भाषाई भ्रांतियाँ: नई फ़ुसहा की ओर एक तीसरा मार्ग
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
शैलियों
11 ... (3) الاشتقاق
العربية أكثر اللغات قبولا للاشتقاق، وهو مما يجعلها أكثر اللغات مرونة وتمثلا للمعاني الجديدة. يعرف السيوطي الاشتقاق بأنه «أخذ صيغة من أخرى، مع اتفاقهما معنى ومادة وهيئة تركيب؛ ليدل بالثانية على معنى الأصل بزيادة مفيدة لأجلها اختلفا حروفا أو هيئة.» والاشتقاق في العربية يقوم بدور كبير في تنويع المعنى الأصلي وتلوينه، إذ يكسبه خواص مختلفة، بين طبع، وتطبع، ومبالغة، وتعدية، ومطاوعة، ومشاركة، ومبادلة، مما لا يتيسر التعبير عنه في اللغات الآرية مثلا إلا بألفاظ خاصة ذات معان مستقلة.
12
هذا المنهج الاشتقاقي أتاح للعربية ذخيرة من المعاني لا يسهل أداؤها في اللغات الأخرى، ومن شأنه أن يتيح لها أن تؤدي معاني الحضارة الحديثة على اختلافها. «إن هذه الطريقة في توليد الألفاظ بعضها مع بعض تجعل من اللغة جسما حيا، تتوالد أجزاؤه ويتصل بعضها ببعض بأواصر قوية واضحة، وتغني عن عدد ضخم من المفردات المفككة المنعزلة التي كان لا بد منها لو عدم الاشتقاق. وإن هذا الارتباط بين ألفاظ العربية الذي يقوم على ثبات عناصر مادية ظاهرة، وهي الحروف أو الأصوات الثلاثة، وثبات قدر من المعنى، سواء كان ماديا ظاهرا أو مختفيا مستترا، خصيصة عظيمة من خصائص هذه اللغة، تشعر متعلمها بما بين معانيها من صلات حية، تسمح لنا بالقول بأن ارتباطها حيوي وأن طريقتها حيوية توليدية، وليست آلية جامدة.»
13
خذ مثالا كلمة «العيد»: فكلمة العيد مصدر من مصادر كثيرة، يدل على صفة العودة أو على هيئتها، ومن فعل «عاد» تؤخذ «العودة» للمرة من «العود»، وتؤخذ «العادة» للفعل أو الخلق الذي يكثر الرجوع إليه، ويؤخذ «المعاد» لمكان البعث أو زمانه، وتؤخذ «العيادة» للزيارة المتكررة، وتؤخذ «العائدة» لما «يعود» على الإنسان من نتائج عمله على معنى قريب من معنى التبعة أو الجزاء، وتستعار «العوائد» لما يعطى أو يؤخذ مع التكرار والتوقيت؛ لأن الإعطاء والأخذ معنى واحد من جانبين، فما يأخذه هذا هو عطاء من ذاك. ويأتي المضاعف والمزيد فيوسع دلالة المادة اللفظية أو يسري منها إلى معان تناسبها وقد تخالفها في بعض عوارضها. وهنا مجال واسع لمعاني الإعادة والاستعادة والتعويد والتعييد، ومجال واسع للتفرقة بين المعيد والمستعيد وبين العود والمعاودة، والمعاد والمستعاد، ولا لبس في موضع لفظ من هذه الألفاظ لأنه وزن دليل على موضعه من التعبير.»
14
لا يقارن الاشتقاق في العربية بالاشتقاق في غيرها من اللغات السامية من حيث السعة وتقسيم القاعدة وتحكيم المتكلم في التعبير عن أغراضه على حسب كل احتمال معقول، «فالاشتقاق العربي يعطي المتكلم من الأوزان بمقدار ما يحتاج إليه من المعاني المحتملة على جميع الوجوه، والمتكلم هو صاحب الشأن في اختيار الكلمة وليست الكلمة هي العبارة المفروضة عليه لأنها وضعت من أصلها ارتجالا أو محاكاة لصوت أو تلفيقا للأجزاء من مختلف المواد، ولا يحتاج العقل المعبر صيغة للاشتقاق بعد استيفاء صيغ المصدر للمرة أو للهيئة أو للدلالة على الجمع أو الجنس المجموع، ولا احتمال لصيغة مطلوبة بعد صيغ المبالغة والتضعيف واسم الفاعل واسم المفعول والصفة الملازمة والصفة المرتهنة بالحدث والزمان. فالمتكلم المعبر هنا هو صاحب الشأن في تصريف المشتقات على حسب أغراضه واحتمالات تفكيره، واللغة قد وصلت على ألسنة المتكلمين بها إلى خلق القواعد التي يتبعها تكوين المفردات، قبل أن تعرض لهم الحاجة إلى استخدام جميع تلك المفردات أو إنشاء الكلمات المرتجلة مع كل مشاهدة تأتي للمتكلم بشيء جديد يحتاج إلى لفظ جديد.»
15 (4) الثراء الدلالي في تراكيب العربية
الجملة في العربية فعلية واسمية، وبخلاف الشائع من أن الجملة العربية فعلية أساسا فإن الجملة الاسمية موجودة وكثيرة الاستعمال (الله يتوفى الأنفس/الشيطان يعدكم/ والعمل الصالح يرفعه/الحزن يقلق والتجمل يردع/العبد يقرع بالعصا ...)، «فليس تقديم الفعل على الفاعل فيها عجزا عن التركيب الذي يتقدم فيه الفاعل على الفعل، ولكنه تقسيم الكلام على حسب مواضعه، وتصحيح لموقع الفعل وموقع الفاعل من إرادة المتكلم وفهم السامع، ومتى ثبت لنا الفرق بين موقع الفعل والفاعل في الجملتين الاسمية والفعلية فالاكتفاء بالجملة الاسمية كما تقع في كلام الأوروبيين نقص منتقد وليس بالمزية التي تدل على الكمال والارتقاء، وليس في وسع من يفهم مواقع الكلم أن يجهل الفارق بين قولنا «محمد حضر» وقولنا «حضر محمد»: فإننا نقول: «محمد حضر» إذا كنا ننتظر خبرا عن محمد أو عن حضوره على الخصوص، ولكننا نقول: «حضر محمد» لمن يسمع خبرا من الأخبار على إطلاقه ولا يلزم أن يكون الخبر عن محمد ولا عن الحضور بل لعل السامع كان ينتظر كلاما عن حسن وعن علي كما ينتظره عن محمد، أو لعله خبر سفر وليس بخبر حضور منتظر أو غير منتظر.»
अज्ञात पृष्ठ