मग़ामरात उल अक़ल अव्वल
مغامرة العقل الأولى: دراسة في الأسطورة: سوريا وبلاد الرافدين
शैलियों
8
وكذلك الأمر فيما يتعلق بفكرة لقاح السماء والأرض المتحدتين، والفصل بينهما فيما بعد. ففي الأسطورة المصرية نجد جيب إله الأرض المذكر، ونوت إلهة السماء المؤنثة في حالة اتحاد، وقد تزوجا بعضهما سرا دون إذن من الإله رع. فلما علم كبير الآلهة بذلك أرسل إله الهواء شو الذي أبعدهما عن بعض عنوة. ومنذ ذلك الوقت والإله «شو» يطأ بقدميه جيب الصريع، ويرفع بذراعيه القويتين السماء نوت. وفي الأسطورة الإغريقية نجد جيا الأرض، الأم الأولى، التي كانت أول إله يخرج من العماء البدئي، تلد نظيرها أورانوس إله السماء الذي يغطيها من كل الجوانب، وتتحد به لتلد بقية الآلهة، ثم يتم التفريق بينهما عنوة. وفي الأسطورة البابلية يقوم الإله مردوخ بشطر جسد الإلهة تعامة، المياه الأولى، إلى نصفين، فيرفع الأول سماء، ويبسط الثاني أرضا. وفي الأسطورة التوراتية يقوم إله العبرانيين يهوه أيضا بفصل المياه الأولى إلى شطرين، رفع الأول إلى السماء، وبسط الثاني الذي تجمع ماؤه في جانب، وبرزت منه اليابسة في جانب آخر.
أخيرا أثبت لنا القرآن الكريم واقعة فصل السماء عن الأرض بقوله:
أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما .
9
وقد قام المؤلفون العرب فيما بعد بتفصيل نظرية الميلاد وفصل السماء عن الأرض، مستخدمين الأفكار الأسطورية القديمة نفسها. فنقرأ في كتائب عرائس المجالس، لأبي إسحاق الثعلبي المتوفى سنة 427 هجرية:
10 «لما أراد الله تعالى أن يخلق السموات والأرض، خلق جوهرة خضراء حجمها أضعاف طباق السموات والأرض، ثم نظر إليها نظرة هيبة فصارت ماء، ثم نظر إلى الماء فغلى وارتفع منه دخان وزبد وبخار ... وخلق الله من ذلك الدخان السماء، ومن ذلك الزبد الأرض.» كما نقرأ للطبري المتوفى سنة 310ه في كتاب تاريخ الرسل والملوك:
11 «إن الله تعالى كان عرشه على الماء، ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل الماء. فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء، فسما عليه فسماه سماء، ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين.» كما يحدثنا الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي في الجزء الأول من الفتوحات المكية عن خلق العالم فيقول:
12 «فخلق الماء سبحانه، بردة جامدة كالجوهرة في الاستدارة والبياض، وأودع فيها بالقوة ذات الأجسام وذوات الأعراض. ثم خلق العرش واستوى عليه اسم الرحمن ... فنظر بعين الجلال إلى تلك الجوهرة فذابت حياء، وتحللت أجزاؤها فسال الماء، وكان عرشه على ذلك الماء قبل وجود الأرض والسماء ... وليس في الوجود إذاك إلا حقائق المستوى عليه، والمستوي، والاستواء. فأرسل النفس فتموج الماء وأزبد ... وترك زبده بالساحل الذي أنتجه ... فأنشأ سبحانه في ذلك الزبد الأرض ... ثم أنشأ الدخان من نار احتكاك الأرض عند فتقها، ففتق فيه السموات العلى ...»
وفي أساطير كثيرة من الشعوب البدائية المعاصرة لنا نجد تكرارا لأسطورة فصل السماء عن الأرض؛ ففي نيوزيلاندا وتاهيتي وجزر كوك ، يروي السكان الأسطورة الآتية:
अज्ञात पृष्ठ