भाषाई भ्रांतियाँ: नई फ़ुसहा की ओर एक तीसरा मार्ग
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
शैलियों
أقدره عليها ومكنه من الكلام والتسمية، ويردون على أهل التوقيف بطريقتهم: «لو كانت اللغات توقيفية فذلك إما بأن يخلق الله تعالى علما ضروريا في العاقل أنه وضع الألفاظ لكذا، أو في غير العاقل، أو بألا يخلق علما ضروريا أصلا، والأول باطل، وإلا لكان العقل عالما بالله بالضرورة؛ لأنه إذا كان عالما بالضرورة بكون الله وضع كذا لكذا لكان علمه بالله ضروريا ولو كان كذلك لبطل التكليف. والثاني باطل؛ لأن غير العاقل لا يمكنه إنهاء تمام هذه الألفاظ. والثالث باطل؛ لأن العلم بها إذا لم يكن ضروريا احتيج إلى توقيف آخر، ولزم التسلسل.» (المزهر 1: 18).
جاء في كتاب الحروف للفارابي: «فهكذا تحدث أولا حروف تلك الأمة وألفاظها الكائنة عن تلك الحروف، ويكون ذلك أولا ممن اتفق منهم، فيتفق أن يستعمل الواحد منهم تصويتا أو لفظة في الدلالة على شيء ما عندما يخاطب غيره فيحفظ السامع ذلك، فيستعمل السامع ذلك بعينه عندما يخاطب المنشئ الأول لتلك اللفظة، ويكون السامع الأول قد احتذى بذلك فيقع به، فيكونان قد اصطلحا وتواطآ على تلك اللفظة، فيخاطبان بها غيرهما إلى أن تشيع عند جماعة، ثم كلما حدث في ضمير إنسان منهم شيء احتاج أن يفهمه غيره ممن يجاوره، اخترع تصويتا فدل صاحبه عليه وسمعه منه فيحفظ كل واحد منهما ذلك وجعلاه تصويتا دالا على ذلك الشيء، ولا يزال يحدث التصويتات واحدا بعد آخر ممن اتفق من أهل ذلك البلد، إلى أن يحدث من يدبر أمرهم ويضع بالإحداث ما يحتاجون إليه من التصويتات للأمور الباقية التي لم يتفق لها عندهم تصويتات دالة عليها، فيكون هو واضع لسان تلك الأمة، فلا يزال منذ أول ذلك يدبر أمرهم إلى أن توضع الألفاظ لكل ما يحتاجون إليه في ضرورية أمرهم.»
7
وجدير بالملاحظة أن فكرتي «التوقيف» و«الاصطلاح» لم تكونا واضحتين في أذهان أصحابهما، كما يتصور القارئ المعاصر، ولا متمايزتين إحداهما عن الأخرى تمام التمايز!
فبعض القائلين بالاصطلاح لا يستبعدون أن تكون اللغة من وضع مخلوقات ذكية سابقة على الإنسان. يقول الغزالي في المنخول إن «قوله تعالى:
وعلم آدم الأسماء كلها
ظاهر في كونه توقيفا وليس بقاطع، ويحتمل كونها مصطلحا عليها من خلق الله تعالى قبل آدم» (المزهر 1: 23).
وبعض القائلين بالتوقيف يرون أن اللغات كلها تم صنعها في بدء الخليقة (المزهر 1: 11)، وبعضهم يرى أن التوقيف لم يقع في الابتداء إلا على لغة واحدة، وأن اللغات الأخرى ثم التوقيف عليها بعد الطوفان في أولاد نوح حين تفرقوا في أقطار الأرض (المزهر 1: 27)، ويرى فريق ثالث أنه يجوز أن تكون اللغات التي تلت اللغة التوقيفية الأولى جاءت اصطلاحا أو توقيفا (المزهر 1: 27)، ويرى آخرون أن اللغة الأولى فقط هي التوقيفية (وهي العربية - اللغة التي نزل بها آدم من الجنة)، بينما نشأت اللغات الأخرى تحريفا (المزهر 1: 30).
ومن التوقيفيين من ذهب إلى أن اللغة العربية ظهرت أيضا في مرحلة متأخرة عندما حشر الله الخلائق إلى بابل، جاء في «المزهر»: «... لما حشر الله الخلائق إلى بابل بعث إليهم ريحا، فاجتمعوا ينظرون لماذا حشروا له، فنادى مناد: من جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره واقتصد البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل السماء، فقام يعرب بن قحطان فقيل له: يا يعرب بن قحطان بن هود، أنت هو؟ فكان أول من تكلم بالعربية المبينة» (المزهر 1: 32). ومنهم من ذهب إلى أن العربية ظهرت أول مرة بعد قدوم سيدنا إسماعيل عليه السلام إلى مكة واستقراره بها، وأن أول من تكلم بالعربية ونسي لسان أبيه هو إسماعيل عليه السلام (المزهر 1: 32-33).
ويبدو أيضا أن النسق المذهبي لعالم اللغة كان يملي عليه الرأي في أصل اللغة، وأن تفكيره في هذا الشأن لم يكن علميا خالصا، أو فلسفيا محضا، فثم مذهب كلامي كلي عليه أن يخضع له ويضمن اتساقه. يقول د. إبراهيم أنيس: «إن الخلاف بين علماء العرب ظهر واضحا في منتصف القرن الرابع الهجري وما بعده، فرأيناهم فريقين: أولا: أهل التقاليد من المحافظين الذين اعتمدوا على النصوص من السنيين وأضرابهم، وهؤلاء كانوا ينادون بأن اللغة توقيفية وأن لا يد للإنسان في نشأة ألفاظها أو كلماتها، وزعيم هؤلاء ابن فارس في كتابه «الصاحبي»، والفريق الثاني من علماء اللغة الذين نادوا بأن اللغة اصطلاحية، وكان معظمهم من المعتزلة الذين استمدوا أدلتهم من المنطق العقلي، وفسروا ما ورد من نصوص بحيث تلائم اتجاههم وتنسجم مع منطقهم.»
अज्ञात पृष्ठ