مستقلة. وكان من أعظم هذه التصانيف - إن لم يكن أعظمها مطلقًا - كتاب "الصارم المسلول على شاتم الرسول ﷺ"، لشيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية (٧٢٨) - رحمة الله عليه - وكان تصنيفه له عام ٦٩٣ لحادث اقتضى ذلك (^١).
وقد نثر ﵀ كنانته في جميع مباحث الكتاب ومسائله؛ فحقق وحرَّر، وناقش ودلَّل، وتوسَّع في نقل المذاهب واستطرد، وأتى بما أعجز العلماء عن الدفع والرد، فرجَّح واختار واحتج، فحدِّث عن البحر ولا حرج.
ولعل في الحادثة المشار إليها قريبًا التي اقتضت تأليف الكتاب حافزًا قويًّا لهذا التوسُّع والاستطراد.
وعليه؛ فالكتاب بحاجة إلى شيءٍ من التهذيب والانتقاء حتى يتسنَّى لعموم الناس الانتفاع به والإفادة منه بأقرب طريق، وذلك بتقريب مسائله، وإبراز مقاصده، وتقليل صفحاته (^٢).
فاعتنى بهذا الأمر الشيخُ العلامةُ الفقيه محمد بن علي بن محمد البعلي الحنبلي المتوفى سنة (٧٧٨). والبعليُّ أدرك من حياة شيخ الإسلام بضع عشرة سنة على أقل تقدير، بل تتلمذ لمن توفي قبله مثل اليونيني ت (٧٢٦)، إلا أن الجزم بأنه أخذ عنه أو لقيه بعيد، ولئن فاته ذلك إلا أنه قد أخذ عن تلاميذ شيخ الإسلام مثل ابن القيم وابن عبد الهادي - كما سيأتي - فهو سليل تلك المدرسة المباركة.
_________
(^١) انظر الخبر مفصلًا في "الجامع لسيرة شيخ الإسلام": (ص/ ٣٤٤ - ٣٤٥).
(^٢) ومما يؤيد هذه الحاجة: أن الدكتور صلاح الصاوي قد اختصر الكتاب، ولم أقف عليه.
1 / 6