मुख्तारात मिन क़ासस इंग्लिज़ी
مختارات من القصص الإنجليزي
शैलियों
أبيض إلا أنه قذر، وعلى ظهره بنيقتي وربطة رقبتي، وصوان له أدراج، مقابض بعضها منزوعة، ودواة من الصيني مزخرفة ولكنها مكسورة موضوعة على ظهر الصوان كأنها حلية، ومنضدة للزينة، عليها مرآة صغيرة جدا، ومدبسة كبيرة جدا، ثم الشباك وهو أكبر من المألوف، وكانت هناك أيضا صورة قاتمة قديمة رأيتها على ضوء الشمعة، وهي صورة رجل على رأسه قبعة إسبانية عالية مزدانة بالريش، ووجهه وجه شرير نذل، وعيناه تنظران إلى فوق، ويده على حاجبه كأنه يستشرف، وكان يحدق فيما فوق، فلعله كان يرمق مشنقة عالية يوشك أن يتدلى منها. ومهما يكن من ذلك، فلا شك أن هيئته كانت هيئة رجل يستحق هذا المصير بلا جدال .
وكأنما أعدتني الصورة فرحت أصعد بصري إلى ما فوق، إلى سقف السرير. ولكن منظره كان كريها؛ فحولت عيني إلى الصورة، ورحت أعد الريشات التي تزدان بها القبعة، فإذا هي ثلاث بيضاء، وثلاث خضراء، وتأملت قمة القبعة فألفيتها مخروطية الشكل، من الطراز الذي كان يميل إليه ويؤثره «جيدو فوكس»، وتساءلت عما ينظر إليه هذا الرجل المرسوم! لا يمكن أن تكون النجوم همه، فإن شريرا مثله لا يكون فلكيا ولا منجما، فلا بد أن تكون عينه على المشنقة العالية التي سيرفع إليها ويتدلى منها بعد قليل! فهل يرث الجلاد قبعته العالية المريشة؟ وأحصيت الريش مرة أخرى فألفيته كما كان؛ ثلاث ريشات بيضاء، وثلاث ريشات خضراء!
وبينما كنت أتشاغل بهذا شردت خواطري، وأذكرني ضوء القمر في الغرفة ليلة مقمرة في إنجلترا، بعد رحلة للنزهة في واد ببلاد ويلز. وتمثل لخاطري كل ما شاهدته وأنا عائد مع رفاقي من هذه الرحلة؛ من المناظر الجميلة التي زادها القمر جمالا، وأكسبها فتنة لا تكون لها بغيره، ومن العجيب أني كنت نسيت هذه الرحلة ولم أفكر فيها كل هذه السنوات الطويلة، ولو أني حاولت أن أتذكرها لكان المحقق أن لا أستعيد إلا قليلا من مشاهدها. فيا لهذه الذاكرة التي لا تزال تعيننا على الاعتقاد بأنا خالدون على الرغم من الفناء المادي! ها أنا ذا في بيت مريب لا عهد لي به، وفي موقف قلق لا يخلو من خطر من شأنه أن ينفي التفكير الهادئ، ومع ذلك أراني أتذكر، عفوا وبلا جهد مني، أماكن وأشخاصا، وأحاديث ودقائق من كل ضرب، كنت أظنها قد طويت طيا ليس له من نشر، وما كان من الممكن أن أتذكر ذلك بإرادتي حتى في أحسن الأحوال. وما الذي أثار هذه الذكرى في لحظة واحدة، وأحدث هذا الأثر العجيب المعقد الخفي السر؟ لا شيء سوى أشعة القمر الداخلة من نافذة غرفتي!
وكنت لا أزال أفكر في تلك الرحلة، وفي مرحنا ونحن عائدون منها، وفي السيدة الشابة التي تأبى إلا أن تنشد أبياتا من قصيدة «تشايلد هارولد» - بيرون - لأن القمر كان يضيء الدنيا، وردتني هذه المناظر والملاهي المنسية إليها واستولت علي، وإذا بالخيط الذي تعلقت به ذكرياتي ينبت في ثانية واحدة، وإذا بي أرد إلى الحاضر الذي أنا فيه بقوة، وإذا بي ألفي نفسي - لا أدري لماذا؟ - أنظر بحدة إلى الصورة المعلقة مرة أخرى!
أنظر باحثا عن أي شيء.
يا إلهي! لقد شد الرجل المرسوم قبعته على حاجبيه! كلا! بل اختفت القبعة كلها! أين ذهبت القبعة المخروطية الشكل؟! وأين الريشات الست؛ الثلاث البيضاء، والأخر الخضراء؟! لم يبق لها وجود! وما هذا الذي يحجب جبينه الآن وعينيه ويده المرفوعة إلى ما فوق !حاجبيه؟
أفي السرير شيء يتحرك؟
انقلبت على ظهري، وحدقت. أتراني جننت؟ أما أنا سكران؟ أم هو حلم؟ أم عاودني الدوار؟ أم سقف السرير يهبط ببطء، ولكن باطراد، وفي سكون؟ يهبط كله شيئا فشيئا، بطوله وعرضه، ويدنو مني قليلا فقليلا وأنا راقد تحته؟
وأحسست كأنما جمد الدم في عروقي، وابترد جسمي وسرى مثل الشلل في بدني، وأنا أقلب خدي على الوسادة، أنظر إلى الرجل المرسوم في الصورة وأرى هل يهبط سقف السرير حقا أو هو ثابت لا يتحرك؟
وكانت نظرة واحدة إلى الصورة حسبي، فقد كان السجف المنقوش المحيط بجوانب السرير من سقفه محاذيا لخصر الرجل! وظللت أنظر وقد احتبست أنفاسي، ورأيت الصورة المرسومة تختفي، والإطار من تحتها يغيب، والسقف يهبط ببطء، وفي اطراد، وبلا صوت!
अज्ञात पृष्ठ