ولست أرى النور، فاسمح لي بالنهوض لعلي أراه.
فصمت الملاك، ولم يجب ببنت شفة.
فقال الصوت: أجبني أيها الملاك، لعل النور قد انطفأ من على وجه الأرض، أجبني لعلي أنام.
فلم يجب الملاك ولم يطأ الضريح بقدمه، ولم يعز الباكي في قبره، بل وقف حائرا وأطرق حزينا؛ لأن كلمات الملحود الباكي وقع لها صدى في قلبه، فشعر كشعوره، ولكنه لم يكن قادرا على إنهاضه من القبر.
المدينة العظمى
السلم والهاوية لا نهاية لهما في الحياة؛ لأن الدرجة الأولى منهما في المهد، والدرجة الأخيرة في القبر، أينما كان المرء إذن يرى كثيرين من الناس فوقه، وكثيرين تحته، وكلما ارتقى درجة في معالم الفوز والفلاح، يسمع أصواتا بعيدة تدعوه إلى ما فوقها.
وكما في الناس كذلك في المدن، فلا يحق للوندرة، مثلا، أن تصعر خدها للقاهرة، ولا للقاهرة أن تشمخ بأنفها
1
على بيروت؛ لأن حسنات المدينة العظمى قد تكثر في هذه وتقل في تلك.
المدينة العظمى هي التي لا تتداخل في شئونها سلطة أجنبية، هي التي يكون كل امرئ فيها تمثالا للحرية والإخاء، وهي التي يتعلم الأولاد الاستقلال وعزة النفس في مدارسها قبل كل العلوم، وهي التي تكون الصداقة فيها أمرا مقدسا، والإخلاص محترما كسر من الأسرار الإلهية.
अज्ञात पृष्ठ