وأيضًا قوله: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة: ٢٢]، فإذا كان من يُوادِد المحادّ ليس بمؤمن، فكيف بالمحاد نفسِه؟!
وقيل: إن سبب نزولها أن أبا قُحافة شتم النبي ﷺ، فأراد أبو بكرٍ قتلَه (^١)، فثبتَ أن المحادَّ كافر حلال الدَّم.
الدليل الثاني (^٢): قوله: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا﴾ إلى قوله: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ﴾ [التوبة: ٦٤ - ٦٦]، وهذا نصٌّ أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفرٌ صريح، فدلَّت الآية أنَّ كلَّ مُتَنَقِّصٍ رسولَ الله جادًّا أو هازلًا (^٣) = فقد كفر.
الدليل الثالث (^٤): قوله سبحانه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة: ٥٨] واللَّمز: العَيْب والطَّعْن.
وقال: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ...﴾ الآية [التوبة: ٦١]، فدل على أنَّ كل من لمزه وآذاه كان منهم، فلما أخبر أنَّ الذين يلمزون النبي ويؤذونه من المنافقين ثبت أنه دليل على النفاق.
الدليل الرابع (^٥): قوله: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ الآية [النساء: ٦٥]، أقسم - سبحانه - بنفسه أنهم لا
_________
(^١) أخرجه ابن المنذر من طريق ابن جُرَيج حُدِّثتُ أن أبا قحافة ... الخبر. انظر: "الدر المنثور": (٦/ ٢٧٤)، و"أسباب النزول": (ص/ ٤٧٨) للواحدي. وقيل في سبب نزولها غير ذلك.
(^٢) "الصارم": (٢/ ٧٠).
(^٣) رسمت في الأصل "هزلًا".
(^٤) "الصارم": (٢/ ٧٥).
(^٥) نفسه: (٢/ ٨٠).
1 / 42