أما تمام التمام، ومسك الختام، فهو:
ستون بيت قريض لا تزيد سوى
بيت به قد سألت العفو عن زللي
سيداتي، سادتي
إذا لم يكن لهذه القصيدة من نظم ذلك الشيخ كل الفضل، فلا شك في أن لها أبلغ الفضل في أن نبهتني إلى أن درس علوم البلاغة - على هذه الصورة على الأقل - ليس من شأنه أن يعلم البلاغة أو يطبع على ناصع البيان، ولعل لها بعد ذلك شأنا آخر!
البلاغة
من البين الذي لا يحتاج إلى أي جلاء أن مقاويل العرب إنما كانت تجود ببليغ القول فطرهم، وتنتضح ببارع الكلام سلائقهم، لا يصدرون في شيء من هذا عن علم تعلموه، ولا عن درس تفهموه، ولا قواعد يتحرون أحكامها، ولا أقيسة يتقرون حدودها وأعلامها، إنما مردهم في كل ذلك إلى الفطنة، الفطنة والذوق المرهف السليم، حتى موسيقى الأشكال والهياكل - وأعني أوزان الشعر ومقاطعه - لقد كانت هي الأخرى موصولة بطباعهم، فلم يكونوا في أي حاجة إلى قانون يهديهم موقع النبرة من السلك المنظوم.
2
وما يقال في الخطيب والشاعر، يقال في سائر النقدة وهم كثرة العرب الغامرة إن لم يكونوا كلهم متذوقين ناقدين.
وبهذا المقياس الفطري كانت تقدر أقدار الشعراء والخطباء، فينزل كل منزلته في غير ضراع ولا حراب،
अज्ञात पृष्ठ