मुख़ायलात खंदरीस
مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
शैलियों
تراجعت أمي مبتسمة في حزن. بدا واضحا أن إجابتي لم تقنعها ... بل إن إجابتي لم تقنعني أنا أيضا. هكذا، تعكر مزاج أمي مرة أخرى، أخذت تعتذر لي ظنا منها أنني تأثرت برأيها السلبي عن عبد الباقي، وأنني استجبت للضغط الذي فرضته علي؛ فتركته. أكدت لي أنها لا تشك في أخلاقي وسلوكي بل ووعيي بالحياة، لكن قلب الأم الذي لا يطمئن على شيء، كان دليلها الأوحد. قلق أمي وعكرة مزاجها لم يمنع أن يستمر الحفل في مكتب المنظمة إلى ساعة متأخرة من الليل، وأن يغني صديقنا أمير موسى أجمل أغانيه ويحكي لي في أذني نكتتين بذيئتين. ولم يمنع أيضا من أن أقضي باقي الليل في حجرتي الجميلة في صحبة حبيبي الجديد، الذي تم إطلاق سراحه قبل ساعتين، اتصل بي بمجرد أن وجد أول مركز اتصالات، كان هزيلا، في أردية متسخة، لكن ليس بجسده أثر للضرب، إنهم لم يعذبوه مباشرة على جسده، فقط كانوا لا يسمحون له بالنوم. قال لي لاحقا: في الحقيقة كنت لا أرغب في النوم، إلا إذا باغتني النوم مباغتة، كنت خائفا جدا، خائفا بالجد.
كانت تفوح من جوانبه رائحة أشبه بعبق الخشب المتعفن. كنا في الحمام ... طلب مني أن أدلك جسده بيدي، قال: إنه يفتقد كثيرا ملمسا رقيقا. لم يمس جلده الماء طوال الأسابيع التي حبس فيها. كان سعيدا جدا، يظن أن حياة جديدة قد كتبت له، ما كان يصدق أنه سيخرج من ذلك الجب سالما. العجيب في الأمر إلى تلك اللحظة، لم يستطع أن يتبين حقيقة الذين قاموا بحجزه طوال هذه الأسابيع! لم يخبره أي منهم عن سبب حجزه، كما أنه لا يعرف لم أطلقوا سراحه أخيرا؟! سألته سؤالا ظل يؤرقني لشهور كثيرة مضت: ما هو السؤال الذي طرحه على وزير الرعاية الإنسانية في المؤتمر الصحفي بمقر جريدة السودان في 20 / 7 / 2011؟ كان عليه بالساحق والماحق والبلاء المتلاحق؛ فقد وظيفته لأجله وما زال مطاردا من قبل جهات كثيرة. تحدث وهو مغمض العينين، يحاول أن يضع ابتسامة صغيرة على شفتيه المبتلتين؛ لأن الصابون السائل كان يهبط من شعر رأسه على جفنيه وفمه مباشرة، قال من بين فقاعات الصابون: «سألته: هل تم تبادل أي خبرات فنية بين الحكومة الوطنية وحكومة البرازيل في شأن التعامل مع إشكالية التشرد؟ وهل تمت الاستفادة من تلك الخبرات، إذا ما كان قد حدث هذا التبادل فعلا؟»
29 / 11 / 2011
الدمازين - النيل الأزرق
अज्ञात पृष्ठ