मुहम्मद अली जिन्ना
القائد الأعظم محمد علي جناح
शैलियों
وتحركت كل أمة على النحو الذي يناسبها لعلاج هذا الضعف وتجديد قوة الدين، فقامت في بعض الأمم دعوات تحارب الترف وتنكر كل بدعة من بدع الحضارة الحديثة، وقامت في بعضها دعوات توفق بين قواعد الدين وفرائضه وبين العلوم العصرية والمطالب الدنيوية، وراجت في الأمم جميعا دعوات التطهير والاعتصام من الفتنة بعبادة الله على طريقة من الطرق الصوفية، وظهر في البلاد التي يعتقد أبناؤها برجعة الإمام المنتظر كثير من أدعياء الإمامة والهداية الذين يبشرون بمذاهبهم تارة على سنة القديم، وتارة على سنة لهم يبتدعونها ويجتهدون بها في استئناف قوة الإسلام على نمط يخالف الإجماع.
من هذه الدعوات دعوة محمد بن عبد الوهاب في نجد، ودعوة الباب والبهاء في فارس، ودعوة القادياني في الهند، ودعوة السنوسي في المغرب، ودعوة محمد أحمد المهدي في السودان، ودعوة جمال الدين الأفغاني وتلاميذه في كل بلد وصل إليه بشخصه أو برسالته، ومن هذه البلاد فارس، والهند، ومصر، والعراق، وتركيا، وأطراف من المغرب الأقصى، والمشرق الأقصى إلى تخوم التركستان والصين.
أثر الدعوات الدينية
كل دعوة من هذه الدعوات كان لها أثرها المباشر في البلاد الهندية، فأقبل المسلمون بالألوف على دعوة ابن عبد الوهاب، وقام شريعة اللة بنشر الطريقة «الفرائضية» التي يدل اسمها على غايتها، وهي إيجاب الفرائض والعمل بنصوص الشريعة، وتنسب إلى هذه الطريقة وسائر الطرق التي أخذت بالدعوة الوهابية ثورة المسلمين في الحركة التي اشترك فيها أهل الهند سنة 1857، وسميت بحركة «العصيان»، وكانت لها عند «البراهمة» أسبابها الدينية أيضا؛ لأنهم اعتقدوا أن الإنجليز سيرغمونهم على استباحة بعض المحرمات.
وقد كان ترديد الهند للدعوة الوهابية أمرا مفهوما يسير التعليل لقدم العلاقة بين الجزيرة العربية وشواطئ الهند الشرقية، ولكثرة الحجاج من مسلمي الهند في كل سنة، ولانتشار أخبار القتال بين الوهابيين وغيرهم في أنحاء البلاد الآسيوية، ولا سيما الإسلامية منها، كبلاد الملايا وبلاد الأفغان.
أما العجيب حقا فهو انتشار أخبار الثورة المهدية في السودان بين الأمم الآسيوية، وتحفز القبائل للثورة على حدود الأفغان، حتى توجس الإنجليز واهتموا باستطلاع آراء العظماء من المسلمين عن حقيقة الرسالة المهدية، وحض الفقهاء والعلماء على إصدار الفتاوى التي يبينون بها نصيب تلك الرسالة من الصحة أو من الموافقة للعقائد الإسلامية.
لكن الحالة النفسية التي كان عليها مسلمو الهند في تلك الآونة تفسر هذه العجيبة، وتجعلها من مألوفات كل يوم بالقياس إلى تلك الحالة النفسية، فإن العقيدة الدينية حلت في نفس الهنود - من المسلمين وغير المسلمين - محل الغيرة الوطنية، وجاءت غاشية الحزن التي غمرت نفوس المسلمين خاصة بعد زوال دولتهم وانكسار شوكتهم، فأضافت إلى عقيدة الدين قوة على قوة، واشتد بهم السخط مع الاضطهاد المتعمد والحرمان المدبر فتطلعوا إلى أبواب الأمل من كل فج قريب أو بعيد، وأصبحت حوادث السودان عندهم كأنها من حوادث الحدود.
ولم يزل هؤلاء المسلمون يسمعون في بلادهم، وفي البلاد التي يرحلون إليها حجاجا، أو تجارا، أو زوارا أن الطمع في استعمار الهند هو سبب البلاء الذي أصاب أمم الشرق جميعا، ولا يزال يصيبها ويعرضها واحدة بعد أخرى لضياع الاستقلال وكساد الحال، فوقر في النفوس أنهم مسئولون قبل غيرهم عن محنة العالم الإسلامي بأسره، وأن غيرهم من أمم العالم الإسلامي حقيقون منهم بالعطف على الأقل إن لم يكن لها منهم عون بالعمل أو المقال.
وليس من محض المصادفة أن يكون أعظم دعاة النهضة الإسلامية في أواسط القرن التاسع عشر - جمال الدين الأفغاني - متاخما للهند في نشأته، ومتطلعا إلى الهند أول ما تطلع لنشر دعوته، وهناك قال لهم قولته المشهورة: «لو كنتم يا أبناء الهند ضفادع بعدتكم من الملايين، ثم أردتم أن تزيلوا الجزيرة البريطانية من موقعها في البحر لزحزحتموها عنه، وقذفتم بها إلى قراره.»
مسألة الخلافة
अज्ञात पृष्ठ