الطعن فيه، ودعوته إلى خلافه، وهذا شأن الإمام، فكلُّ طاعن في الدِّين فهو إمامٌ في الكفر، فيجب قتاله لقوله: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾.
الوجه الرابع: أنه قال: ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [التوبة: ١٣] فجعل همَّهم بإخراج الرسول من المُحضِّضات على قتالهم، وذلك لما فيه من الأذى له. وسبُّه أغلظُ من الهمِّ بإخراجه، لأنه عفى عام الفتح عن الذين همُّوا بإخراجه، ولم يعف عمَّن سبَّه.
الخامس: قوله: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤)﴾ الآية [التوبة: ١٤]، فأمر - سبحانه - بقتال النَّاكثين الطاعنين في الدين، فضَمِنَ أنَّا إذا فعلناه عذَّبهم وأخزاهم ونَصَرَنا عليهم، وشفَى صدورَ المؤمنين الذين تأذَّوا من نقضهم، وأذهبَ غيظَ قلوبهم، فدلَّ على أن الناكث الطاعن مستحقٌ لذلك كله، والسَّابُّ للرسول ناكث طاعن فيستحق القتل.
السادس: أن قوله: ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١٤، ١٥] دليلٌ على أنَّ شفاء الصدور من ألمِ النَّكْثِ والطعنِ، وذهابَ الغيظِ الحاصل [أمرٌ مقصود للشارع] (^١)، فمن سبَّ الرسول، فإنه يغيظ المؤمنين ويُؤْلمهم أكثر من سَفْك دمائهم وأَخْذ مالهم، فإن هذا يُثير الغضب لله ورسوله (^٢).
_________
(^١) ما بين الحاصرتين من "الصارم": (٢/ ٤٦) ليتم الكلام، إذ بدونها يختلّ المعنى.
(^٢) ثم ذكر شيخ الإسلام أن هذا الغيظ لا يذهب إلا بقتل السابِّ وذلك لأربعة أوجه ... وذكرها.
1 / 39