ويقال لهم: أخبرونا عن الفعل من جعله لا يخلو من أن يكون حركة أو سكونا؟ أو من جعل الحركة والسكون غير المتحرك والساكن؟ أو من جعل الحركة غير السكون، والسكون غير الحركة؟ أو من خالف بين الحركة والسكون، فجعل الحركة تقطع بها الأماكن الكثيرة ويجاوز بها المفاوز البعيدة، وجعل السكون ملازما للمكان؟ أو من جعل الحركة متعبة مؤلمة مؤذية، وجعل السكون مريحا للمكان من التعب؟ فإن زعموا أن العباد تولوا فعل ذلك كله، وجعلوه على ما وصفنا، قيل لهم: فكيف ونحن قد وجدنا الفاعلين لا يتأتى لهم أن يقصدوا إلى فعل شيء من جميع ما ذكرنا، ولا تخطر معرفته على بالهم، بل قد علمنا أن منهم من لا يوصف بالمعرفة لشيء منه؛ وذلك أن من الفاعلين بهائم لا يتأتى لهم، وليس في معارفهم أكثر من أن يخرجوا من مكان إلى مكان، أو يقيموا في مكان دون مكان، بل قد وجدنا كثيرا من غير البهائم بتلك الحال، بل قد وجدنا كثيرا ممن ينتحل العلم، وهو لا يعرف أن الحركة (¬1)
¬__________
(¬1) الحركة: ضد السكون، ولها عند القدماء عدة تعريفات، وهي أولا: الخروج من القوة إلى الفعل على سبيل التدريج، ثانيا: شغل الشيء حيزا بعد أن كان في حيز آخر، أو هي كونان في آنين ومكانين، بخلاف السكون الذي هو كونان في آنين ومكان واحد.
الحركة كمال أول لما بالقوة من جهة ما هو بالقوة. راجع ابن سينا في النجاة ص 169.
ويرى أبو الهذيل العلاف من المعتزلة: أن الأجسام قد تتحرك في الحقيقة وتسكن في الحقيقة، والحركة والسكون هما غير الكون والجسم في حال خلق الله له، لا ساكن ولا متحرك (مقالات الإسلاميين 2: 19).
पृष्ठ 26