المجلد الأول
مقدمة
...
مقدمة:
هذا كتاب في تاريخ العرب قبل الإسلام، وهو في الواقع كتاب جديد، يختلف عن كتابي السابق الذي ظهرت منه ثمانية أجزاء، يختلف عنه في إنشائه، وفي تبوبيه وترتيبه، وفي كثير من مادته أيضًا؛ فقد ضمّنته مادة جديدة، خلا منها الكتاب السابق، تهيأت لي من قراءاتي لكتابات جاهلية عُثر عليها بعد نشر ما نشرت منه، ومن صور كتابات أو ترجماتها أو نصوصها لم تكن قد نشرت من قبل، ومن مراجعاتي لموارد نادرة لم يسبق للحظ أن سعد بالظفر بها أو الوقوف عليها، ومن كتب ظهرت حديثًا بعد نشر هذه الأجزاء، فرأيت إضافتها كلها إلى معارفي السابقة التي جسّدتها في ذلك الكتاب.
وقد رأى أستاذي العالم الفاضل السيد محمد بهجت الأثري تسميته: "المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام"، لما فيه من تفصيل لم يرد في الكتاب السابق؛ فوجدت في اقتراحه رأيًا صائبًا ينطبق كل الانطباق على ما جاء فيه، فسميته بما سمّاه به، مُقَدِّمًا إليه شكري الجزيل على هذا التوجيه الجميل.
وكتاباي هذان، هما عمل فردٍ عليه جمع المادة بنفسه، والسهر في تحريرها وتحبيرها، وعليه الإنفاق من ماله الخاص على شراء موارد غير متيسّرة في بلاده، أو ليس في استطاعته مراجعتها بسبب القيود المفروضة على إعارة الكتب، أو لاعتبارات أخرى، ثم عليه البحث عن ناشر يوافق على نشر الكتاب، ثم عليه تصحيح المسودات بنفسه بعد نجاحه في الحصول على ناشر، إلى غير ذلك من أمور تسلبه راحته وتستبد به وتضنيه، ولولا الولع الذي يتحكم في المؤلفين في هذه البلاد، لما أقدم إنسان على تأليف كتاب.
1 / 5
وإن عملًا يتم بهذا الأسلوب وبهذه الطريقة، لا يمكن أن يرضي المؤلف أو يسعده؛ لأنه عمل يعتقد أنه مهما اتفق فيه من جهد وطاقة واجتهاد؛ فلن يكون على الشكل الذي يتوخّاه أو يريده، والصورة التي رسمها في فكره وتصوّرها له. ولولا طمع المؤلف في كرم القراء بتبرّعهم في تقويم عوجه وإصلاح أغلاطه وإرشاده إلى خير السبل المؤدية إلى التقويم والإصلاح، ولولا اعتقاده أن في التردد أو الإحجام سلبية لا تنفع، بل إن فيها ضررًا، وإن كتابًا يؤلَّف وينشر على ما يجمع من عيوب ونقائص خير من لا شيء. أقول: لولا هذه الاعتبارات لما تجرأت، فأخرجت كتابًا وعددتني مؤلفًا من المؤلفين.
وأنا إذ أقول هذا القول وأثبته، لا أريد أن أكون مرائيًا لابسًا ثوب التواضع لأتظاهر به على شاكلة كثير من المرائين. وإنما أقول ذلك حقًا وصدقًا؛ فأنا رجل أعتقد أن الإنسان مهما حاول أن يتعلم، فإنه يبقى إلى خاتمة حياته جاهلًا، كل ما يصل إليه من العلم هو نقطة من بحر لا ساحل له. ثم إني ما زلت أشعر أني طالب علم، كلما ظننت أني انتهيت من موضوع، وفرحت بانتهائي منه، أدرك بعد قليل أن هناك علمًا كثيرًا فاتني، وموارد جمّة لم أتمكن من الظفر بها، فأتذكر الحكمة القديمة "العجلة من الشيطان".
وقد رأيت في هذا الكتاب شأني في الكتاب السابق، ألّا أنصِّب نفسي حاكمًا تكون وظيفته إصدار أحاكم قاطعة، وإبداء آراء في حوادث تاريخية مضى زمن طويل عليها؛ بل أكتفي بوصف الحادث وتحليله كما يبدو لي. وقد لا تُعجب طريقتي هذه كثيرًا من القراء، وعذري أني لا أكتب لإرضاء الناس، ولا أدوّن لشراء العواطف؛ وإنما أكتب ما أعتقده وأراه بحسب علمي وتحقيقي، والرأي عندي أن التأريخ تحليل ووصف لما وقع ويقع، وعلى المؤرخ أن يجهد نفسه كل الإجهاد للإحاطة به، بالتفتيش عن كل ما ورد عنه، ومناقشة ذلك مناقشة تمحيص ونقد عميقين، ثم تدوين ما يتوصل إليه بجدّه واجتهاده تدوينًا صادقًا على نحو ما ظهر له وما شعر به، متجنبًا إبداء الأحكام والآراء الشخصية القاطعة على قدر الاستطاعة.
لقد قلت في مقدمة الجزء الأول من كتابي السابق: "والكتاب بحث، أردت جهد طاقتي أن يكون تفصيليًّا، وقد يعاب عليّ ذلك، وعذري في هذا
1 / 6
التفصيل أنني أريد تمهيد الجادة لمن يأتي بعدي فيرغب في التأليف في هذا الموضوع، وأنني أكتب للمتتبِّعين والمتخصصين، ومن حق هؤلاء المطالبة بالمزيد. وقد فعلت في هذا الكتاب ما فعلته في الأجزاء الثمانية من الكتاب السابق من تقصّي كل ما يرد عن موضوع من الموضوعات في الكتابات وفي الموارد الأخرى، وتسجيله وتدوينه؛ ليقدم للقارئ أشمل بحث وأجمع مادة في موضوع يطلبه؛ لأن غايتي من هذا الكتاب أن يكون "موسوعة" في الجاهلية والجاهليين، لا أدعِ شيئًا عنها أو عنهم إلا ذكرته في محله؛ ليكون تحت متناول يد القارئ، فكتابي هذا وذاك هما للمتخصصين وللباحثين الذين يطمعون في الوقوف على حياة الجاهلية بصورة تفصيلية، ولم يكتبا للذين يريدون الإلمام بأشياء مجملة عن تلك الحياة.
والكتاب لذلك سيخرج في أجزاء، لا أستطيع تحديد عددها الآن ولكني أقول بكل تأكيد أنها ستزيد على العشرة، وأنها ستتناول كل نواحي الحياة عند الجاهليين: من سياسية، واجتماعية، ودينية، وعلمية، وأدبية، وفنية، وتشريعية.
لقد أشار عليّ بعض الأصدقاء أن أُدخل في العرب كل الساميّين، وأن أتحدث عنهم في كتابي هذا كما أتحدث عن العرب؛ لأن وطن الساميين الأول هو جزيرة العرب، ومنه هاجروا إلى الأماكن المعروفة التي استقروا فيها؛ فهم في ذلك مثل القبائل العربية التي تركت بلاد العرب، واستقرت في العراق وفي بادية الشام وبلاد الشام، لا يختلفون عنهم في شيء، ثم قالوا: فإذا كنت قد تحدثت عن تلك القبائل المهاجرة على أنها قبائل عربية، فلِمَ تسكت عن أولئك الساميين، ولم تجعلهم من العرب؟
وجوابي أن القبائل العربية المهاجرة هي قبائل معروفة الأصل وقد نصّت الكتابات والموارد الأخرى على عروبتها، ونسبت نفسها إلى جزيرة العرب، ولهجاتها لهجات عربية، لا ريب في ذلك ولا نزاع، وثقافتها عربية. أما الشعوب السامية؛ فليس بين العلماء -كما سنرى- اتفاق على وطنها الأول، وليس بينها شعب واحد نسب نفسه إلى العرب، وليس في الموارد التأريخية الواصلة إلينا مورد واحد يشير إلى أنها عربية؛ ولهجاتها وإن اشتركت كلها في أمور،
1 / 7
فإنها تختلف أيضًا في أمور كثيرة، هي أكثر من مواطن الاشتراك والالتقاء، ففرق كبير إذن بين هذه الشعوب وبين القبائل العربية من حيث العروبة. ثم إن العروبة في نظري ليس بها حاجة إلى ضم هذه الشعوب إليها، لإثبات أنها ذات أصل تئول إليه؛ فقد أعطى الله تلك الشعوب تأريخًا ثم محاه عنهم، وأعطى العرب تأريخًا أينع في القديم واستمر حتى اليوم، ثم إن لهم من الحضارة الإسلامية ما يغنيهم عن التفتيش عن مجد غيرهم وعن تركاتهم، لإضافتها إليهم؛ فليس في العرب مركب نقص حتى نضيف إليهم من لم يثبُت أنهم منهم، لمجرد أنهم كانوا أصحاب حضارة وثقافة، وأن جماعة من العلماء ترى أنهم كانوا من جزيرة العرب، والرأي عندي أن العرب لو نبشوا تربة اليمن وبقيّة الترب لما احتاجوا إلى دعوة من يدعو إلى هذا الترقيع؛ فأنا من أجل هذا لا أستطيع أن أضم أحدًا من هؤلاء إلى الأسرة العربية بالمعنى الاصطلاحي المعروف المفهوم، من لفظة العرب عندنا؛ إلا إذا توافرت الأدلة، وثبت بالنص أنهم من العرب حقًا، وأنهم كانوا في جزيرة العرب حقًا.
نعم، لقد قلت إن مصطلح الشعوب العربية هو أصدق اصطلاح يمكن إطلاقه على تلك الشعوب، وإن الزمان قد حان لاستبدال مصطلح "عربي" و"عربية" بـ"سامي" و"سامية"، وقلت أشياء أخرى شرحتها في الجزء الثاني من الكتاب السابق في تعليل ترجيح هذه التسمية١. ولكن لم أقصد ولن أقصد أن تلك الشعوب هي قبائل عربية مثل الشعوب والقبائل العربية المعروفة. فالسامية وحدة ثقافية، اصطلح عليها اصطلاحًا، والعروبة وحدة ثقافية وجنسية وروابط دموية وتأريخية، وبين المفهومين فرق كبير.
إن مما يثير الأسف -والله- في النفوس أن نرى الغربيين يعنون بتأريخ الجاهلية ويجدّون في البحث عنه والكشف عن مخلفاته وتركاته في باطن الأرض، ونشره بلغاتهم، ولا نرى حكوماتنا العربية ولا سيما حكومات حزيرة العرب، إلا منصرفة عنه، لا تعنى بالآثار العناية اللازمة لها، ولا تسأل الخبراء رسميًا وباسمها البحث عن العاديات والتنقيب في الخرائب الجاهلية لاستخراج ما فيها من كنوز، وجمعها في دار للمحافظة عليها ولاطلاع الناس عليها. وقد يكون عذر هذه الحكومات
_________
١ "ص٢٨٧"
1 / 8
أن الناس هناك ينظرون إلى التماثيل نظرتهم إلى الأصنام والأوثان، وإلى استخراج الآثار والتنقيب عن العاديات نظرتهم إلى بعث الوثنية وإحياء معالم الشرك، وهي من أجل هذا تخشى الرأي العام، وإني على كل حال أرجو أن تزول هذه الأحوال في المستقبل القريب، وأن يدرك عرب الجزيرة أهمية الآثار في الكشف عن تأريخ هذه الأمة العربية القديمة.
كذلك أرجو أن تنتبه حكومات جزيرة العرب لأهمية موضوع التخصص بتأريخ العرب القديم، وأن تكلف شبانها دراسة علم الآثار ودراسة لهجات العرب قبل الإسلام والأقلام العربية الجاهلية، ليقوموا هم أنفسهم بالبحث والتنقيب في مواطن العاديات المنبثة في مواطن كثيرة من الجزيرة.
ورجاء آخر أتمنى على جامعة الدول العربية والدول العربية أن يحققوه، وهو إرسال بعثات من المتخصصين بالآثار وباللهجات والأقلام العربية القديمة إلى مواطن الآثار في اليمن وفي بقية العربية الجنوبية والمواضع الأخرى من جزيرة العرب للتنقيب عن الآثار، والكشف عن تأريخ الجزيرة المطمور تحت الأتربة والرمال، ونشره نشرًا علميًا، بدلًا من أن يكون اعتمادنا في ذلك على الغربيين. أفلا يكون من العار علينا أن نكون عالة عليهم في كل أمر. حتى في الكشف عن تأريخنا القديم!
وأضيف إلى هذا الرجاء رجاء آخر هو أن تقوم أيضا بتدوين معجم في اللهجات العربية الجاهلية، تستخرجه من الكتابات التي عُثر عليها، وبتأليف كتب في نحوها وصرفها، وترجمة الكتب الأمهات التي وضعها المؤلفون الأجانب في تأريخ الجاهلية، ترجمة دقيقة تنأى عن المسخ الذي وقع في ترجمة بعض تلك المؤلفات فأشاع الغلط ونشر التخريف.
لقد راجعت بعض المستشرقين الباحثين في تأريخ العرب القديم، وسألت بعض من ساح في جزيرة العرب في هذه الأيام، وبعض الشركات العاملة فيها، في آخر ما توصلوا إليه من بحوث، وعثروا عليه من عاديات؛ فوجدت منهم كل معونة، وأرسلوا وما برحوا يرسلون أجوبتهم إليّ بكل ترحاب ولطف، وكتبت إلى بعض حكومات جزيرة العرب وإلى بعض المسئولين من أصحاب المكانة فيها والنفوذ مرارًا، وأسألها وأسألهم عن العاديات وعن الآثار التي عثر عليها
1 / 9
حديثًا في بلادهم؛ فلم أسمع من الاثنين جوابًا، وإني إذ أكتب هذه الملاحظة المرّة المؤسفة؛ إنما أرمي بها إلى التنبيه ولفت أنظار أولي الأمر أصحاب الحكم والسلطان؛ فمن واجب المسئول إجابة السائل، ولا سيما أن القضية قضية تخص البلاد المذكورة بالذات والعرب عمومًا، وقبيح أن ينبري الغريب، فيساعد طالب بحث عن تأريخ أمته وإخوته، ويستنكف المسئولون من أبناء هذه الأمة عن تنفيذ طلب لا يكلفهم شيئًا، وهو خطير يتعلق بتأريخ هذه الأمة قبل الإسلام وإذاعته أولًا، وهو واجب من واجباتهم التي نصبوا من أجلها ثانيًا.
لقد تمكن الباحثون في التأريخ الجاهلي، من سياح وعلماء، من الارتقاء بتأريخ الجاهلية بمئات من السنين قبل الميلاد، وذلك على وجه صحيح لا مجال للشك فيه، مع أن بحوثهم هذه لم تنزل سوى أمتار في باطن الآثار وفي أماكن محدودة معينة، وسوف يرتفع مدى هذه التأريخ إلى مئات أخرى، وربما يتجاوز الألفي سنة أو أكثر قبل الميلاد إذا أتيحت الفرص للعلماء في الحفر في مواضع الآثار حفرًا علميًا بالمعنى الحديث المفهوم من "الحفر". وأنا لا أستبعد بلوغ هذا التأريخ الجاهلي في يوم من الأيام التأريخ الذي وصل إليه العلماء في مصر وفي العراق، أو في أماكن أخرى عرفت بقدم تأريخها، بل لا أستبعد أيضًا أن يتقدم هذا التأريخ تأريخ بعض الأماكن المذكورة.
وبعد هذا، لا بد لي هنا من الاعتراف بفضل رجل، له على هذا الكتاب وعلى الكتاب الأول يد ومنّة، وله كذلك على مؤلفهما فضل سابق، يسبق زمن تأليف كتابيه بأمد طويل، هو فضل الإرشاد والتوجيه والتعليم. وأريد به الأستاذ العلامة الفاضل السيد محمد بهجت الأثري، العضو العامل في مجمع اللغة العربية بالقاهرة وعضو المجمع العلمي العربي بدمشق، وعضو المجلس الأعلى الاستشاري للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة؛ فلقد كان لي ولأمثالي من الدارسين والباحثين -ولا يزال- مرشدًا وموجهًا ومشوقًا لدراسة التراث العربي والتراث الإسلامي والتأليف وفي ذلك، مذ كنت تلميذه في الإعدادية المركزية ببغداد أتلقى عنه في جملة من كانوا يتلقون عنه الأدب العربي؛ فكان يشوّقنا بأسلوبه الجذاب، وبتأثيره القوي المعروف، إلى التوسع في دراسة الأدب العربي وتأريخ الأمة العربية، وهو ما برح يحثّني على الإسراع في إتمام هذا الكتاب وإخراجه للناس، قارئًا مسوداته، ومبديًا آراءه، وإرشاداته وملاحظاته القيمة، التي أفادتني -والحق
1 / 10
أقول- كثيرًا. وهما فضلان لن ينساهما تلميذ يقدّر الفضل لأستاذ كريم يفني نفسه في تربية الأجيال ونشر الأدب والعلم.
وبعد؛ فهذا الكتاب هو جمعي وترتيبي، فأنا المسئول عنه وحدي، وليس لأحد محاسبة غيري عليه، اجتهدت ألا أضمّنه إلا الحق والصواب من العلم على قدر طاقتي واجتهادي، فإن أكن قد وفقت فيما قصدت إليه وأردته؛ فذلك حسبي وكفى، لا أريد حمدًا ولا شكرًا؛ لأني قمت بواجب، وعملت عن شوق ورغبة وولع قديم بهذا الموضوع يرجع إلى أيام دارستي الأولى؛ فليس لي فضل ولا منّة، وإن كان فيه حسنًا فهو للعلماء الذين اعتمدت عليهم وأخذت منهم، وليس لي فيه غير الجمع والتأليف. وإن أخفقت فيه فذلك مبلغ علمي واجتهادي، أديته بعد تعب، لا أملك أكبر منه، وبغيتي حسن التوجيه والإرشاد وتقويم الأود، وتصحيح الأغلاط؛ فالنقد العلمي الحق إنشاء وبناء، والمدح والإطراء في نظري إبعاد لطالبي العلم من أمثالي عن العمل والتقدم، وسبب يؤدي إلى الخيلاء والضلال، وفوق كل ذي علم عليم.
جواد علي
1 / 11
الفصل الأول: تحديد لفظة العرب
نطلق لفظة "العرب" اليوم على سكّان بلاد واسعة، يكتبون ويؤلفون وينشرون ويخاطبون بالإذاعة والتلفزيون" بلغة واحدة، نقول لها: لغة العرب أو لغة الضاد أو لغة القرآن الكريم. وإن تكلموا وتفاهموا وتعاملوا فيما بينهم وفي حياتهم اليومية أدّوا ذلك بلهجات محلية متباينة؛ ذلك لأن تلك اللهجات إذا أًرجعت رجعت إلى أصل واحد هو اللسان العربي المذكور، وإلى ألسنة قبائل عربية قديمة، وإلى ألفاظ أعجمية دخلت تلك اللهجات بعوامل عديدة لا يدخل البحث في بيان أسبابها في نطاق هذا البحث.
ونحن إذْ نطلق لفظة "عرب" و"العرب" على سكان البلاد العربية؛ فإنما نطلقها إطلاقًا عامًا على البدو وعلى الحضر، لا نفرق بين طائفة من الطائفتين، ولا بين بلد وبلد. نطلقها بمعنى جنسية وقومية وعلم على رسٍّ له خصائص وسمات وعلامات وتفكير يربط الحاضرين بالماضين كما يربط الماضي بالحاضر.
واللفظة بهذا المعنى وبهذا الشكل، مصطلح يرجع إلى ما قبل الإسلام؛ ولكنه لا يرتقي تأريخيًّا إلى ما قبل الميلاد، بل لا يرتقي عن الإسلام إلى عهد جدّ بعيد؛ فأنت إذا رجعت إلى القرآن الكريم، وإلى حديث رسول الله، وجدت للفظة مدلولًا يختلف عن مدلولها في النصوص الجاهلية التي عُثر عليها حتى الآن أو في التوراة والإنجيل والتلمود وبقية كتب اليهود والنصارى وما بقي من مؤلفات
1 / 13
يونانية ولاتينية تعود إلى ما قبل الإسلام. فهي في هذه أعراب أهل وبر، أي طائفة خاصة من العرب. أما في القرآن الكريم وفي الحديث النبوي، وفي الشعر المعاصر للرسول؛ فإنها علم على الطائفتين واسم للسان الذي نزل به القرآن الكريم، لسان أهل الحضر ولسان أهل الوبر على حد سواء. ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ ١، ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ ٢.
وإذا ما سألتني عن معنى لفظة "عرب" عند علماء العربية؛ فإني أقول لك: إن لعلماء العربية آراء في المعنى، تجدها مسطورة في كتب اللغة وفي المعجمات؛ ولكنها كلها من نوع البحوث المألوفة المبنية على أقوال وآراء لا تعتمد على نصوص جاهلية ولا على دراسات عميقة مقارنة، وُضعت على الحدس والتخمين، وبعد حيرة شديدة في إيجاد تعليل مقبول فقالوا ما قالوه مما هو مذكور في الموارد اللغوية المعروفة، وفي طليعتها المعجمات وكتب الأدب، وكل آرائهم تفسير اللفظة وفي محاولة إيجاد أصلها ومعانيها، هو إسلامي، دوّن في الإسلام.
وترى علماء العربية حَيَارى في تعيين أول من نطق بالعربية؛ فبينما يذهبون إلى أن "يعرب" كان أول من أعرب في لسانه وتكلم بهذا اللسان العربي، ثم يقولون: ولذلك عرف هذا اللسان باللسان العربي، وتراهم يجعلون العربية لسان أهل الجنة ولسان آدم، أي: أنهم يرجعون عهده إلى مبدأ الخليقة، وقد كانت الخليقة قبل خَلْق "يعرب" بالطبع بزمان طويل، ثم تراهم يقولون: أول من تكلم بالعربية ونسي لسان أبيه إسماعيلُ، أُلْهِم إسماعيل هذا اللسان العربي إلهامًا، وكان أول من فُتِق لسانه بالعربية المبينة، وهو ابن أربع عشرة سنة٣. وإسماعيل هو جدّ العرب المستعربة على حد قولهم.
والقائلون إن "يعرب" هو أول من أعرب في لسانه، وإنه أول من نطق
_________
١ سورة النحل. رقم ١٦ الآية ١٠٣.
٢ سورة فصلت. رقم ٤١ الآية ٤٤.
٣ تاج العروس "٢/ ٣٥٢"، طبعة الكويت" "عرب"، اللسان "٢/ ٧٥" المزهر "١/ ٣٠"، فما بعدها"، ابن خلدون "٢/ ٨٦".
1 / 14
بالعربية، وإن العربية إنما سميت به؛ فأخذت من اسمه، إنما هم القحطانيون، وهم يأتون بمختلف الروايات والأقوال لإثبات أن القحطانيين هم أصل العرب، وأن لسانهم هو لسان العرب الأول، ومنهم تعلّم العدنانيون العربية، ويأتون بشاهد من شعر "حسان بن ثابت" على إثبات ذلك، يقولون: إنه قاله، وإن قوله هذا هو برهان على أن منشأ اللغة العربية هو من اليمن. يقولون إنه قال:
تعلمتم من منطق الشيخ يعرب ... أبينا؛ فصرتم معربين ذوي نفر
وكنتم قديمًا ما بكم غير عجمة ... كلام، وكنتم كالبهائم في القفر١
ولم يكن يخطر ببال هؤلاء أن سكان اليمن قبل الإسلام كانوا ينطقون بلهجات تختلف عن لهجة القرآن الكريم، وأن من سيأتي سيكتشف سرّ "المسنَد"، ويتمكن بذلك من قراءة نصوصه والتعرف على لغته، وأن عربيته هي عربية تختلف عن هذه العربية التي ندوّن بها، حتى ذهب الأمر بعلماء العربية في الإسلام بالطبع إلى إخراج الحميرية واللهجات العربية الجنوبية الأخرى من العربية، وقصر العربية على العربية التي نزل بها القرآن الكريم، وعلى ما تفرع منها من لهجات كما سأتحدث عن ذلك فيما بعد. وهو رأي يمثل رأي العدنانيين خصوم القحطانيين.
والقائلون إن يعرب هو جدّ العربية وموجدها، عاجزون عن التوفيق بين رأيهم هذا ورأيهم في أن العربية قديمة قدم العالم، وأنها لغة آدم في الجنة، ثم هم عاجزون أيضًا عن بيان كيف كان لسان أجداد "يعرب" وكيف اهتدى "يعرب" إلى استنباطه لهذه اللغة العربية، وكيف تمكن من إيجاده وحده لها من غير مؤازرة ولا معين؟ إلى غير ذلك من أسئلة لم يكن يفطن لها أهل الأخبار في ذلك الزمن، وللإخباريين بعد كلام في هذا الموضوع طويل، الأشهر منه القولان المذكوران ووفق البعض بينهما بأن قالوا: إن "يعرب" أول من نطق
_________
١ كتاب الإكليل: "١/ ١١٦" تحقيق "محمد بن علي الأكوع الحوالي"، القاهرة سنة ١٩٦٣ "مطبعة السنة المحمدية"، المكتبة اليمنية "٢"، الأصمعي.
1 / 15
بمنطق العربية، وإسماعيل هو أول من نطق بالعربية الخالصة الحجازية التي أنزل عليها القرآن١.
أما المستشرقون وعلماء التوراة المحدثون؛ فقد تتبعوا تأريخ الكلمة، وتتبعوا معناها في اللغات السامية، وبحثوا عنها في الكتابات الجاهلية وفي كتابات الآشوريين فيه لفظة "عرب" هو نصّ آشوري من أيام الملك "شلمنصر الثالث" "الثاني؟ " ملك آشور٢. وقد تبين لهم أن لفظة "عرب" لم تكن تعني عند الآشوريين ما تعنيه عندنا من معنى، بل كانوا يقصدون بها بداوة وإمارة "مشيخة" كانت تحكم في البادية المتاخمة للحدود الآشورية، كان حكمها يتوسع ويتقلص في البادية تبعًا للظروف السياسية ولقوة شخصية الأمير، وكان يحكمها أمير يلقب نفسه بلقب "ملك" يقال له "جنديبو" أي "جندب" وكانت صلاته سئية بالآشوريين. ولما كانت الكتابة الآشورية لا تحرك المقاطع، صعُب على العلماء ضبط الكلمة؛ فاختلفوا في كيفية المنطق بها، فقرئت: "aribi" و"arubu" و"aribu" و"arub" و"arabi" و"urbi" و"arbi" إلى غير ذلك من قراءات٣. والظاهر أن صيغة "urbi" كانت من الصيغ القليلة الاستعمال، ويغلب على الظن أنها استعملت في زمن متأخر٤، وأنها كانت بمعنى "أعراب" على نحو ما يقصد من كلمي "عُربي" و"أعرابي" في لهجة أهل العراق لهذا العهد. وهي تقابل كلمة "عرب" التي هي من الكلمات المتأخرة كذلك على رأي بعض المستشرقين. وعلى كل حال فإن الآشوريين كانوا يقصدون بكلمة "عربي" على اختلاف أشكالها بداوة ومشيخة كانت تحكم في أيامهم البادية تمييزًا لها عن قبائل أخرى كانت مستقرة في تخوم البادية٥".
_________
١ تاج العروس "٢/ ٣٥٢"، "طبعة الكويت".
٢ Margoltouth، The Relations between Arabs and Israelites Prior to the rise of Islam، P. ٣، The Jewish Encyclopedia، New York، ١٩٠٢، P. ٤١، Reallexikon der
Aaayriologie، erster Band، Zwelte Lieferung-، S.، ١٢٥، James A. Montgomery،
Arabia and the Bible، PP. ٢٧.
٣ Erich Ebling und Bruno Meissner، Reallexikon der Assyriologte، Erster Band،
Berlin and leipzig ١٩٢٢، P. ١٢٥.
٤ Ency، Bibli. Vol.، I، P. ٢٧٣، E. Schrader Keilinschriften und Geschichtforschung، t PP. ١٠٠، Fr.
Delityech،
wo lag das Paradise؟، P. ٢٩٥، ٣٠٤، P، Caussin de Perceval، Hlstoire des Arabes I، P.، ٤ff.
٥ ENCYCLOPEDIA BIBLICA، by cheyne، vol.، I، p. ٢٧٣.
1 / 16
ووردت في الكتابات البابلية جملة "ماتواربي" "matu a-ra-bi"، "Matu arabaai"، ومعنى "ماتو" "متو" أرض، فيكون المعنى "أرض عربي"، أي "أرض العرب"، أو "بلاد العرب"، أو "العربية"، أو "بلاد الأعراب" بتعبير أصدق وأصح؛ إذ قصد بها البادية، وكانت تحفل بالأعراب١. وجاءت في كتابة "بهستون" بيستون"٢ "behistun" لدار الكبير "داريوس"٣ لفظة "أرباية" "عرباية"٤ "arabaya"، وذلك في النص الفارسي المكتوب باللغة "الأخمينية"، ولفظة "arpaya"" "m ar payah" في النص المكتوب بلهجة أهل السوس "susian" "susiana" وهي اللهجة
_________
١ W. Muss Arnolt، j assyriach - english - Deutscbes handwort-erbuch، Berlin، ١٩٠٣، s.، ٦١٦، Winclder، A-O.P-، Band، ٢، S.، ٤٦٥، Margoliouth، The relations between Arabs and Israelites prior to the rise of Islam، London، ١٩٢٤، p.، ٣.
٢ "بهستون" و"بسيستون". "بهستون" "بالفتح ثم الكسر": قرية بين همدان وحلوان، اسمها ساسباتان، بينها وبين همدان أربع مراحل، وبينها وبين قرميسين ثمانية فراسخ، وجبل بهستون، عالٍ مرتفع ممتنع، لا يُرتقى إلى ذروته، وطريق الحاج تحته سواء، ووجهه من أعلاه إلى أسفله أملس كأنه منحوت، ومقدار قامات كثيرة من الأرض قد نحت وجهه وملس، فزعم بعض الناس أن الأكاسرة أراد أن يتخذ حول هذا الجبل موضع سوق ليدل به على عزته وسلطانه، وعلى ظهر الجبل بقرب الطريق مكان يشبه الغار وفيه عين ماء جارية، وهناك صورة دابة كأحسن ما يكون من الصور، زعموا أنها صورة دابة كسرى المسماة شبديز، وعليها كسرى، وقد ذكرته مبسوطا في باب الشين"، البلدان "٢/ ٣١٥"، "طبعة وستفلد" "١/ ٧٦٩" "شيداز: بكسر أوله وسكون ثانيه ثم دال مهملة وآخره زاي. ويقال: شيديز بالياء المثناة من تحت ... منزل بين حلوان وقرميسين في لحف جبل بيستو، سمي باسم فرس كان لكسرى، وقد وصف ياقوت الحموي الموضع، وذكر آراء الناس فيه والقصص التي كانت تروى عن الصور، البلدان "٥/ ٢٢٨".
٣ يعرف في الكتب العربية ب"دارا"، كتاب تأريخ سني ملوك الأرض والأنبياء ص" ٢٠"، مروج الذهب "١/ ١٩٦، ٢٤٥"، "دارا الكبير" "دارا الأكبر" تأريخ الطبري "١/ ٦٨٧، ٧٠٦، ٧١٩" طبعة أوروبة.
٤ The Sculptures and inscription of Darius the great on the Rock of Behlstun in persia، London، ١٩٠٧، p.،
1 / 17
العيلامية لغة عيلام١.
ومراد البابليين أو الآشوريين أو الفرس من "العربية" أو "بلاد العرب". البادية التي في غرب نهر الفرات الممتدة إلى تخوم بلاد الشام.
وقد ذكرت "العربية" بعد آشور وبابل وقبل مصر في نصّ "دارا" المذكور٢. فحمل ذلك بعض العلماء على إدخال طور سيناء في جملة هذه الأرضين٣. وقد عاشت قبائل عربية عديدة في منطقة سيناء قبل الميلاد.
وبهذا المعنى أي معنى البداوة والأعرابية والجفاف والقفر، وردت اللفظة في العبرانية وفي لغات سامية أخرى، ويدل ذلك على أن لفظة "عرب" في تلك اللغات المتقاربة هو البداوة وحياة البادية، أي بمعنى "أعراب". وإذا راجعنا المواضع التي وردت فيها كلمة "عربي" و"عرب" في التوراة، تجدها بهذا المعنى تمامًا؛ ففي كل المواضع التي وردت فيها في سفر "أشعياء" "Isaiah" مثلًا نرى أنها استعملت بمعنى بداوة وأعرابية، كالذي جاء فيه: "ولا يخيم هناك أعرابي٤". فقصد بلفظة "عرب" في هذه الآية الأخيرة البادية موطن العزلة والوحشة والخطر، ولم يقصد بها قومية وعلمية لمجلس معين بالمعنى المعروف المفهوم.
ولم يقصد بجملة "بلاد العرب" في الآية المذكورة والتي هي ترجمة "مسا
_________
١ "السوس بضم أوله وسكون ثانيه وسين مهملة أخرى. بلفظ السوس الذي يقع في الصواف: بلدة بخوزستان، فيها قبر دانيال ﵇. قال حمزة: السوس تعريب الشوش بنقط الشين، ومعناه الحسن والنزه والطيب ... قال ابن المقفع: أول سور وضع في الأرض بعد الطوفان سور السوس وتستر ولا يدري من بنى السوس وتستر والأبلة. وقال ابن الكلبي: السوس بن سام بن نوح"، البلدان "٥/ ١٧١ وما بعدها".
٢ Sculp. P.، ٤، ٩٥، ١٦١.
٣ Ency.، Bibli.، P.، ٢٧٣، Hastings، P. ٤٦.' Encyclopaedia Biblica، by Cneyne، I، PP.، ٢٦٧، J. Hastings، A Dictionary of the Bible، I، P.، ١٣١، J. Hastings، A Dictionary of the Bible dealing with its Language Literature and Contents، p.، ٨٤.
٤ الإصحاح الثالث عشر، آية ٢٠ "ولا يضرب أعرابي فيها خباء"، الترجمة الكاثوليكية، المطبعة الكاثوليكية، بيروت ١٩٦٠.
٥ الإصحاح الحادي والعشرين، الأية ١٣،
J. Simons، The Georgraphical and Topographical Texts of the Old Testament، Leiden، ١٩٥٩، P.، ٤.
1 / 18
هـ- عراب" "MASSA HA-arab، المعنى المفهوم من "بلاد العرب" في الزمن الحاضر أو في صدر الإسلام؛ وإنما المراد بها البادية، التي بين بلاد الشام والعراق وهي موطن الأعراب١.
وبهذا المعنى أيضًا وردت في "أرميا"، ففي الآية "وكل ملوك العرب" الواردة في الإصحاح الخامس والعشرين٢، تعني لفظة "العرب" الأعرابي"، أي "عرب البادية" والمراد من "وكل ملوك العرب" و"كل رؤساء العرب" و" مشايخهم"، رؤساء قبائل ومشايخ. لا ملوك مدن وحكومات. وأما الآية: "في الطرقات جلست لهم كأعرابي في البرية"٣، فإنها واضحة، وهي من الآيات الواردة في "أرميا". والمراد بها أعرابي من البادية، لا حضري من أهل الحاضرة. فالمفهوم إذن من لفظة "عرب" في إصحاحات "أرميا" إنما هو البداوة والبادية والأعرابية ليس غير.
ومما يؤيد هذا الرأي ورود "ها عرابة ha 'arabah" في العبرانية، ويراد بها ما يقال له: "وادي العربة"، أي الوادي الممتد من البحر الميت أو من بحر الجليل إلى خليج العقبة٤. وتعني لفظة "عرابة" في العبرانية الجفاف وحافة الصحراء وأرض محروفة، أي معاني ذات صلة بالبداوة والبادية، وقد أقامت في هذا الوادي قبائل بدوية شملتها لفظة "عرب". وفي تقارب لفظة "عرب" و"عرابة"، وتقارب معناها، دلالة على الأصل المشترك للفظتين. ويعدّ وادي "العربة" وكذلك "طور سيناء" في بلاد العرب. وقصد بـ "العربية" برية سورية في "رسالة القديس بوليس إلى أهل غلاطية"٥.
_________
١ قاموس الكتاب المقدس "٢/ ٨٨ فما بعدها".
A Religios Encylopaedla or Dictionary of Biblical، Historical Doctorinal، and Practical Theology، by،
Philip Schaff، ١٨٩٤، Vol.، I، P.، ١٢٢.
٢ الآية٢٤ The Bible DicUonary، I، P.، ٩٨
٣ الإصحاح الثالث، الآية الثانية.
٤ Ency. Bibli.، I، P.، ٢٧١.
٥ "مكتوب أنه كان لإبراهيم ابنان: أحدهما من الأَمَة، والآخر من الحرة؛ غير أن الذي من الأمة ولد بقوة الجسد، أما الذي من الحرة فبقوة الموعد، وذلك إنما هو رمز؛ لأن هاتين هما الوصيتان إحداهما من طور سيناء تلد للعبودية؛ فهي هاجر؛ فإن سيناء هو جبل في ديار العرب، ويناسب أورشليم الحالية؛ لأن هذه حاصلة في العبودية مع بنيها"، رسالة القديس بولس إلى أهل غلاطية"، الرسالة الرابعة، ٢٢ فما بعدها، قاموس الكتاب المقدس "٢/ ٨٩".
1 / 19
وقد عرف علماء العربية هذه الصلة بين كلمة "عرب" و"عرابة" أو "عربة"؛ فقالوا: "إنهم سمّوا عربًا باسم بلدهم العربات، وقال إسحاق بن الفرج: عربة باحة العرب، وباحة دار أبي الفصاحة إسماعيل بن إبراهيم ﵉"١. وقالوا: "وأقامت قريش بعربة فتنخت بها، وانتشر سائر العرب في جزيرتها؛ فنسبوا كلهم إلى عربة؛ لأن أباهم إسماعيل، ﷺ، نشأ وربّى أولاده فيها فكثروا. فلما لم تحتملهم البلاد، انتشروا، وأقامت قريش بها٢، وقد هب بعضهم إلى أن عربة من تهامة٣، وهذا لا ينفي على كل حال وجود الصلة بين الكلمتين.
ورواية هؤلاء العلماء، مأخوذة من التوراة، أخذوها من أهل الكتاب، ولا سيما من اليهود وذلك باتصال المسلمين بهم، واستفسارهم منهم عن أمور عديدة وردت في التوراة، ولا سيما في الأمور التي وردت مجملًا في القرآن الكريم والأمور التي تخص تأريخ العرب وصلاتهم بأهل الكتاب.
ويرى بعض علماء التوراة أن كلمة "عرب" إنما شاعت وانتشرت عند العبرانيين بعد ضعف "الإشماعيليين" "الإسماعيليين" وتدهورهم وتغلب الأعراب عليهم حتى صارت اللفظة مرادفة عندهم لكلمة "إشماعيليين". ثم تغلبت عليهم؛ فصارت تشملهم، مع أن "الإشماعيليين" كانوا أعرابًا كذلك، أي قبائل بدوية تتنقل من مكان إلى مكان، طلبًا للمرعى وللماء. وكانت تسكن أيضًا في المناطق التي سكنها الأعراب، أي أهل البادية. ويرى أولئك العلماء أن كلمة "عرب" لفظة متأخرة، اقتبسها العبرانيون من الآشوريين والبابليين، بدليل ورودها في النصوص الآشورية والبابلية، وهي نصوص يعود عهدها إلى ما قبل التوراة. ولشيوعها بعد لفظة "إشماعيليين"، ولأدائها المعنى ذاته المراد من اللفظة، ربط بينهما وبين لفظة "إشماعيليين"، ولأدائها المعنى ذاته المراد من اللفظة، ربط بينها وبين لفظة "إشماعيليين"، وصارت نسبًا، فصُير جد هؤلاء العرب "إشماعيل"، وعدوًّا من أبناء إسماعيل٤.
_________
١ "اللسان "٢/ ٧٢"، القاموس المحيط "١/ ١٠٢".
٢ اللسان "٢/ ٧٢"، تاج العروس "٣/ ٣٤٤"، "طبعة الكويت".
٣ اللسان "٢/ ٧٦"، تاج العروس "٣/ ٣٤٤"، "الكويت".
٤ راجع الألفاظ: "عرب" "ويشماعيل" في معجمات التوراة.
1 / 20
هذا ما يخص التوراة، أما "التمود"؛ فقد قصدت بلفظة "عرب" و"عريم" "arbim" "عربئيم" "arbi'im" الأعراب كذلك، أي المعنى نفسه الذي ورد في الأسفار القديمة، وجعلت لفظة "عربي" مرادفة لكلمة "إسماعيل" في بعض المواضع١.
وقبل أن أنتقل من البحث في مدلول لفظه "عرب" عند العبرانيين إلى البحث في مدلولها عند اليونان، أود أن أشير إلى أن العبرانيين كانوا إذا تحدثوا عن أهل المدر، أي الحضر ذكروهم بأسمائهم. وفي سلاسل النسب الواردة في التوراة، أمثلة كثيرة لهذا النوع، سوف أتحدث عنها.
وأول من ذكر العرب من اليونان هو "أسكيلوس، أسخيلوس" "أشيلس" "أخيلوس" "Aeschylus"، "٥٢٥- ٤٥٦ قبل الميلاد" من أهل الأخبار منهم، ذكرهم في كلامه على جيش "أحشويرش" "xerxes"، وقال: إنه كان في جيشه ضابط عربي من الرؤساء مشهور٢. ثم تلاه "هيرودوتس" شيخ المؤرخين "نحو ٤٨٤- ٤٢٥ قبل الميلاد،؛ فتحدث في مواضيع من تأريخه عن العرب حديثًا يظهر منه أنه كان على شيء من العلم بهم. وقد أطلق لفظة "arabae" على بلاد العرب، البادية وجزيرة العرب والأرضين الواقعة إلى الشرق من نهر النيل٣؛ فأدخل "طور سيناء" وما بعدها إلى ضفاف النيل في بلاد العرب.
فلفظة "العربية" "arabae" عند اليونان والرومان، هي في معنى "بلاد العرب". وقد شملت جزيرة العرب وبادية الشام. وسكانها هم عرب على اختلاف لغاتهم ولهجاتهم، على سبيل التغليب؛ لاعتقادهم أن البداوة كانت هي الغالبة على هذه الأرضين؛ فأطلقوها من ثم على الأرضين المذكورة.
وتدل المعلومات الواردة في كتب اليونان واللاتين المؤلفة بعد "هيرودوتس" على تحسن وتقدم في معارفهم عن بلاد العرب، وعلى أن حدودها قد توسعت في مداركهم فشملت البادية وجزيرة العرب وطور سيناء في أغلب الأحيان؛ فصارت لفظة "arabae" عندهم علمًا على الأرضين المأهولة بالعرب والتي تتغلب عليها
_________
١ موعيد قطان ١٢٤
٢ Ency. Bibli.، I، P.، ٢٧٣
٣ Ency. Bibli.، I، P.، ٢٧١
1 / 21
الطبيعة الصحراوية، وصارت كلمة "عربي" عندهم علمًا للشخص المقيم في تلك الأرضين، من بدو ومن حضر؛ إلا أن فكرتهم عن حضر بلاد العرب لم تكن ترتفع عن فكرتهم عن البدوي، بمعنى أنهم كانوا يتصوّرون أن العرب هم أعراب.
ووردت في جغرافية "سترابون" كلمة "أرمي" "erembi"، ومعناها اللغوي الدخول في الأرض أو السكنى في حفر الأرض وكهوفها، وقد أشار إلى غموض هذه الكلمة وما يقصد بها، أيقصد بها أهل "طرغلوديته" "troglodytea" أي "سكان الكهوف" أم العرب؟ ولكنه ذكر أن هناك من كان يريد بها العرب، وأنها كانت تعني هذا المعنى عند بعضهم في الأيام المتقدمة، ومن الجائز أن تكون تحريفًا لكلمة "arabi" فأصبحت بهذا الشكل١.
أما الإرميون؛ فلم يختلفوا عن الآشوريين والبابليين في مفهوم "بلاد العرب". أي ما يسمى بـ"بادية الشام" وبادية السماوة. وهي البادية الواسعة الممتدة من نهر الفرات إلى تخوم الشام. وقد أطلقوا على القسم الشرقي من هذه البادية، وهو القسم الخاضع لنفوذ الفرس، اسم "بيت عرباية" "beth' arb'aya" و"باعرباية" "ba'arabaya"، ومعناها "أرض العرب". وقد استعملت هذه التسمية في المؤلفات اليونانية المتأخرة٢. وفي هذا الاستعمال أيضًا معنى الأعرابية والسكنى في البادية.
ووردت لفظة "عرب" في عدد من كتابات "الحضر". وردت مثلًا في النص الذي وسم ب"٧٩" حيث جاء في السطرين التاسع والعاشر "وبجندا دعرب"، أي: "وبجنود العرب". وفي السطر الرابع عشر: "وبحطر وعرب"، أي "وبالحضر وبالعرب"٣. ووردت في النص: "١٩٣": "ملكادي عرب"، أي "ملك العرب" وفي النص "١٩٤" وفي نصوص أخرى٤. وقد وردت اللفظة في كل هذه النصوص بمعنى "أعراب"، ولم ترد علمًا على قوم وجنس، أي بالمعنى المفهوم من اللفظة في الوقت الحاضر٥.
_________
١ Strabo، Vol.، ٣، P.، ٢١٥.
٢ Ency. Bibli.، Vol.، I، P.، ٢٧٣، Hastings، P.، ٤٦، Schroder، Keillnschr. und Gesch. S.، ١٠٠، Delitzsch، Wo ٢Jag das Parodies؟ S.، ٢٩٥.
وسيكون رمزه Delitmych
٣ مجلة سومر، السنة ١٩٦١، Die Araber، IV، S.، ٢٤٣. ff
٤ سومر، ١٩٦١،Die Araber، IV، S.، ٢٦١ ٥ انجليزي
٥ Die Araber، IV، S.، ٢٦٩.
1 / 22
هذا، وليست لدينا كتابات جاهلية من النوع الذي يقول له المستشرقون "كتابات عربية شمالية"، فيها اسم "العرب"، غير نصّ واحد، هو النص الذي يعود إلى "امرئ القيس بن عمرو". وقد ورد فيه: "مر القيس بر عمرو، ملك العرب كله، ذو إسرالتج وملك الأسدين ونزروا وملوكهم وهرب مذحجو ... "١. ولورد لفظة "العرب" في هذا النص الذي يعود عهده إلى سنة "٣٢٨م" شأن كبير؛ "غير أننا لا نستطيع أن نقول: إن لفظة "العرب" هنا، يراد بها العرب بدوًا وحضرًا، أي: يراد بها العلم على قومية، بل يظهر من النص بوضوح وجلاء أنه قصد "الأعراب"، أي القبائل التي كانت تقطن البادية في تلك الأيام.
أما النصوص العربية الجنوبية؛ فقد وردت فيها لفظة "أعرب" بمعنى "أعراب"، ولم يقصد بها قومية، أي علم لهذا الجنس المعروف، الذي يشمل كل سكان بلاد العرب من بدو ومن حضر، فورد: "وأعرب ملك حضرموت"، أي "وأعراب ملك حضرموت"٢، وورد: "وأعرب ملك سبأ"، أي "وأعراب ملك سبأ"٣. وكالذي ورد في نصّ "أبرهة"، نائب ملك الحبشة على اليمن٤؛ ففي كل هذه المواضع ومواضع أخرى، وردت بمعنى أعراب"٥.
أما أهل المدن والمتحضرون، فكانوا يعرفون بمدنهم أو بقبائلهم، وكانت مستقر في الغالب. ولهذا قيل "سبأ"و"هَمْدَان" و"حِمْيَر" وقبائل أخرى، بمعنى أنها قبائل مستقرة متحضرة، تمتاز عن القبائل المتنقلة المسماة "أعرب" في النصوص العربية الجنوبية؛ مما يدل على أن لفظة "عرب" و"العرب" لم
_________
١ Ephemeris، ٢-٣٤، nabia، p. ٤، Plate، ٢، dussaud، in rev Archeologique، II، "١٩٠٢"، ٤٠٩، ff، Arabes en syrie avant l'islam، P. ٣٤، montgoery، Arabia and the bible، p. ٢٨.
وسيكون رمزه Montgomery.
٢ لما كان المسند لا يعرف الحركات، صعب علينا قراءة الكلمات قراءة صحيحة فتجوز قراءة كلمة "أعرب" مثلًا: "أعرب" وتجوز قراءتها "أعراب".
٣ نشر نقوش سامية قديمة من جنوب بلاد العرب وشرحها، بقلم الدكتور خليل يحيى نامي "ص٩٢"، النقش ٧١ سطر ٢، وسأشير إليه ب: نشر، "ص٩٣ نصّ رقم ٧٢، و٧٣.
٤ Glser، zwei inschriften uber den dammbruch bon maribg، s، ٣٣، Ency، Bibli، I، p. ٢٧٥، cis ٥٤١ Glasser، ٦١٨.
٥ Glaser، zwei inschriften uber den dammbruch von marib، s. ٣٣. Ency، Bibli I، p. ٢٧٥، cis، ٥٤١ Glasser، ٦١٨.
Albert Jamme، Sabaean Inscriptions from Magram Biqis Baltimore، ١٩٦٢، p. ٤٤٥
1 / 23
تكن تؤدي معنى الجنس والتقومية ذلك في الكتابات العربية الجنوبية المدونة والواصلة إلينا إلى قُبيل الإسلام بقليل "٤٤٩م" "٥٤٢م"١. والرأي عندي أن العرب الجنوبيين لم يفهموا هذا المعنى من اللفظة إلا بعد دخولهم في الإسلام، ووقوفهم على القرآن الكريم، وتكلمهم باللغة التي نزل بها، وذلك بفضل الإسلام بالطبع. وقد وردت لفظة "عرب" في النصوص علمًا لأشخاص٢.
وقد عرف البدو، أي سكان البادية، بالأعراب في عربية القرآن الكريم. وقد ذكروا في مواضع من كتاب الله، وقد نعتوا فيه بنعوت سيئة٣، تدل على أثر خلق البادية فيهم. وقد ذكر بعض العلماء أن الأعراب بادية العرب، وأنهم سكان البادية٤.
والنص الوحيد الوحيد الذي وردت فيه لفظة "العرب" علمًا على العرب جميعًا من حضر وأعراب، ونعت فيه لسانهم باللسان العربي، هو القرآن الكريم. وقد ذهب "د. هـ. ملر" إلى أن القرآن الكريم هو الذي خصص الكلمة وجعلها علمًا لقومية تشمل كل العرب. وهو يشك في صحة ورود كلمة "عرب" علمًا لقومية في الشعر الجاهلي، كالذي ورد في شعر لامرئ القيس، وفي الأخبار المدونة في كتب الأدب على ألسنة بعض الجاهليين٥. ورأي "ملر" هذا رأي ضعيف لا يستند إلى دليل؛ إذ كيف تعقل مخاطبة القرآن قومًا بهذا المعنى لو لم يكن لهم علم سابق به؟ وفي الآيات دلالة واضحة على أن القوم كان لهم إدراك لهذا المعنى قبل الإسلام، وأنهم كانوا ينعتون لسانهم باللسان العربي، وأنهم كانوا يقولون للألسنة الأخرى ألسنة أعجمية: ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ﴾ ٦. ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا
_________
١ Margoliouth، the Relations، p. ٢. Glaser، ٥٥٤، ٢. MVAG، VI، ٧، CIH، ٧٩. ٩. CIH، ٣٧٣، ٣٩٧، ٧. CIH IV، Pars Himyaritica، Nos، ٧٩، ٣٤٣، ٣٩٧ Montgomery. P. ٢٧.
٢ نشر "ص٨٩" نص٦٩،
Ansaldi، cesare il yemen، nella storia e nella legenda،m roma ١٩٣٣، Nr، ١٧ ٦٩، Ryckmans، in le museon، VoI، I، part، ٣، "١٩٣٧". Nr. ١٨٠.
٣ التوبة، الآية ٩٧، ١٠١، الفتح، الآية ١١، الحجرات، الآية ١٤.
٤ بلوغ الأرب "١/ ١٣"، تاج العروس "٣/ ٣٣٣ فما بعدها".
٥ D.H Muller، in Neue Frele Presse، "١٨٩٤" ٢٠th April، Ency. Bibli، I. P. ٢٧٤.
٦ سورة فصلت رقم ٤١، الآية ٤٤.
1 / 24
عَرَبِيًّا﴾ ١. ﴿وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ ٢. ﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ ٣؛ ففي هذه الآيات وآيات أخرى غيرها دلالة على أن الجاهلين كانوا يطلقون على لسانهم لسانًا عربيًا، وفي ذلك دليل على وجود الحس بالقومية قبيل الإسلام٤.
ونحن لا نزال نميز الأعراب عن الحضر، ونعتدّهم طبقة خاصة تختلف عن الحضر، فنطلق عليهم لفظة: "عرب" في معنى بدو وأعراب، أي بالمعنى الأصلي القديم، ونرى أن عشيرة "الرولة" وعشائر أخرى تقسم سكان الجزيرة إلى قسمين: حضر و"عرب". وتقصد بالعرب أصحاب الخيام أي المتنقّلين، وتقسم العرب، أي البدو إلى "عرب القبيلة"، وهو "عرب الديرة"، وهم العرب المقيمون على حافات البوادي والأرياف، أي في معنى "عرب الضاحية" و"عرب الضواحي" في اصطلاح القدامى.
ثم تقسم الحضر وتسميهم أيضًا بـ"أهل الطين" إلى "قارين"، والواحد "قروني"، وهم المستقرون الذين لهم أماكن ثابتة ينزلونها أبدًا، وإلى "راعية" والمفرد راع، وهم أصحاب أغنام وشبه حضر، ويقال لهم" شوّاية" وو"شيّان" و"شاوية" و"رحم الديرة" بحسب لغات القبائل٥.
وأشبه مصطلح من المصطلحات القديمة بمصطلح "شوّاية" و"شاوية"، هو "الأرحاء"، وهي القبائل التي لا تنتجع ولا تبرح مكانها؛ إلا أن ينتجع بعضها في البرحاء وعام الجدب٦.
وخلاصة ما تقدم أن لفظة "ع ر ب"، "عرب" هي بمعنى التبدي والأعرابية في كل اللغات السامية، ولم تكن تفهم إلا بهذا المعنى في أقدم
_________
١ سورة الرعد رقم ١٣، الآية ٣٧
٢ سورة الأحقاف، رقم ٤٦ الآية ١٢
٣ النحل، السورة رقم ١٦، الآية ١٠٣
٤ سورة يوسف الآية ٢، سورة طه الآية ١١٣، سورة الزمر الآية ٢٨، سورة الشورى الآية ٧، سورة الزخرف الآية ٣.
٥ B-R. ٥٢٧ (Restricted)، Geographical Handbook Series for Official use only، Western Arabia and the Red Sea، June ١٩٤٦، Naval Intelligence Division، PP.، ٣٩٨. "شاوية"
٦ العقد الفريد" ٣/ ٣٣٥"
1 / 25