لقد ركبت بحارك، وخضت أنهارك، وتتبعت جداولك فسمعت الأبدية تتكلم بمدك وجزرك
3
والدهور تترنم بين هضابك وحزونك
4
والحياة تناجي الحياة في شعبك ومنحدراتك، فإنك إنك لسان الأبدية وشفاهها، وأوتار الدهور وأصابعها، وفكرة الحياة وبيانها.
لقد أيقظني ربيعك، وسيرني إلى غاباتك حيث تتصاعد أنفاسك بخورا، وأجلسني صيفك في حقولك حيث يتجوهر إجهادك أثمارا، وأوقفني خريفك في كرومك حيث يسيل دمك خمرا، وقادني شتاؤك إلى مضجعك حيث يتناثر طهرك ثلجا، فأنت أنت العطرة بربيعها، الجوادة بصيفها، الفياضة بخريفها، النقية بشتائها.
في الليلة الصافية قد فتحت نوافذ نفسي وأبوابها، وخرجت إليك مثقلا بمطامعي، مكبلا بقيود أنانيتي، فألفيتك شاخصة بالكواكب، وهي تبتسم لك، فنزعت عني قيودي وأثقالي، وعلمت أن منزل النفس فضاؤك، ورغائبها في رغائبك، وسلامتها في سلامتك، وسعادتها في الغبار الذهبي الذي تنثره النجوم على جسدك.
في الليلة المبطنة بالغيوم، وقد مللت غفلتي وجمودي، خرجت إليك فوجدتك جبارة هائلة مسلحة بالعاصفة، تحاربين ماضيك بحاضرك، وتصرعين قديمك بجديدك، وتبعثرين ضئيلك بضليعك، فعلمت أن نظام البشر نظامك وناموسهم ناموسك
5
وسنتهم سنتك، وأن من لا يهصر
अज्ञात पृष्ठ