मुख़ायलात खंदरीस
مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
शैलियों
يستحيل ذلك بالطبع، أن أنتقل معها لبيت زوجها. وهو أيضا يرفض أن يقيم معنا في البيت؛ فبيتنا لا يتحمل بنتا، زوجا، أما وطفلين مشاغبين . هذه الأمور المعلقة لم تنقص شيئا من سعادة أمي ونضارتها؛ حيث إنها أصبحت جميلة وندية مثل زهرة. أثبتت بالفعل أنها أجمل مني ... أجمل بكثير، بل أصغر عمرا. كنت أحس كلما تجملت أمي كانت تقصدني أنا بالذات. هذا الشيء لا يؤلمني ولا يربكني؛ لأنها ببساطة تريد أن تصبح يانعة مثل ابنتها الوحيدة التي هي أنا. مر الزواج برفق وسهولة، حيث تم عقد القران في بيت جدي بالقرية. انتهى كل شيء، وأقاما معي بالبيت إلى أن تحل إشكالية بقائي وحدي. أمي قالتها صراحة: إنها لا تخاف علي من مكروه بقدر ما تخاف علي من نفسي، وأنني قد لا أستطيع أن أضبط سلوكي. بصراحة أكثر: الجاهل عدو نفسه، وأنني إذا بقيت وحدي بالمنزل سوف أخرب سمعتها وسمعة أسرتها.
الروائي وليد الجندي، يكبر أمي بسبع سنوات. ليس في عمرها، كما كانت تقول هي. لم يتزوج من قبل ... كانت له تجربة حب يتيمة مع المرحومة سيدة إبراهيم التي قتلت في تظاهرات شعبية، اختنقت بمسيل الدموع، بينما تعاني هي من مرض الأزمة ... ماتت على الأسفلت. كانت تعمل في التمريض بمستشفى أم درمان. لا يحب أن يخوض كثيرا في هذا الأمر. يعمل هو مستشارا هندسيا مستقلا ... تخرج قبل سنوات كثيرة من كلية الهندسة جامعة القاهرة. عمل كثيرا جدا في كل بقاع السودان، لم يستقر بالخرطوم إلا قبل عشر سنوات فقط. أمي تعرفت عليه في إحدى زياراتنا لقبر أبي، منذ سنوات بعيدة. بينما كان يزور هو من أسماها صديقتنا سيدة إبراهيم. نشر روايته الأولى قبل شهر تقريبا، لكنه لم يحبط لأنها لم تخلق الأثر الذي كان يتوقعه، حيث لم يكتب عنها أي من النقاد الذين قاموا بقراءتها. فهو يظن أنه قام بمجهود كبير من أجل أن تصبح روايته ذات قيمة فنية عالية، أن تصبح في الوقت نفسه علامة فارقة في تاريخ الرواية السودانية على أقل تقدير، في ظنه، وهو صادق في ذلك. كما أشار بعض القراء إلى أول رواية في العالم تكتب من وجهة نظر القلم الذي تسطر به، الأوراق والحبر. هو يعرف أن الزمن خير الناقدين، سوف ينصفه. على كل هو ليس متعجلا، فالنقد في بلدنا بطيء وهو غالبا ما يلحق بالكتابة بعد جري قد ينقطع نفسه أثناءه. قد كتب الرواية في ثماني سنوات. بإمكانه أن ينتظر بضعة أعوام أخرى لكي يأتي من يكتب عنها بعمق، يكفي أن أمي احتفت بالرواية احتفاء بالغا، لدرجة أنها نادمته، غنوا معا للفنان إبراهيم عوض الذي يفضلانه: عزيز دنياي ...
أقنعني الجندي زوج أمي أن أرحل معهما في بيته، فهو بيت كبير في السلمة بالخرطوم. يتكون من طابقين عملاقين، يستطيع أن يوفر لي نوعا من الخصوصية: يعجبك!
وفعلا قبلت، لا لشيء لكن لأنني لم أستطع أن أوفر هذه الخصوصية لأمي في بيتنا الصغير ... وزوجها.
في زيارة مفاجئة، جاءنا الفكي في مكتب المنظمة. عندما وجد المستأجرين الجدد ببيتنا، وصفوا له المكتب. كان لا يزال نظيفا ... بدا عليه الاهتمام بنفسه وهندامه، يبدو أنه قد استحم عدة مرات في الشهور الماضية، وغسل ملابسه كثيرا؛ لأنها بدت باهتة من أثر الصابون والشمس. فمن يره يظنه عامل يومية كادحا، ليس متشردا عاطلا، لا يرغب في العمل. ولو أنه ما زال نحيفا، تفوح من جسده وملابسه رائحة الشمس. بعد أن تناول بعض الماء وكوب الشاي سأل عن الأطفال: حسكا وجلجل. سألته سؤالا مفاجئا: أين هرب هو ونونو؟
قال لنا، وكنت أعلم أنه يكذب: إن نونو رفضت البقاء في البيت وأجبرته على الهروب. - أين نونو الآن؟
قال: إنها في أم درمان، قال: إنها تعمل مع إحدى النساء في سوق قندهار بأم درمان كمنظفة للآنية المتسخة، وأنها تنام في ذات المطعم، قال فجأة ودون مقدمات، واضعا على فمه ابتسامته المربكة: أنا عايز أشيل أولادي معاي.
قلت في استغراب. وكأنه ليست هنالك صلة بينه وبينهم: تشيلهم توديهم وين؟
قال بهدوء وفي فمه ذات الابتسامة الغريبة المربكة: يقعدوا مع أمهم في قندهار. أمهم تبكي الليل والنهار؛ لأنها مشاقة ليهم.
سألته بقسوة: قل لي يا الفكي: الأولاد ديل أولادك؟
अज्ञात पृष्ठ