मुख्तारात मिन क़ासस इंग्लिज़ी
مختارات من القصص الإنجليزي
शैलियों
ولصقت بي وينا فجأة حتى لأفزعتني، ولولاها لما فطنت إلى أن أرض القاعة منحدرة، وكان الطرف الذي دخلت منه فوق سطح الأرض، وكان الضوء يؤدي إليه من روازن، وكلما تقدمت في الردهة علت الأرض وظهرت من النوافذ، حتى لا ينفذ من الضوء إلا خيط ضئيل. فسرت على مهل وأنا أعالج ألغاز الآلات، واستغرقني التفكير فلم ألاحظ أن الضوء يقل شيئا فشيئا، حتى لفتني خوف وينا، فرأيت عندئذ أن الردهة تلف من طرفها هذا في ظلام دامس فترددت، ثم أدرت عيني، فرأيت أن التراب أخف، وأن سطح الأرض أقل استواء. ورأيت أمامي آثار أقدام صغيرة فتجدد شعوري بقرب السفليين مني، ودار بنفسي أني أضيع وقتي بهذا الفحص العلمي للآلات، وذكرت نفسي بأن العصر قريب، وأنا ما زلنا بغير سلاح أو مأوى، وأنه ليس عندنا ما نوقد به نارا. وإذا بي أسمع من ناحية الظلام البعيد نفس الأصوات التي سمعتها في البئر والسرداب.
فتناولت يد وينا، ثم خطر لي خاطر، فتركتها وقصدت إلى آلة يبرز منها قضيب شبيه بما يكون في صناديق الإشارة، ووثبت إلى الدرجة، وتناولت القضيب بكلتا يدي، وملت عليه بكل ما في من قوة. ورأت وينا أنها صارت وحدها في وسط الردهة فأنشأت تنشج، وكان تقديري لقوة القضيب دقيقا، فما لبث أن نزع من مكانه، فعدت إلى وينا ومعي حديدة هي فوق الكفاية لفلق يافوخ من عسى أن ألاقي من السفليين، وأقول الحق إني كنت أشتهي قتل بعضهم، وقد تذهبون إلى أن مما ينافي الإنسانية أن يشتهي المرء قتل نسله! ولكنه كان من المستحيل أن يخالج المرء شعور إنساني فيما يتعلق بهؤلاء. وما صدني عن مواصلة السير في الردهة وقتل هؤلاء الوحوش الذين سمعت أصواتهم إلا كراهتي لترك وينا، وأن آلة الزمان قد يصيبها تلف إذا ذهبت أشفي غليلي وأروي ظمئي من دماء هؤلاء.
خرجت من هذه الردهة، والحديدة في يد، ووينا في اليد الأخرى، إلى ردهة أخرى أكبر منها، أذكرتني النظرة الأولى إليها معرضا عسكريا علقت على جدرانه أعلام مهلهلة، وعرفت من الخرق والرقع الحائلة أنها بقايا كتب. وكانت قد فسدت من زمان طويل وتمزقت وتخرقت وامحى منها كل أثر للكتابة، ولكنه كان هنا وهنا ألواح معوجة، ومشابك معدنية مكسورة، تقص على الناظر إليها قصتها، ولو كنت أديبا لفكرت في عبث الطموح، ولكن الذي كان له أعمق وقع في نفسي هو ما يشهد به هذا الورق الذي عاث فيه الفساد وشاع، من العبث الشديد. وأعترف أني كنت أفكر في ذلك الوقت على الأكثر في «العمليات الفلسفية» وفي رسائلي السبع عشرة عن البصريات الطبيعية.
وارتقينا في سلم عريض فبلغنا ما لعله كان متحفا للكيمياء ولم أكن أرجو أن أعثر على شيء نافع. وكان المتحف سليما فيما خلا جانبا منه انقض عليه سقفه فدرت بكل صندوق سليم، وأخيرا وجدت في صندوق محكم علبة كبريت! فجربتها، فألفيتها لا تزال صالحة، وليس بها أثر للرطوبة، فالتفت إلى وينا وصحت بها بلغتها «ارقصي!» فقد صار معي سلاح ماض أقاوم به هؤلاء السفليين الذين نخافهم. وهكذا - في ذلك المتحف المهجور، وعلى بساط التراب الكثيف - رحت أرقص وأغني وأدخل على نفس وينا سرورا عظيما، وكانت الرقصة خليطا من رقصات شتى، ولكن بعضها مبتكر، فإني كما تعلمون، نزاع إلى الاختراع.
وما زلت أرى أن نجاة هذه العلبة من الكبريت من الفساد على الرغم من بقائها ما لا يحصى من السنين، كان من أغرب ما رأيت، ومن أسعد ما وقع لي. على أني عثرت على مادة كان بقاؤها أضأل في الاحتمال وأبعد في الإمكان - وأعني بها الكافور - وجدته في وعاء مختوم وقد ظننت في أول الأمر أنه شمع البارافين فكسرت الوعاء، ولكن رائحة الكافور لا سبيل إلى الغلط فيها أو خلطها بسواها. وقد استطاعت هذه المادة الطيارة أن تبقى وسط هذا الفساد العام عدة آلاف من القرون، وقد هممت أن أرميها، ولكني تذكرت أنها سريعة الاحتراق وأن لهبها قوي صاف - فهي تصلح أن تكون شمعة بديعة - فدسستها في جيبي، ولكني لم أجد مفرقعات، ولا شيء غيرها أستطيع به تحطيم الألواح البرونزية في قاعدة التمثال. وكانت الحديدة التي معي أنفع ما وقعت عليه إلى الآن، غير أني مع ذلك غادرت هذه القاعة مسرورا.
ولا أستطيع أن أسرد عليكم كل ما كان في ذلك المساء، فإن ذلك يتقاضاني جهدا كبيرا لتذكر طوافي في هذا القصر كما حدث، وأتذكر أني دخلت دهليزا طويلا فيه أسلحة شتى صدئة، فترددت بين الحديدة التي معي، وبين فأس أو سيف، وكنت لا أستطيع أن أحمل آلتين، فآثرت الحديدة لأنها فيما رجوت أخلق بأن تكون أجدى علي حين أعالج بها ألواح البرونز. وكان هناك عدد من المدافع والمسدسات والبنادق، وأكثرها عبارة عن كتل من الصدأ، ولكن كثيرا منها مصنوع من ضرب من المعدن جديد، وفي حالة جيدة، غير أن الرصاص أو البارود الذي لعله كان هناك قد صار ترابا. ورأيت ركنا مسودا مهدما، من جراء انفجار، على ما بدا لي، من بعض هذه النماذج. ورأيت في مكان آخر معرضا كبيرا للأصنام، من بولينزيا والمكسيك وفينيقيا واليونان، ومن كل قطر على الأرض فيما أرى. ولم أستطع أن أكبح نفسي فكتبت اسمي على أنف صنم من أمريكا الجنوبية راقني على الخصوص.
وقل اهتمامي بهذه المتاحف مع انحدار الشمس إلى المغيب، وكنت أنتقل من متحف إلى آخر، وما فيها إلا ما هو معفر صامت، وخرب في الأغلب، والآثار فيه كوم من الصدأ والفحم، وفي بعضها رأيت على كثب مني نموذج منجم قصدير، وإذا بي أعثر في صندوق محكم القفل على قطعتين من الديناميت، فصحت: «وجدتها!» وكسرت الصندوق وبي من السرور ما لا يوصف. ثم خالجني شك فترددت، ثم اخترت قاعة صغيرة وقمت بتجربة. وما أعرفني منيت قط بمثل هذه الخيبة في أمل لي، وأنا أنتظر خمس دقائق، ثم عشرا، ثم خمس عشرة، أن يحدث الانفجار الذي يأبى أن يحدث! وقد كان ينبغي أن أدرك أنها زائفة، ولو كانت صحيحة لكان الأرجح فيما أعتقد أن أندفع إلى التمثال وأنسفه هو وقاعدته وألواح البرونز التي عليها، وأملي أيضا - كما ظهر - في الوصول إلى آلة الزمان، فأمحو كل ذلك محوا.
وبعد ذلك - على ما أذكر - وصلنا إلى صحن داخل القصر فاسترحنا وأنعشنا أنفسنا، ولما قاربنا المغرب شرعت أفكر في أمرنا، وكان الليل يزحف علينا، وما زلت أنشد ملجأ أتحصن فيه، ولكن هذا لم يعد يقلقني فقد كان معي أمضى سلاح أدافع به عن نفسي؛ الكبريت! وكان معي الكافور أيضا إذا احتاج الأمر إلى نار تشعل، ورأيت أن خير ما نصنع هو أن نقضي الليل في الهواء الطلق على ضوء نار، وفي الصباح أحاول استرداد آلة الزمان. وما كان معي ما أستعين به على ذلك غير قضيب الحديد، ولكني زدت معرفة فاختلف شعوري بهذه الأبواب البرونزية، وكنت إلى الآن أتقي أن أقتحمها عنوة، من أجل ما عسى أن يكون مخبوءا وراءها. ولم تكن الأبواب فيما أحس متينة جدا، فرجوت أن يكون القضيب الذي معي وافيا بالحاجة. (12) في الظلام
خرجنا من القصر، وما زال جانب من قرص الشمس فوق الأفق الغربي وكنت قد آليت أن أكون عند التمثال في فجر اليوم التالي، وأن أجتاز الغابة التي صدتني البارحة، قبل الغسق، وكانت خطتي، أن أغذ السير فأقطع أكثر ما يسعني قطعه في تلك الليلة ثم أوقد نارا وأنام في حمى وهجها، ومن أجل ذلك جمعت وأنا أسير ما وجدت من الأعواد والحطب والعشب الجاف فصار على ذراعي حمل كبير من ذلك، فصار سيري أبطأ مما كنت أتوقع لثقل ما أحمل، وكانت وينا قد أدركها التعب، وكنت أنا أيضا أشعر بالحاجة إلى النوم، وأعاني تفتيرها للجسد، فجنح الليل قبل أن نبلغ الغابة، وكانت وينا تؤثر أن تبقى على السفح المعشوشب لخوفها من مواجهة العتمة، ولكن شعورا غريبا بكارثة يوشك أن تحل بنا - وكان ذلك ينبغي أن يكون نذيرا لي - دفعني إلى المضي في السير، وكنت لم أذق النوم ليلة ونهارين، فكنت لهذا محموما مضطربا، وأحسست بالنوم يهجم علي، ومعه السفليون.
وبينما كنت مترددا رأيت بين الشجيرات السوداء وراءنا ثلاثة أشخاص رابضين، ولكنهم غير واضحين في هذا السواد، وكان العشب مرتفعا حولنا، فلم آمن زحفهم علينا وقتلهم لنا، وقدرت أن يكون بيننا وبين الغابة دون الميل، فإذا استطعنا أن نجتازها إلى التل العلوي وراءها فإن الأرجح أن نكون هناك في أمان من المخاوف، وحدثت نفسي أن في وسعي أن أنير طريقي في الغابة بما معي من الكبريت والكافور، ولكني أضطر إلى التخلي عما جمعت من الحطب إذا أنا ذهبت ألوح بعيدان الكبريت المشعلة، فوضعت حملي عن ساعدي، وخطر لي أن أذهل متعقبي بإيقاد النار، وقد تبينت فيما بعد مبلغ جنوني في هذا العمل ولكنه بدا لي في وقته حركة ذكية لستر رجوعنا.
अज्ञात पृष्ठ