मुख्तारत क़िसासिय्या ली युकियो मिशिमा
البحر والغروب وقصص أخرى: مختارات قصصية ليوكيو ميشيما
शैलियों
كانت محظية الإمبراطور واعية تماما بشدة جمالها، ومن عادة مثل هؤلاء الناس الميل إلى الانجذاب إلى أية قوة، تتعامل مع جمالها ومنزلتها العالية كأشياء لا قيمة لها، وبالتالي؛ فقد كانت شديدة التدين، وبسبب شعور الملل الشديد كانت تؤمن بعقيدة الأرض الطاهرة. وكانت تعاليم البوذية التي تكره هذه الدنيا الزاهية الجميلة وتبتعد عنها في زهد وتعفف؛ لأنها تعتبرها مدنسة. كانت بلا ريب تهون عليها ملل الحياة الفخمة المرفهة وكللها، تلك الحياة التي توحي بنهاية هذه الدنيا.
كانت محظية الإمبراطور تمجد بين المخصصين في الحب والغرام على أنها تجسيد للنقاء والجمال داخل بلاط جلالة الإمبراطور. ولأن هذه السيدة النبيلة العظيمة لم يسبق لها الوقوع في حب أي من الرجال، فلقد كانت تستحق في الواقع ذلك التمجيد والتوقير، ولم يكن أحد ممن يعرفونها يعتقد ولو للحظة أنها تحب جلالة الإمبراطور من قلبها. كانت محظية الإمبراطور تعيش داخل أحلامها قصص حب، تقع في الأغلب على حدود المستحيل.
كان راهب معبد شيغا يشتهر بأخلاقياته، وأنه قد بلغ من العمر ما بلغ، ويعرف الجميع في العاصمة أنه قد زهد هذه الدنيا تماما، فإذا كانت الشائعة حقيقية، يكون الراهب العظيم قد وقع في الحيرة والضلال بسبب جمال وجه المحظية، ويكون قد ضحى بالحياة الآخرة فداء لها. لا يمكن أن تكون هناك تضحية أكبر من ذلك، ولا هدية أعظم من تلك.
لم تكن محظية الإمبراطور يجذبها أفضل الرجال في القصر الإمبراطوري، ورغم ذلك أيضا، فلم يحرك قلبها النبلاء الوسيمون من الشباب. لم تكن أشكال الرجال تعني لها شيئا؛ كان اهتمامها الوحيد هو: من الذي يستطيع أن يحبها حبا كأقوى وأعمق ما يكون الحب؟
امرأة تمتلك ذلك الطموح تكون كائنا مخيفا حقا. لو كانت عاهرة، فسيكفيها أن تعطى ثروة من هذه الدنيا. ولكن محظية الإمبراطور تمتلك بالفعل كل ما يمكن تملكه من ثروات الدنيا؛ ولذا فقد كانت تنتظر الشخص الذي يقدم لها ثروات الآخرة.
انتشرت شائعة غرام راهب معبد شيغا في كل أركان البلاط الإمبراطوري، وتم إبلاغ القصة بنبرة شبه ساخرة إلى الإمبراطور نفسه. بالطبع لم تسعد المحظية بتلك السخرية، واحتفظت بموقف بارد غير مبال؛ لأنها تدرك جيدا أن هناك سببين لأن يتحدث الجميع بحرية، ساخرين من تلك المسألة؛ أولا: لأنهم يودون مدح جمال المحظية الباهر الذي أوقع في الحيرة والضلال حتى ذلك الراهب المشهور بأخلاقه الرفيعة لهذه الدرجة، وثانيا: بسبب الاطمئنان الذي مبعثه أن الجميع يدرك تماما أنه من المحال أن يتحقق حب على أرض الواقع بين ذلك الرجل العجوز وهذه المرأة النبيلة.
استدعت محظية الإمبراطور إلى ذهنها وجه الراهب العجوز الذي رأته من نافذة عربتها، ولكنها لم تجد أي تشابه ولو من بعيد في وجهه مع أي من الرجال الذين وقعوا في حبها حتى ذلك الوقت. من العجيب أن ينبت الحب أيضا في قلب رجل ليس لديه أي مؤهل ليكون محبوبا، مقارنة بذلك تعتبر عبارة مثل «حب بلا أمل» التي كثيرا ما تستخدم في الواقع في أشعار اللقاءات التي تقام في القصر الإمبراطوري من أجل استثارة شعور التعاطف، لم تكن في الأغلب إلا تمثيلا بائسا لشخص مغرور يدعي لنفسه قدرات أكبر من الحقيقة.
بحديثي حتى الآن، أعتقد أنه أصبح واضحا أن محظية الإمبراطور لم تكن تجسيدا للفخامة العالية، ولكنها إنسانة هوايتها العظمى أن تكون محبوبة؛ إنها في نهاية الأمر امرأة، فمهما كانت وجاهتها أو منزلتها، فإن أي سلطة أو قوة تحصل عليها لا تعوضها شيئا عن أن تحب؛ ففي خضم صراع الرجال حول السلطة السياسية، كانت تحلم بإخضاع العالم من خلال وسائل مختلفة؛ وسائل أنثوية خالصة. كانت تضحك استهزاء من النساء اللائي يقمن بحلاقة شعرهن والدخول في الرهبنة؛ لأنه مهما كانت المرأة تتكلم عن التخلي عن العالم، فمن المستحيل أن تتخلى عما تملكه. الرجال فقط هم القادرون على التخلي عما يملكون في الواقع.
ذلك الراهب العجوز قد تخلى مرة في حياته عن هذه الدنيا وجميع متعها. لقد كان أكثر رجولة من نبلاء القصر، ثم إنه كما تخلى عن هذه الدنيا، فهو على وشك التخلي عن الآخرة أيضا من أجلها.
تذكرت محظية الإمبراطور، ذات الإيمان العميق، أفكار زهرة اللوتس المقدسة. فكرت في زهرة لوتس ضخمة يبلغ حجمها مائتين وخمسين يوجانا. كانت زهرة اللوتس العملاقة غير المحدودة تلك، توافق ذوقها أكثر بكثير من أزهار اللوتس الصغيرة التي تشاهد بالعين. فحتى لو استمعت إلى أصوات النسيم تمر عبر أشجار الحديقة الأمامية مثلا، فإنها تعتقد أنها بلا أي قيمة مقارنة بالموسيقى العجيبة التي يحدثها الريح من خلال أشجار الجواهر في «الأرض الطاهرة». وهي عندما تفكر في الآلات الموسيقية المعلقة في الهواء التي تعزف الموسيقى من تلقاء نفسها؛ فإنها لا ترى في أصوات أنواع الآلات الموسيقية العادية، مثل: القيثارة والقانون، التي يتردد صداها حولها، سوى تقليد تافه مقارنة بتلك.
अज्ञात पृष्ठ