فأما هرمس وكل المتقدمين من أهل فارس والبابليين واليونانيين فإنهم كانوا ينظرون إلى البيت الذي لذلك الشيء وإلى صاحبه وإلى الكوكب الدال عليه بطبيعته وإلى السهم المنسوب إلى ذلك المعنى وموضعه من البروج وحال صاحبه منه وإلى مقارنة الكواكب السهم ونظرها إليه وتسييره وانتقاله في البروج الاثني عشر فيحكمون على قدر ما يدل عليه ووجدنا ما عملوا من ذلك صوابا
فأما العلة في استخراج السهام فظاهرة بينة عند من فهم دلالات الكواكب وذلك من جهتين إحداهما أنه لما كانت الكواكب إذا قرب بعضها من بعض وإذا تقارنت أو إذا تباعد أحدهما من صاحبه بمقدار درجة أو أقل أو أكثر حدث له منه مزاج ودلالة على الخير أو الشر خلاف ما كان دل عليه في الوقت الآخر وأظهر ما يكون هذا في الكوكبين اللذين يدلان على شيء واحد دلالة طبيعية وذلك كالشمس وزحل اللذين يدلان على حال الأب فاحتيج إلى معرفة بعد ما بينهما في كل وقت من الأوقات ليعرف منه دلالة الدليلين وقوتهما وضعفهما في ذلك الوقت فلهذه العلة استخرجوا السهام
والجهة الثانية أن الأشياء التي تدل عليها النجوم إنما تعرف وتستخرج باجتماع دليلين أو ثلاثة على شيء واحد وهذه الأدلاء ربما اشتبهت دلالتها لأنه ربما كان للشيء الواحد دليلان أحدهما ليلي والآخر نهاري أو يكون أحدهما أقوى دلالة من الآخر أو يكون أحدهما دليلا على الابتداء والآخر دليل على التمام فتشتبه الدلالة فيها فلذلك احتاجوا إلى استخراج السهام واستعمالها لينظروا إلى السهم إلى أي الأدلاء يكون أميل فيحكمون عليه
पृष्ठ 820