يَبْنُونَ أَمْرَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ مُتَشَابِهَةٍ مُجْمَلَةٍ تَحْتَمِلُ مَعَانِيَ مُتَعَدِّدَةً، وَيَكُونُ مَا فِيهَا مِنَ الِاشْتِبَاهِ فِي الْمَعْنَى وَالْإِجْمَالِيِّ فِي اللَّفْظِ يُوجِبُ تَأْوِيلَهَا بِحَقٍّ وَبَاطِلٍ فِيمَا فِيهَا مِنَ الْحَقِّ يَقْبَلُ مَنْ لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا بِمَا فِيهَا مِنَ الْبَاطِلِ لِأَجْلِ الِالْتِبَاسِ وَالِاشْتِبَاهِ، ثُمَّ يُعَارِضُونَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبَاطِلِ نُصُوصَ الْأَنْبِيَاءِ. وَهَذَا مَنْشَأُ ضَلَالِ مَنْ ضَلَّ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَنَا، وَهُوَ مَنْشَأُ الْبِدَعِ كُلِّهَا، فَإِنَّ الْبِدَعَ لَوْ كَانَتْ بَاطِلًا مَحْضًا لَمَا قُبِلَتْ، وَلَبَادَرَ كُلُّ أَحَدٍ إِلَى رَدِّهَا وَإِنْكَارِهَا، وَلَوْ كَانَتْ حَقًّا مَحْضًا لَمْ تَكُنْ بِدْعَةً وَكَانَتْ مُوَافِقَةً لِلسُّنَّةِ، وَلَكِنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَيَلْتَبِسُ فِيهَا الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ٧١] فَنَهَى عَنْ لَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَلَبْسُهُ بِهِ: خَلْطُهُ بِهِ حَتَّى يَلْتَبِسَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَمِنْهُ التَّدْلِيسُ، وَهُوَ التَّدْلِيسُ وَالْغِشُّ الَّذِي بَاطِنُهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ، فَكَذَلِكَ الْحَقُّ إِذَا لُبِسَ بِالْبَاطِلِ يَكُونُ فَاعِلُهُ قَدْ أَظْهَرَ الْبَاطِلَ فِي صُورَةِ الْحَقِّ وَتَكَلَّمَ بِلَفْظٍ لَهُ مَعْنَيَانِ، مَعْنًى صَحِيحٌ وَمَعْنًى بَاطِلٌ، فَيَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَعْنَى الصَّحِيحَ، وَمُرَادُهُ الْبَاطِلُ، فَهَذَا مِنَ الْإِجْمَالِ فِي اللَّفْظِ. وَأَمَّا الِاشْتِبَاهُ فِي الْمَعْنَى فَيَكُونُ لَهُ وَجْهَانِ، وَهُوَ حَقٌّ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَبَاطِلٌ مِنَ الْآخَرِ، فَيُوهِمُ إِرَادَةَ الْوَجْهِ الصَّحِيحِ، وَيَكُونُ غَرَضُهُ الْبَاطِلَ، فَأَضَلُّ ضَلَالِ بَنِي آدَمَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ وَالْمَعَانِي الْمَشِيبَةِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا صَادَفَتْ أَذْهَانًا سَقِيمَةً، فَكَيْفَ إِذَا انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ هَوًى وَتَعَصُّبٌ؟ فَنَسْأَلُ اللَّهَ مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ أَنْ يُثَبِّتَ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِهِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي كُلِّ زَمَانٍ فَتْرَةً مِنَ الرُّسُلِ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إِلَى الْهُدَى، وَيَصْبِرُونَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى، يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَى، وَيُبَصِّرُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ أَهْلَ الْعَمَى، فَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لِإِبْلِيسٍ قَدْ أَحْيَوْهُ، وَكَمْ مِنْ تَائِهٍ ضَالٍّ قَدْ هَدَوْهُ، فَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى النَّاسِ، وَمَا أَقْبَحَ أَثَرَ النَّاسِ عَلَيْهِمْ، يَنْفُونَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، الَّذِينَ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ الْبِدْعَةِ، وَأَطْلَقُوا عِنَانَ الْفِتْنَةِ، فَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ، مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ، مُتَّفِقُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ وَفِي اللَّهِ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، يَتَكَلَّمُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَيَخْدَعُونَ جُهَّالَ النَّاسِ بِمَا يُشَبِّهُونَ عَلَيْهِمْ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتَنِ الْمُضِلِّينَ.

1 / 134