خَاتم الْكتاب
فِي آدَاب الشَّيْخ والطالب
اعْلَم أَن علم الحَدِيث علم شرِيف يُنَاسب مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الْأَعْمَال وَهُوَ من الْعُلُوم الأخروية من رزقه رزق خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَيجب عَلَيْهِمَا أَولا تَصْحِيح النِّيَّة لقَوْله ﷺ إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَهُوَ إخلاصها فِي عبَادَة الله تَعَالَى مَعَ تَطْهِير الْقلب من الْأَعْرَاض الدُّنْيَوِيَّة من حب الرياسة أَو طلب مَال أَو جاه أَو غير ذَلِك وَمَعَ تَحْسِين الْحَال وَقد قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ قلت لحبيب بن أبي ثَابت حَدثنَا قَالَ حَتَّى تَجِيء النِّيَّة وَقيل لأبي الْأَحْوَص سَلام بن سليم حَدثنَا فَقَالَ لَيست لي نِيَّة فَقَالُوا لَهُ إِنَّك تؤجر فَقَالَ
(تمنوا لي الْخَيْر الْكثير وليتني ... نجوت كفافًا لَا عَليّ وَلَا ليا)
فَلْيَكُن المُرَاد نشر الحَدِيث وَالْعلم وَقد أَمر النَّبِي ﷺ بالتبليغ عَنهُ وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ تعلمُوا هَذَا الْعلم فَإِذا علمتموه فتحفظوه فَإِذا حفظتموه فاعملوا بِهِ فَإِذا علمتموه فانشروه
وَاخْتلف فِي السن الَّذِي يسْتَحبّ فِيهِ التصدي لاستماع الحَدِيث وَالْحق أَنه يسْتَحبّ لَهُ التصدي لاستماعه بعد إتقانه فِي أَي سنّ كَانَ كَمَا فعله مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا ثمَّ إِن الشَّيْخ إِذا أَرَادَ الحَدِيث بعد الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ تَوَضَّأ وَجلسَ على غَيرهمَا صدر فرَاشه وسرح لحيته وَتمكن فِي جُلُوسه بوقار
1 / 177