رجلٍ قد بلغني أذاهُ في أهل بيتي فوالله ما علمتُ على أهلي إلا خيرًا ... " الحديث.
وفيه: فقال سعد بن مُعاذ: "أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربنا عُنُقَه" ولم ينكر النبي ﷺ على سعدٍ استيماره في ضرب أعناقهم.
ولا يَرِدُ على ذلك مِسْطح وحسَّان وحَمْنَة، وإن كانوا في أهل الإفك، فإنهم لم يُرْموا بنفاقٍ، ولم يقتل النبي أحدًا في ذلك السبب، بل اخْتُلف في جلدهم، فإنهم لم يقصدوا أذى النبي ﷺ، ولا ظهر منهم دليل أذاه، بخلاف ابن أُبَيٍّ الذي إنما كان قصده أذاه.
وأيضًا: لم يكن قد ثبت عندهم أن أزواجه في الدنيا هنَّ أزواجه في الآخرة، وكان وقوع ذلك منهنَّ ممكنٌ عقلًا، ولذلك توقَّف النبي ﷺ في القصَّة.
الوجه الثاني: أن الآية عامة، وقد رُويَ من غير وجهٍ أنّ قذف المحصنات من الكبائر (^١)، ثم قد يقال (^٢): هي في مشركيِّ العرب من أهل مكة، فكانت المرأة إذا خرجت إلى رسول الله مهاجرةً قذفها المشركون من أهل مكة، فيكون ذلك فيمن قذف المؤمنات قذفًا يصدُّهُنَّ به عن الإيمان، ويقصد ذمَّ المؤمنين لِيُنَفِّر الناس عن الإسلام، كما فعل كعب بن الأشرف.
_________
(^١) جاء ذلك في أحاديث كثيرة، منها في "الصحيحين" عن أبي هريرة عن النبي ﷺ: "اجتنبوا السبعَ الموبقات ... " وعدَّ منها قذف المحصنات. البخاري رقم (٢٧٦٦) ومسلم رقم (٨٩).
(^٢) هو قول أبي حمزة الثمالي الكوفي التابعي.
1 / 46