मुहावरत अफलातून
محاورات أفلاطون: أوطيفرون – الدفاع – أقريطون – فيدون
शैलियों
أجاب سمياس: لا يمكن قطعا.قال: ومع ذلك فينبغي بلا ريب أن يكون ثم انسجام، ما دام الانسجام هو موضوع الحديث.أجاب سمياس: ينبغي أن يكون.قال: ولكن ليس ثم انسجام بين هاتين القضيتين. إن المعرفة عبارة عن تذكر، وإن الروح انسجام؛ فأيهما إذن تستبقي لنفسك؟أجاب: إني لأحسبني يا سقراط أشد يقينا بأولاهما التي أقيم لي عليها الدليل الوافي، مني بالثانية التي لم ينهض عليها دليل قط؛ فليست ترتكز إلا على أسس من الظن والاستحسان، وأنا عليم علم اليقين أن هذه الأدلة التي تعتمد على الظنون مضللة، وهي خداعة ما لم يؤخذ عند استخدامها حذر شديد. هي خداعة في علم الهندسة وفي سائر الأشياء أيضا. أما نظرية المعرفة والتذكر؛ فقد أقيم برهانها على أسس من اليقين، والبرهان هو أن الروح لا بد كانت موجودة قبل أن تحل في الجسد؛ لأن الجوهر
29
متعلق بها، ومجرد اسم الجوهر يقتضي الوجود، وما دمت قد ارتضيت هذه النتيجة بحق وعلى أسس وافية، كما أعتقد، فينبغي فيما أظن ألا أستطرد في الجدل، وألا أسمح لسواي أن يزعم بأن الروح هي عبارة عن انسجام.قال: دعني يا سمياس أبسط الموضوع من وجهة نظر أخرى: هل يمكن فيما تتصور أن يكون الانسجام أو أي مركب آخر في حالة تختلف عن حالة العناصر التي تألف منها؟- لا، ولا ريب.- أم هل هو يفعل أو يعاني شيئا غير الذي تفعله هي أو تعانيه؟فوافق سمياس.- إذن فليس يسوق الانسجام الأجزاء أو العناصر التي يتكون منها هو، ولكنه يتبعها فقط. فوافق سمياس.- لأنه يستحيل على انسجام أن يكون على شيء من الحركة أو الصوت أو أية صفة أخرى تكون مضادة للأجزاء.فأجاب: يستحيل أن يكون كذلك.- أوليس كل انسجام يتوقف على الحالة التي تنسجم فيها العناصر؟قال: لست أفهم ما تقول.- أريد أن أقول إن الانسجام يقبل التدرج؛ فهو أكثر انسجاما، وهو أقرب إلى الانسجام التام، حينما تدنو الأجزاء في تناسقها إلى التمام، إن أمكن لها ذلك. وهو أقل انسجاما، وأبعد عن الانسجام التام، حينما تكون الأجزاء أقل تناسقا.- حقا.ولكن هل تقبل الروح التفاوت؟ أعني هل تكون روح ولو إلى أقل حد ممكن، أكثر أو أقل روحانية من غيرها، أو أبعد عن تمام الروحانية، أو أدنى إليه من روح أخرى؟- لا يكون ذلك قطعا.- ومع ذلك فقد يقال بحق إن روحا تتصف بالذكاء والفضيلة وإنها خيرة، وإن روحا أخرى تتصف بالغباوة والرذيلة وإنها شريرة، وحق هذا الذي يقال؟- نعم هو حق.- ولكن ماذا يقول أولئك الذين يصرون على أن الروح انسجام، فيما رأيت من وجود الفضيلة والرذيلة في الروح؟ - أيقولون إن ثم انسجاما آخر وتنافرا آخر، وإن الروح الفاضلة تكون منسجمة، وما دامت هي نفسها انسجاما، ففي باطنها انسجام آخر، وإن الروح الرذلة ليست منسجمة ولا يكون في باطنها انسجام؟- أجاب سمياس: إني لا أحير جوابا، ولكني أحسب أن سيزعم أولئك الذين يأخذون بهذا الرأي شيئا كهذا.- ونحن قد اتفقنا فيما سبق أن ليست روح أكثر روحانية من غيرها، وهذا الاتفاق يساوي الموافقة على أن الانسجام لا يزيد في درجة انسجامه ولا ينقص، أي لا يكون أكمل ولا أنقص انسجاما.- جد صحيح.- وما لا يزيد في انسجامه ولا ينقص لا يكون أكثر ولا أقل تناسقا!- صحيح. - وما لا يكون أكثر ولا أقل تناسقا لا يكون فيه من الانسجام أكثر ولا أقل، ولكنه دائما مقدار متساو من الانسجام؟- نعم الانسجام متساو.- فإذا لم تزد روح ولم تنقص في روحانيتها المجردة عن غيرها، فهي ليست أكثر ولا أقل انسجاما منها؟- تماما.- وعلى ذلك فليس فيها من الانسجام أو التنافر مقدار أكثر أو أقل؟- ليس فيها ذلك.- ولما كان ما فيها من الانسجام أو التنافر ليس أقل ولا أكثر فلا يكون لروح من الرذيلة أو الفضيلة أكثر مما يكون لغيرها، على فرض أن الرذيلة تنافر، وأن الفضيلة انسجام؟- إنه لا تكون أكثر من غيرها أبدا.- وإن توخينا يا سمياس في حديثنا دقة أكثر، فلن يكون لروح أية رذيلة، إن كانت الروح انسجاما؛ لأنه ما دام الانسجام مطلقا فهو لا يساهم في غير المنسجم؟- لا.- وعلى ذلك فلا تقع رذيلة من روح هي روح مطلقة؟- كيف يمكن، وفاقا لما سبق من حديث، أن تقع منها الرذيلة.- وبناء على هذا إذن تكون أرواح الحيوانات جميعا سواء في الخير، ما دامت كلها متساوية ومطلقة في روحانيتها؟فقال: إني موافقك يا سقراط.فقال: وهل يمكن في ظنك أن يصدق كل هذا؟ أنسلم بهذه النتائج كلها، وهي مع ذلك ناتجة فيما يظهر من الزعم بأن الروح انسجام؟فقال: كلا ولا ريب.فقال: وأيضا، أي عنصر بين الأشياء البشرية تراه مسيطرا، سوى الروح، والروح الحكيمة بنوع خاص؟ أترى بينها مثل ذلك العنصر؟- حقا إني لا أرى.- وهل الروح على اتفاق مع رغبات الجسد، أم هي وإياها في خلاف؟ فمثلا عندما يكون الجسد ظمآن ساخنا، أفلا تصدف الروح بنا عن الشراب؟ وعندما يحس الجسد جوعا، أفلا تصدفنا عن الأكل ! وذلك واحد فقط من عشرة آلاف من أمثلة التضاد بين الروح وبين أشياء الجسد.- جد صحيح.- ولكن سبق منا اعتراف بأن الروح ما دامت انسجاما، فلا يمكنها أن تنطق بإثارة لا تتفق مع الأوتار التي تألفت هي منها، من حيث حالات التوتر والاسترخاء والتموج وسائر المؤثرات، إنها تتبعها فقط، ولا تستطيع أن تقودها؟فقال: نعم، إنا اعترفنا بذلك يقينا.- ومع ذلك فلسنا نرى الآن الروح تفعل الضد تماما، فهي تقود العناصر التي يظن أنها تتألف منها، وهي في معظم الأحوال تعارضها وتقهرها طيلة الحياة بكل ما أمكنها من سبل.وقد تكون معها أحيانا أشد عنفا بأن ترغمها على آلام الأدوية والألعاب، ثم قد تعود فتكون وإياها أرق وداعة، وهي في ذلك تتهدد بل وتزجر الشهوات والعواطف والمخاوف. كأنما هي بذلك تتحدث إلى شيء غير نفسها، كما يصور لنا هوميروس أوذيسيوس في الأوذيسة بهذه الكلمات:
لقد ضرب على صدره لكي يؤنب قلبه: «يا قلب صبرا، فيا طالما احتملت أسوأ من ذلك شرا».
أفتظن هوميروس، قد تأثر حين سطر هذا، بالفكرة القائلة إن الروح انسجام، وإن رغبات الجسد قمينة أن تسوقها، وإنه لم يكن يرى أنها هي التي بطبيعتها تسيطر على تلك الرغبات وتقودها، وإنها أمعن في الألوهية من أي انسجام؟- نعم يا سقراط، إني موافق جدا على ذلك.- إذن فلن نصيب يا صاح في قولنا إن الروح انسجام؛ لأن في ذلك تناقضا ظاهرا مع هوميروس الإلهي كما أنه متناقض وإيانا.فقال: حقا.قال سقراط: كفى يا سيبيس حديثا عن هارمونيا،
30
إلهتكم الطيبية؛ فما أحسبها قد أغلظت معنا الصنيع، ولكن ماذا أقول لكادموس الطيبي، وكيف أسترضيه؟قال سيبيس: أظنك واجدا سبيلا إلى استرضائه؛ فلست أرتاب في أنك رددت حديث الانسجام بطريقة لم أكن أتوقعها قط. فقد أيقنت حينما تقدم سمياس باعتراضه أن ليس إلى إجابته من سبيل، فأدهشني لذلك أن أرى قوله يخور فلا يثبت أمام هجمتك الأولى، وليس بعيدا أن يلاقي الآخر، الذي تدعوه كادموس، مصيرا كهذا المصير.فقال سقراط: لا يا صديقي العزيز؛ فما ينبغي أن نزهى خشاة أن تنطلق من عين خبيثة هذه الكلمة التي أوشك أن أنطق بها، فلنا أن ندع الأمر بين أيدي من هم في عليين، حتى أدنو، على طريقة هومر، فاختبر ما يتوقد في عبارتك من حماسة، وخلاصة اعتراضك باختصار هي ما يأتي: إنك تريد أن يقام لك الدليل على أن الروح باقية خالدة، وتظن أن الفيلسوف الذي يطمئن إلى الموت إنما يركن إلى طمأنينة فارغة حمقاء، إذا هو ظن أنه سيكون في العالم الأدنى أوفر جزاء ممن سلك في حياته سبيلا أخرى، ما لم يستطع أن يدلل على ذلك، وأنت تزعم أن إثبات ما للروح من قوة وألوهية، وإثبات وجودها السابق لوجودنا في هيئة البشر، لا يقتضي بالضرورة خلودها. فإذا سلمنا بأن الروح قد عمرت طويلا، وأنها في حالتها الأولى علمت وعملت شيئا كثيرا؛ فليس هذا الاعتبار دليلا على خلودها، وقد يكون حلولها في الصورة البشرية ضربا من الموت الذي هو ابتداء الانحلال، وقد تنتهي آخر الأمر إلى ما يسمى بالموت، بعد أن تفرغ من عناء الحياة. وسواء كانت الروح تحل في الجسد مرة واحدة فقط أم مرات عدة، فذلك كما قد تقول لا يخفف من مخاوف الأفراد شيئا؛ فليس يخلو إنسان من الشعور الطبيعي، فإن لم يكن لديه عن خلود الروح علم وبرهان حق له أن يخاف. ذلك ما أحسبك قائله يا سيبيس، وهو ما أعيده عامدا، حتى لا يفلت منا شيء منه، ولكي تستطيع إن شئت أن تضيف إليه أو تحذف منه شيئا.فقال سيبيس: ولكني، فيما أرى الآن، لا أجد ما أضيفه أو ما أحذفه. إنك عبرت عما أريد.فسكت سقراط هنيهة، وبدا عليه كأنما غاص في تأمله، وأخيرا قال: إن هذا المبحث الذي أثرته يا سيبيس لذو خطر عظيم؛ فهو يتضمن موضوع الكون والفساد برمته، وذلك ما أود إن شئتم أن أقدم لكم فيه خبرتي. فخذوها إن رأيتم فيما أقول شيئا يعين على حل إشكالكم.فقال سيبيس: لشد ما أرغب في أن أنصت لما تقول.قال سقراط: إذن فهناك حديثي يا سيبيس. لقد كنت في صباي شديد الرغبة في معرفة ما يسمى بالعلم الطبيعي من أبواب الفلسفة؛ فقد ظننت أن له أغراضا سامية؛ إذ هو العلم الذي يبحث عن علل الأشياء فينبئنا لماذا وجد الشيء، وفيم خلقه وفناؤه، وكنت لا أني أقلق نفسي بالنظر في مسائل كهذه: هل يرجع نمو الحيوان إلى فساد يجيء به عاملا الحر والبرد كما يقول بعض الناس؟
31
أيكون العنصر الذي نفكر به هو الدم أم الهواء أم النار؟ أم قد لا يكون شيئا من هذا القبيل؟ - فربما كان المخ هو القوة التي تبتدع أحاسيس السمع والبصر والشم، وقد تنشأ عن هذه الأحاسيس الذاكرة والرأي، وعلى الذاكرة والرأي قد يبنى العلم، ولكن إذا وقفت فيهما الحركة وأدركهما السكون. وبعدئذ مضيت أختبر فساد الأحاسيس، وأتناول بالبحث أشياء الأرض والسماء، واستخلصت أخيرا أنني عاجز كل العجز عن هذه المباحث؛ وعلى ذلك سأقيم لك الدليل قاطعا فقد فتنت بها إلى درجة عميت معها عيناي أن ترى الأشياء التي كنت أحسبني، ويحسبني الناس عالما بها علم اليقين. قد أنسيت ما كنت ظننته من قبل بديهيا لا يحتاج إلى دليل، وهو أن نمو الإنسان نتيجة الأكل والشرب؛ لأنه بهضم الطعام يجتمع لحم إلى لحم وعظم إلى عظم، وحيثما تجمعت عناصر متجانسة كبر الجرم الضئيل، وعظم الإنسان الصغير. ألم يكن ذلك رأيا معقولا؟قال سيبيس: نعم أظن ذلك.- حسنا، دعني أنبئك شيئا آخر؛ فقد مر بي زمن كنت فيه أحسب أني أفهم معنى الأكبر والأصغر فهما جيدا، فإذا أبصرت رجلا ضخما واقفا إلى جانب رجل ضئيل، توهمت أن أحدهما أطول من الآخر قيد رأس، أو أن حصانا كان يلوح لي أنه أكبر من حصان آخر، بل أوضح من ذلك أنني كنت فيما يظهر أحسب العشرة تزيد على الثمانية باثنين، وأن ذراعين أكبر من ذراع واحدة، لأن الاثنين ضعف الواحد.قال سيبيس: وماذا أنت اليوم قائل في مثل هذه الأمور؟فأجاب: كان ينبغي أن أنأى بنفسي بعيدا من توهم أنني أعلم لأيها سببا. حقا كان ذلك ينبغي؛ فلست أستطيع أن أقنع نفسي بأننا لو أضفنا واحدا إلى واحد صار الواحد الذي جاءته الإضافة اثنين، أو أن الواحدتين مضافتين معا تساويان بسبب الإضافة اثنين؛ فلست بمسيغ كيف أنه إذا انفصلت إحداهما عن الأخرى كانت واحدا لا اثنين، ثم إذا تلاقيا؛ فقد يكون مجرد التقارب بينهما سببا في أن تصبحا اثنتين. هذا ولست أفهم كيف تكون قسمة الواحد سبيلا للحصول على اثنين؛ لأنه عندئذ تكون النتيجة الواحدة ناتجة من سببين متباينين. ففي المثال الأول نشأ اثنان من جمع واحد إلى واحد وتقاربهما، وفي الثاني كان السبب هو انفصال واحد عن واحد وطرحه منه.
32
अज्ञात पृष्ठ