मुहावरत अफलातून
محاورات أفلاطون: أوطيفرون – الدفاع – أقريطون – فيدون
शैलियों
idea
مقصورا على المثال، بل إن لكل شيء آخر حق المشاركة في الاسم، ما دام موجودا في صورة المثال، من غير أن يكون هو المثال، وسأسوق إليك مثلا لعلي أوضح هذا القول: أليس يطلق دائما اسم الفردي على العدد الفردي؟- جد صحيح.- ولكن هل هذا وحده هو الشيء الذي يسمى بالفردي؟ أليس ثمة أشياء أخرى لها أسماؤها الخاصة بها، ويطلق عليها رغم ذلك اسم الفردي؛ لأنها وإن كانت ليست هي الفردية ذاتها، غير أنها لا تخلو من الفردية قطعا؟ - هذا ما أريد أن أستجيب عنه - أليست الأعداد كرقم ثلاثة مثلا من نوع الفردي؟ وهناك غير هذا كثير من الأمثلة، ألست تقول مثلا إنه يجوز أن يدعى رقم الثلاثة باسمه الأصلي، ثم يطلق عليه كذلك اسم الفردي، وليس الفردي هو الثلاثة ذاتها؟ وليس يقال هذا عن العدد ثلاثة فقط، بل إنه جائز أيضا على خمسة، وعلى كل الأعداد الفردية الأخرى، كل منها فردي دون أن يكون هو الفردية. وهكذا قل في اثنين وأربعة وسائر سلسلة الأعداد المتعاقبة، كل عدد زوجي دون أن يكون هو الزوجية. هل تسلم بهذا؟قال: نعم، وهل إلى إنكاره من سبيل؟- ألق بالك إذن إلى الغاية التي أنشدها؛ ليست الأضداد المعنوية وحدها هي التي يطرد بعضها بعضا، بل كذلك الأشياء المجسدة التي وإن لم تكن متضادة في ذاتها إلا أنها تحتوي أضدادا. وأنا أزعم أن هذه الأشياء أيضا ترفض المثال
idea
الذي يكون مضادا لما تحتويه في داخلها، وهي إذا ما تقدم ذلك فإما أن تنسحب أو تفنى. خذ عدد ثلاثة مثلا، أليس يصبر على التلاشي أو أي شيء آخر، أهون عليه من أن يتحول إلى عدد زوجي مع بقائه ثلاثة؟فقال سيبيس: جد صحيح.قال: ومع ذلك فلا ريب في أن العدد اثنين ليس مضادا للعدد ثلاثة؟- إنه لا يضاده.- إذن فليست المثل المتضادة وحدها هي التي يقاوم بعضها تقدم بعض، ولكن ثمة أشياء أخرى تقاوم كذلك اقتراب الأضداد؟- فقال: هذا جد صحيح.قال: هبنا نحاول تحديد ماهية هذه «الأشياء» إن أمكن ذلك.- لا ريب في هذا.- أليست هذه يا سيبيس ترغم الأشياء التي في حوزتها على أن تتخذ شكل بعض الأضداد فضلا عن شكلها هي؟- ماذا تعني؟- أعني، كما كنت أقول الآن توا، وما ليس بي حاجة لإعادته إليك، إن الأشياء التي يملكها العدد ثلاثة، لا يلزم فقط أن تكون ثلاثة في عددها، بل ينبغي كذلك أن تكون فردية.- جد صحيح.- ويستحيل على المثال المضاد أن يعتدي على هذه الفردية التي انطبع العدد ثلاثة بطابعها؟- كلا.- وهو إنما استمد هذا الطابع من عنصر الفردي؟- نعم.- والزوجي والفردي ضدان؟- حقا.- إذن فمثال العدد الزوجي لن يلحق بثلاثة أبدا؟- كلا.- وإذن فليس لثلاثة في الزوجي من نصيب؟- كلا.- إذن فالثلاثي أو العدد ثلاثة غير زوجي؟- جد صحيح.لأعد إذن إلى ما زعمته من تمييز بين الطبائع التي ليست أضدادا وهي مع ذلك لا تقبل أضدادا، فكما في هذا المثال على الرغم من أن ثلاثة ليست مضادة للزوجي إلا أنها لا تقبل شيئا من الزوجي أبدا، ولكنها دائما تعرض الضد في الجانب الآخر أو كما أن اثنين لا تتقبل الفردي، أو النار البرودة. ومن هذه الأمثلة (ومنها كثير غير هذا) ربما استطعت أن تصل إلى نتيجة عامة أنه ليست فقط الأضداد هي التي لا تتقبل أضدادا، بل كذلك لا شيء مما يسوق الضد يقبل ضد ما يسوقه فيما سيق إليه. واسمح لي هنا أن ألخص ما سبق من قول - فليس في التكرار من ضرر، لن يقبل العدد خمسة طبيعة الزوجي، أكثر مما تقبل عشرة، وهي ضعف الخمسة، طبيعة الفردي - فللضعف ضد آخر وليس مضادا للفردي تضادا دقيقا، غير أنه يرفض الفردي إجمالا، ولن تقبل كذلك أجزاء النسبة 3 : 2 فكرة الكل، وكذلك أي كسر يكون فيه نصف، لا بل والذي يكون فيه ثلث، ولو أنها ليست مضادة للكل، هل تسلم بذلك؟فقال: نعم إني متفق تماما، وذاهب معك إلى ذلك.قال: أظنني الآن أستطيع أن أبدأ ثانيا، وإني لأرجوكم أن تدلوا إلي عن هذا السؤال الذي أوشك أن ألقيه، بجواب غير الجواب القديم المأمون، وسأقدم لكم لما أريد مثالا، وعسى أن تجدوا أساسا آخر فيما قيل الساعة توا يكون مأمونا كذلك؛ أعني أنه لو ساءلكم أحد: «ما هو الشيء الذي يجعل الجسم حارا بحلوله فيه؟» فستجيبون أنه ليس الحرارة (وهذا ما أدعوه بالجواب المأمون)، ولكنه النار، وهو جواب يفضل ذلك كثيرا، ونحن الآن مهيئون للإدلاء به. أو لو ساءلكم أحد: «لماذا يعتل الجسد؟» فلن تقولوا من المرض بل من الحمى، وفي مكان القول بأن الفردية هي سبب الأعداد الفردية ستقولون إن الجوهر الفرد هو سببها. وهكذا في الأشياء بصفة عامة، أحسب أنك ستفهم ذلك فهما جيدا بغير أن أسوق إليك أمثلة أخرى؟فقال: نعم، إني أفهم ما تقول فهما جيدا.- حدثني إذن ما هو الشيء الذي يجعل الجسم حيا بحلوله فيه؟فأجاب: هو الروح.- أهذه هي الحال دائما؟فقال: نعم، بالطبع.- إذن فمهما يكن ما تملكه الروح؛ فإنها إذ تأتيه تحمل إليه الحياة؟- نعم، يقينا.- وهل ثمة ضد للحياة؟فقال: نعم هناك.- وما هو ذاك؟- الموت.- إذن فلن تقبل الروح أبدا، كما اعترفنا، ضد ذلك الذي تسوقه. ثم قال: والآن، بماذا سمينا ذلك المبدأ الذي يقاوم الزوجي؟- الفردي.- والمبدأ الذي يقاوم الموسيقي أو العادل؟فقال: غير الموسيقي وغير العادل.- وبماذا نسمي ذلك المبدأ الذي لا يقبل الموت؟فقال: الخالد.- وهل تقبل الروح الموت؟- كلا.- إذن فالروح خالدة؟فقال: نعم.- أيحق لنا القول بأن ذلك قد ثبت بالدليل؟فأجاب: نعم يا سقراط، لقد ثبت بأدلة كثيرة.- وإذا فرضنا أن الفردي لا يخضع للفناء، أليس يلزم أن ثلاثة غير قابلة للفناء؟- طبعا.- وإذا كان الشيء البارد غير قابل للفناء، ثم جاء العنصر الدافئ يهاجم الثلج، أفلا ينبغي للثلج أن يتراجع متماسكا متجمدا لأنه عندئذ يستحيل عليه أن يفنى كما كان يستحيل عليه أن يبقى مع قبوله للحرارة؟فقال: حقا .- وكذلك لو كان العنصر الذي لا يبعث البرودة، أي الدافئ، مستعصيا على الفناء، لما فنيت النار وما انطفأت حين تغير عليها البرودة، ولكنها تنأى بغير أن تتأثر؟فقال: يقينا.- ويمكن أن يقال هذا القول نفسه عن الخالد: لو كان الخالد مستعصيا كذلك على الفناء، لاستحال فناء الروح حين يهاجمها الموت؛ إذ يدل البرهان السابق على أن الروح لن تكون قط ميتة، فلن تقبل الموت أكثر مما تقبل ثلاثة أو العدد الفردي، الزوجي، أو النار أو الحرارة التي في النار، البرودة. ومع ذلك فرب أحد يقول: «ولكن على الرغم من أن الفردي لن يصير زوجيا حتى يقترب الزوجي منه، فلماذا لا يجوز أن يفنى الفردي وأن يحل مكانه الزوجي؟» ونحن لا نستطيع أن نجيب من يتقدم بهذا الاعتراض بأن العنصر الفردي مستعص على الفناء لأن ذلك لم يعترف به بعد، فلو قد اعترف بهذا لما أشكل علينا الزعم بأن العنصر الفردي والعدد ثلاثة يهمان بالرحيل حين يقترب الزوجي، وهذا البرهان بعينه كان يصح عن النار وعن الحرارة وعن أي شيء آخر.- جد صحيح.- ويجوز هذا القول نفسه عن الخالد: لو كان الخالد مستعصيا كذلك على الفناء؛ إذن لكانت الروح مستعصية على الفناء كالخالد سواء بسواء، فإن لم يكن، وجب أن يقام برهان آخر على استحالة فنائها.فقال: ليس بنا من حاجة إلى برهان آخر؛ إذ لو كان الخالد - وهو سرمدي - عرضة للفناء، للزم ألا يستحيل الفناء على شيء.فأجاب سقراط: نعم؛ فكل الناس مسلمون بأن الفناء مستحيل على الله وعلى صورة الحياة الروحية وعلى الخالد بصفة عامة.قال: نعم، كل الناس بذلك مسلمون - هذا صحيح، وأكثر من هذا؛ فهم مجمعون - إن لم أكن مخطئا، على أن الآلهة كالناس في ذلك.- وإذن فما دمنا قد رأينا أن الخالد لا يناله التخريب، أفلا يلزم أن تكون الروح مستعصية على الفناء كذلك، ما دامت خالدة؟- بكل تأكيد.- إذن فحين يهاجم الموت إنسانا؛ فقد يتعرض الجزء الفاني منه للموت، أما الخالد فينأى عن طريق الموت حيث يحفظ مصونا سليما؟- حقا.- إذن يا سيبيس فالروح خالدة بغير شك، هي مستعصية على الفناء، وستحيا أرواحنا حقا في عالم آخر!فقال سيبيس: إني مقتنع يا سقراط، وليس لدي بعد ذلك ما أعترض عليه، فإن كان عند صديقي سمياس، أو عند أحد سواه اعتراض آخر، فيجمل به ألا يلتزم الصمت وأن يعلنه، اللهم إن كان لديه شيء يريد أن يدلي به، أو كان يود لو أدلى به؛ فلست أرى أن سيجود عليه الدهر بأنسب من هذه اللحظة حتى يجوز له أن يرجئ إليه الحديث.فأجاب سمياس: ولكن ليس عندي ما أقوله بعد ذلك، بل لست أرى مجالا للشك، إلا ما ينشأ حتما عن ضخامة الموضوع وضعف الإنسان، فذلك ما لم يسعني إلا أن أشعر به.فأجاب سقراط: نعم يا سمياس فقد أحسنت قولا، أضف إلا ذلك أن المبادئ الأولى يجب أن تبسط للبحث الدقيق حتى وإن كانت تبدو يقينا، فإذا ما استوثقنا منها وثوقا مرضيا، استطعنا بعدئذ، فيما أظن، في شيء من الإيمان المزعزع بالعقل البشري، أن نتتبع مجرى البرهان، فإن ألفيناه واضحا لم يكن بنا بعد ذلك حاجة لسؤال.فقال: ذلك صحيح.قال: أما إن كانت الروح يا أصدقائي خالدة حقا؛ فما أوجب العناية بها، ليس في حدود هذه الفترة من الزمن التي تسمى بالحياة وكفى، بل في حدود الأبدية! وما أهول الخطر الذي ينجم عن إهمالها بناء على هذه الوجهة من النظر. لو كان الموت خاتمة كل شيء، لكانت صفقة الأشياء في الموت راجحة؛ لأنهم سيغتبطون بخلاصهم، لا من أجسادهم فحسب، بل من شرهم ومن أرواحهم معا. أما وقد اتضح في جلاء أن الروح خالدة؛ فليس من الشر نجاة أو خلاص إلا بالحصول على الفضيلة السامية والحكمة العليا؛ لأن الروح لا تستصحب معها شيئا في ارتقائها إلى العالم الأدنى، اللهم إلا التهذيب والتثقيف، اللذين يقال عنهما بحق إنهما ينفعان الراحل أكبر النفع أو يؤذيانه أكبر الأذى، إذا ما بدأ حجته إلى العالم الآخر.فبعد الموت، كما يقولون ، يقود كل امرئ شيطانه
37
الذي كان تابعا له في الحياة، إلى مكان معين يتلاقى فيه الموتى جميعا للحساب؛ ومن ثم يأخذون سمتهم نحو العالم الأدنى، يقودهم دليل نيطت به قيادتهم من هذا العالم إلى العالم الآخر، فإذا ما لقوا هناك جزاءهم ولبثوا أجلهم، رجع بهم ثانية بعد كر الدهور المتعاقبة دليل آخر، وليست هذه الرحلة للعالم الآخر، كما يقول أسكيلوس
Aschylus
في «التلفوس»
Telephus ، طريقا واحدة مستقيمة، وإلا لما احتاج الأمر إلى دليل، فلم يكن أحد ليضل في طريق واحدة، ولكن الطريق كثيرة الشعب والحنايا. وإني لأستنتج ذلك مما يقدم إلى آلهة العالم الأدنى من الشعائر والقرابين، في أمكنة من الأرض تتلاقى عندها سبل ثلاث؛ فالروح الحكيمة المنظمة تكون عالمة بموقفها وتسير في سبيلها على هدى، أما الروح الراغبة في الجسد، والتي لبثت أمدا طويلا - كما سبق لي القول - ترفرف حول الهيكل الذي لا حياة فيه، وحول عالم الرؤية، فيحملها شيطانها الملازم لها في عنف وعسر، وبعد عراك متصل وعناء كثير، حتى تبلغ ذلك المكان الذي تجتمع فيه سائر الأرواح. فإن كانت روحا دنسة خبيثة الصنيع، بأن انغمست في الفتك المنكر وفي أخوات الفتك من الجرائم الأخرى، وتلوثت بهذه السلسلة من الآثام، فإن كل إنسان يفر من تلك الروح وينصرف عنها، فلن يكون أحد لها رفيقا أو دليلا، بل تظل تخبط وحدها في أرذل الشر، حتى ينقضي أجل معلوم، فإذا ما انقضى ذاك الأجل حملت خانعة إلى مستقرها الملائم. كذلك لكل روح طاهرة مسكينة، مضت في حياتها مرافقة للآلهة مترسمة خطوهم، مقامها الخاص.هذا وإن في الأرض لربوعا مختلفة عجيبة، تختلف في حقيقة أمرها - كما أعتقد معتمدا على رأي ثقة لن أذكر اسمه - تمام الاختلاف عن آراء الجغرافيين من حيث طبيعتها ومداها.فقال سمياس: ماذا تعني يا سقراط؟ لقد سمعت للأرض أوصافا كثيرة، ولست أدري مع أيها تذهب، وأحب أن أعلم ذلك.فأجاب سقراط: حسنا يا سمياس، لا أظن أن حكاية تروى تستلزم لروايتها فن جلوكس
Glaucus ، ولست أدري أن فن جلوكس مستطيع أن يقيم الدليل على صدق حكايتي، التي أنا عاجز تمام العجز عن إثباتها بالدليل، وحتى لو استقطعت ذلك، لخشيت يا سمياس أن أختم حياتي قبل أن يكمل الدليل، ومع ذلك فقد أستطيع أن أصف لك صورة الأرض وربوعها كما أتصورها!قال سمياس: حسبي منك ذلك.قال: حسنا، إذن فيقيني أن الأرض جسم مستدير، هو من السماوات في مركزها؛ لهذا لم يكن بها حاجة إلى الهواء أو ما إلى الهواء من قوة أخرى، ليكون لها عمادا، بل هي قائمة هنالك، تحول موازنة السماء المحيطة بها، وتوازنها هي نفسها، بينها وبين السقوط أو الانحراف في أية ناحية؛ ذلك لأن الشيء الذي يكون في مركز شيء آخر منتشر انتشارا متوازنا، ويكون هو نفسه متزنا، لن ينحرف بأية درجة في أي اتجاه، بل سيظل ملازما لحالة بعينها دون أن يحيد. ذلك هو أول رأي لي.فقال سمياس: وهو بغير شك رأي صحيح.- كذلك أعتقد أن الأرض فسيحة جدا، وأننا نحن الذين نقيم في المنطقة التي تمتد من نهر فاسيس
अज्ञात पृष्ठ