Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
प्रकाशक
دار الهجرة للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
शैलियों
بِالْعِبَادَاتِ - مَثَلًا - فَأَتَى بِهِ المكلَّف فِي الْجُمْلَةِ أَيْضًا، كَذِكْرِ اللَّهِ وَالدُّعَاءِ وَالنَّوَافِلِ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا يُعْلَمُ مِنَ الشَّارِعِ فِيهَا التَّوْسِعَةُ. كَانَ الدَّلِيلُ عاضِدًا لِعِلْمِهِ مِنْ جِهَتَيْنِ: مِنْ جِهَةِ مَعْنَاهُ، وَمِنْ جِهَةِ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ بِهِ، فَإِنْ أَتَى المكلَّف فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ بِكَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ، أَوْ زَمَانٍ مَخْصُوصٍ، أَوْ مَكَانٍ مَخْصُوصٍ، أَوْ مُقَارِنًا لِعِبَادِةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَالْتَزَمَ ذَلِكَ بِحَيْثُ صَارَ مُتَخَيَّلًا أنَّ الْكَيْفِيَّةَ، أَوِ الزَّمَانَ، أَوِ الْمَكَانَ، مَقْصُودٌ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ أنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، كَانَ الدَّلِيلُ بِمَعْزلٍ عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى المُستدل عَلَيْهِ.
فَإِذَا نَدَبَ الشَّرْعُ مَثَلًا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ فَالْتَزَمَ قَوْمٌ الِاجْتِمَاعَ عَلَيْهِ عَلَى لِسَانٍ وَاحِدٍ وَبِصَوْتٍ أَوْ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ مَخْصُوصٍ عَنْ سَائِرِ الْأَوْقَاتِ - لَمْ يَكُنْ فِي نَدْبِ الشَّرْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّخْصِيصِ المُلْتَزَم، بَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ على خلافه، وَخُصُوصًا مَعَ مَنْ يُقتدى بِهِ فِي مَجَامِعِ الناس كالمساجد.
فكلُّ مَنْ خَالَفَ هَذَا الْأَصْلَ فَقَدْ خَالَفَ إِطْلَاقَ الدَّلِيلِ أوَّلًا، لِأَنَّهُ قَيَّدَ فِيهِ بِالرَّأْيِ، وَخَالَفَ مَنْ كَانَ أَعْرَفَ مِنْهُ بِالشَّرِيعَةِ وهمُ السَّلَفُ الصَّالِحُ ﵃، بَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أنْ يَعْمَلَ بِهِ خَوْفًا أنْ يعمل به الناس فَيُفرض عليهم، أَلَا تَرَى أنَّ كلَّ مَا أَظْهَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَوَاظَبَ عَلَيْهِ في جَمَاعَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ فَرْضًا فَهُوَ سُنَّةً عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ بِخِلَافِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَسَائِرِ النَّوَافِلِ، فإنَّها مستحبَّات، وَنَدَبَ ﷺ إِلَى إِخْفَائِهَا، وإنَّما يضرُّ إِذَا كَانَتْ تُشاع ويُعلن بِهَا.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْأَصْلِ التزامُ الدعاءِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ بِالْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ مُعلنًا بِهَا فِي الْجَمَاعَاتِ. وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي بَابِهِ إنْ شاء الله تعالى.
1 / 65