मुहलहिल सय्यद रबिआ
المهلهل سيد ربيعة
शैलियों
المهلهل سيد ربيعة
المهلهل سيد ربيعة
تأليف
محمد فريد أبو حديد
الفصل الأول
كان اليوم الأول من تلك الأيام المطيرة القليلة التي يجود بها شتاء الصحراء. وقد أسفر وجه السماء بعد أن جلل المطر أعواد الخزامى والشيح، وصفا الجو ورق النسيم البارد، وسطعت أشعة الشمس رفيقة دفيئة تغمر الرمال الصفراء الندية، وتلمع تحتها الجداول الدقيقة المتعرجة.
وكان وائل التغلبي - وائل بن ربيعة، فارس تغلب وسيدها - يسير في جانب الوادي المعشب الذي ضربت فيه خيامه، ويجول ببصره في التلال الجرداء المحيطة به، ليس عليها إلا أعواد من طرفاء الكالحة، وأشواك العوسج تبسم فيها الزهرات الزرقاء، متوارية كأنها تخجل من ثوبها المقدد، وكان في سيره يتجه إلى جدول يترقرق ماؤه من تلعة شجراء عالية، وينساب متلألئا إلى بطن الوادي حتى يغيب في روضة ملتفة الشجر، يتماوج حولها العشب الأخضر البارض مع ريح الشمال، وتتراقص أعوادها في رفق، وتتلامس كلما هبت عليها نفحة من النسيم الفاتر.
وتبسم البدوي للمنظر الفاتن ولكن ابتسامته كانت خافتة لم تنفرج لها العبسة العميقة التي كانت تعقد جبينه الواسع، وتنفس نفسا عميقا ملأ به صدره من الهواء الصافي، ومضى في سبيله نحو الروضة بخطي قصيرة ثابتة؛ سار كأن في قلبه ثقلا ينوء به، وكأن في صدره اضطرابا يصرفه عن أن يهتز لجمال ذلك اليوم البديع.
وسار في أثره عبد أسود يترقب حركته في خشوع، وينظر إليه بطرف عينيه في حذر، يتلفت نحوه كلما بدرت منه لفتة، كأنه يخشى أن تفوته إشارة من مولاه، أو تشرد عن سمعه همسة من همساته، وسار من ورائه كلب يتمسح بأذياله، وقد وضع ذيله بين فخذيه، يطرق برأسه يشم الأرض حينا، ثم يرفع عينيه نحو سيده مترددا ويعود إلى إطراقه يشم الأرض في مواطئ قدميه.
ولما اقترب السيد من الروضة وقف هنيهة، ثم نادى ولم ينظر إلى ورائه: «يا غصين!» فأسرع إليه العبد حتى وقف على خطوة منه وقال: «لبيك!»
अज्ञात पृष्ठ