मुजाज़
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
فهلا قال لهم: فقد أوتيتم عقولا وأفكارا، وقال: (أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) (¬1) يعني بالطائفتين: اليهود والنصارى، وقال: (ثم أرسلنا رسلنا تترى كلما جاء أمة رسولها كذبوه فاتبعها بعضهم بعضا) (¬2) ، وقال: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) (¬3) ، وقال: (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى) (¬4) ، وقال: (أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات) (¬5) في أشباهها، وكيف لم تحتج عليهم الملائكة بالعقول كما قالوا؟ وقال: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء) (¬6) ، فدل على أنهم لن يضلوا ولن يهتدوا إلا من بعد ما تبين لهم الرسل. وهذا كله من كتاب الله عز وجل مما يدل على أن الله قطع على الخلق بحجة الرسل، وأنهم لن ينالوا شيئا من معرفته، ولا من معرفة دينه إلا على أيدي رسله إليهم، لقوله عز وجل: (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) (¬7) ، وقوله: (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين) (¬8) . فدل على أن الله لو أهلكهم قبل أن يرسل إليهم الرسل لكانت لهم الحجة، وإلا فأنى رأيتم أو سمعتم بأمة ضالة كافرة معذبة، وهي غير مكذبة للرسل؟ قال الله عز وجل: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (¬9) ، فما باله لم يقل: حتى يكونوا غير مفكرين؟ وقال عز وجل: (كل كذب الرسل فحق وعيد) (¬10)
¬__________
(¬1) سورة المائدة آية رقم 156.
(¬2) سورة المؤمنون آية رقم 14.
(¬3) سورة فاطر آية رقم 24.
(¬4) سورة الملك آية رقم 8، 9.
(¬5) سورة غافر آية رقم 50.
(¬6) سورة إبراهيم آية رقم 4.
(¬7) سورة طه آية رقم 134.
(¬8) سورة القصص آية رقم 47.
(¬9) سورة الإسراء آية رقم 15.
(¬10) سورة ق آية رقم 14..
पृष्ठ 158