भाषाई भ्रांतियाँ: नई फ़ुसहा की ओर एक तीसरा मार्ग
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
शैलियों
على أن غاية الإجلال لهذا السلف العظيم أن نقتدي به في الخصلة التي جعلت منه سلفا عظيما؛ في اجتهاده وابتكاره؛ فنجتهد نحن أيضا ونبتكر، وننخل ونغربل، ونراجع ونصوب. (1) الفصحى (المشتركة) واللهجات
يبدأ المشهد اللغوي بجزيرة العرب، نجد والحجاز ومنطقة الفرات، في القرن الخامس والسادس الميلاديين، وقد انتظمتها لهجات محلية متعددة، تتحدث بها قبائل متفرقة أدى بها اتساع الصحراء إلى عزلة نسبية، ولما كانت تلك القبائل على عزلتها تتبادل التجارة وتتلاقى في الحج والأسواق والندوات، كان لا بد من وجود لغة «مشتركة» يتفاهم بها الناس جميعا على اختلاف قبائلهم، كانت مكة، أم القرى، هي مهوى الأفئدة وملتقى الحج والتجارة وأسواق الخطابة والشعر، وقد كفل لها نشاطها التجاري وثراؤها الاقتصادي ارتقاء حضاريا وسلطانا سياسيا؛ الأمر الذي جعل اللهجة القرشية هي اللهجة الغالبة في تكوين اللغة المشتركة، وإن لم تتطابق معها تمام التطابق، هذه الفصحى المشتركة هي التي يتخذها الخطباء والشعراء، وهي التي تكتب بها المعاهدات وتتخذ في مواقف الوفادة والتشاور والحروب والعبادة، وقد نزل بها القرآن الكريم ليفهمه العرب جميعا على اختلاف لهجاتهم المحلية، وبذلك سادت المشتركة واستتبت وازدهرت وارتقت ارتقاء عظيما.
نحن إذن بإزاء مستويين لغويين متباينين: المستوى اللهجي من جهة، ومستوى الفصحى أو المشتركة من جهة أخرى، ومن العبث وإهدار الطاقة أن نسأل الآن أيهما السابق على الآخر: أهي لهجات تبلورت منها المشتركة (مرتكزة كثيرا على لهجة قريش)؟ أم هي المشتركة تفرعت عنها اللهجات شأنها شأن غيرها من اللغات الكبرى كاللاتينية والجرمانية؟ ذلك أمر مختلط ملتبس غامض يثير فيضا من الحدوس والتخمينات والفروض، ولا يؤدي إلى نتائج حاسمة صلبة.
ثمة موقفان متمايزان أمام الباحث في أمر العلاقة بين المشتركة واللهجات:
الموقف الأول:
أن يعتبر كلا منهما مستوى خاصا ولا يخلط بينهما بالرغم من إدراكه للتأثير المتبادل بينهما؛ فكل لهجة مستوى خاص ينبغي ألا يختلط بغيره من اللهجات ولا بالمشتركة، كل لهجة مستوى متفرد في دلالة الألفاظ وفي الأصوات والصيغ والتراكيب.
والموقف الثاني:
أن يعتبر المشتركة هي اللهجات نفسها، فتكون المشتركة (الفصحى) هي المجموع الجبري ل «لغة قيس وتميم وأسد وهذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين.»
الموقف الأول هو الموقف العلمي الصحيح (ما ينبغي أن يكون)، ولقد راود بعض النحاة على نحو عارض لا يشكل اتجاها أو منهجا، والموقف الثاني هو الموقف الخاطئ من الجهة العلمية، وهو الموقف الذي اتخذه النحاة مع الأسف (ما هو كائن)، فأدى إلى اضطراب الدراسة وتعقد النحو، فتجد في المسألة الواحدة وجوها، وتجد لكل وجه توجيها، وتجد لهذه الوجوه والتوجيهات سندها في اللغات واللهجات.
لقد اتخذت اللهجات تكأة في النحو العربي لكثير من التفريعات التي تتدارك على القاعدة العامة أو تنقضها تماما، مما زاد من تعقيد النحو وصعوباته. قيل لأبي عمرو بن العلاء كيف تصنع فيما خالفتك به العرب وهم حجة؟ فقال: أعمل على الأكثر وأسمي ما خالفني لغات. وتفسير هذا المسلك العلمي هو فهم علمائنا للصلة بين الفصحى واللهجات، واعتبارهم الفصحى هي نفس اللغات المتعددة مما أطلقوا عليه أنه «كلام العرب»، ولا تمكن دراسة هذا الحشد الكبير المختلط إلا بهذه الطريقة، وهكذا جاء النحو العربي وفيه قواعد عامة ذات احتمالات ولغات تتدارك عليها أو تنقضها، مثال ذلك أن العرب بعامة تقف على المنصوب المنون بإبدال التنوين ألفا، ولكن أبا الحسن قطرب وأبا عبيد والكوفيين ذكروا أن من العرب من يقف على المنصوب المنون بالسكون، فيقول «رأيت زيد»، وهي لهجة بعض فروع ربيعة. إن الفصحى المشتركة لم تحمل هذا ليشيع ويوفق عليه عرفها، ولكن النحاة حملوه ودرسوه من اللهجة، ووضعوا له قاعدة تمثل ظاهرة ضمها النحو العربي، ذاك الذي يفترض فيه أنه للفصحى أساسا.
अज्ञात पृष्ठ