भाषाई भ्रांतियाँ: नई फ़ुसहा की ओर एक तीसरा मार्ग
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
शैलियों
Via negative : فبدءوا من القواعد العامة وفرضوها على النصوص، والحق أنه لم تكن القواعد في الحالتين تعكس لغة العرب كما هي قائمة بالفعل، وإنما تعكس أفكار النحاة وعقولهم التي شكلها المنطق الأرسطي وأثر فيها بالغ الأثر، يقول د. إبراهيم بيومي مدكور في بحثه الشهير «منطق أرسطو والنحو العربي» (المجمع 148): «ولا شك في أن المنطق الأرسطي قد صادف في القرون الوسطى المسيحية والإسلامية نجاحا لم يصادفه أي جزء آخر من فلسفة المعلم الأول: فعرف أرسطو المنطقي قبل أن يعرف أرسطو الميتافيزيقي، وترجم الأرجانون قبل أن يترجم كتاب الطبيعة أو كتاب الحيوان. وللأرجانون
10
في العالم العربي منزلة خاصة، فكانت أجزاؤه الأولى أول ما ترجم من الكتب الفلسفية إلى اللغة العربية، ثم ألحقت الأجزاء الأخرى فترجمت وشرحت واختصرت، وتوالى البحث في المنطق لدى المدارس الإسلامية المختلفة عند الفلاسفة والمتكلمين، بل وعند الفقهاء ... ولم يقف الأمر فيما نعتقد عند الفقه والكلام والفلسفة، بل امتد إلى دراسات أخرى من بينها النحو، وقد أثر فيه المنطق الأرسطي من جانبين: أحدهما موضوعي، والآخر منهجي، فتأثر النحو العربي عن قرب أو بعد بما ورد على لسان أرسطو في كتبه المنطقية من قواعد نحوية، وأريد بالقياس النحوي أن يحدد ويوضع على نحو ما حدده القياس المنطقي.»
وقد أشار اللغوي الإنجليزي روبرت هنري روبنز في كتابه «موجز تاريخ علم اللغة» إلى تأثر النحو العربي بالمنطق الأرسطي، إذ يقول: «نشأ تنافس مهم بين مدارس فقه اللغة المختلفة في العالم العربي، ونلمس التأثير الأرسطي - خاصة في مدرسة البصرة - بوصفه جزءا من التأثير الأوسع للفلسفة اليونانية والعلم اليوناني على المعرفة العربية، وقد شددت مدرسة البصرة على الاطراد الصارم وعلى الطبيعة النظامية للغة بوصفها وسيلة الحديث المنطقي عن عالم الظواهر، وهنا يمكن القول إن أفكار أرسطو عن القياس قد تركت أثرها، وقد أولت مجموعة من العلماء اللغويين في الكوفة أهمية أكبر للاختلاف في اللغة كما هو موجود بالفعل (السماع) بما في ذلك الاختلافات اللهجية وما هو واقع في النصوص كما أقرت، وهذه المدرسة تعتنق إلى حد ما وجهات نظر «شذوذية»
Anomalist ... على أنه من المؤكد أن اللغويين العرب قد طوروا وجهات نظر خاصة بهم في دراستهم النظامية للغتهم، ولم يفرضوا عليها بأي حال النماذج اليونانية مثلما فعل النحاة اللاتين.»
11
ومن الحق أن «مذهب» المرء في منشأ اللغة يملي عليه «منهجه» في دراستها: فأنت إذا قنعت بأن اللغة عرف اجتماعي اتفاقي فسوف تقنع في دراستها بالوصف المحايد والاستقراء السمح، أما إذا امتلأت بأنها «توقيف» إلهي
12
أو اصطلاح حكماء أو سليقة عربية سحرية فسوف يتملكك وسواس البحث عن الحكمة أو «العلة»، وسوف تصطنع في دراستها القياس والتعليل والتأويل .
ليست العربية توقيفا إلهيا، لقد اخترعت اللغة كما يقول هيردر «بوسائل الإنسان الخاصة، ولم تبتكر بصورة آلية بطريق التعليمات الإلهية، لم يكن الله هو الذي اخترع اللغة للإنسان، ولكن الإنسان نفسه هو الذي اضطر إلى اختراعها بطريق ممارسته قدراته الخاصة.» وليست اللغة اصطلاحا بين حكماء، من البشر أو غير البشر، كما بينا ذلك في موضعه، وليست اللغة سليقة عربية سحرية تتلبس بالأعراب وتسري منهم مسرى الدم وتجعلهم المفوضين في اللغة وتكسبهم معرفة بمواقع الكلام وعللا تقوم في العقول، وإنما اللغة اكتساب وتعلم اجتماعي بالممارسة والاعتياد.
अज्ञात पृष्ठ