معركة الرجل المرأة؛ تلك المعركة المزيفة العجيبة.
تقف المرأة فيها أمام الرجل وحدها، ويقف الرجل فيها أمام المرأة ومن ورائه متاريس من التقاليد والقوانين والأديان، وسدود من التاريخ والأحقاب والأجيال، وصفوف من الرجال والنساء والأطفال، يحملون ألسنة ممدودة حادة كأسنان السيوف، ويصوبون عيونا مفتوحة كفوهات البنادق، ويفتحون أفواها واسعة كالمدافع الرشاشة.
يقف الرجل أمام المرأة مستندا بظهره إلى العالم، يقبض بيده على صولجان الحياة، يملك الماضي والحاضر والمستقبل، يملك الشرف والكرامة والأخلاق وأوسمة معاركه مع النساء، يملك الدين والدنيا، بل يملك تلك النطفة الصغيرة التي قد تنبت في أحشاء المرأة عقب العراك؛ يعترف بها أو لا يعترف، يمنحها اسمه وشرفه أو لا يمنح، يحكم عليها بالحياة أو يحكم عليها بالإعدام.
وتقف المرأة أمام الرجل وقد سلبها العالم حريتها وشرفها واسمها وكرامتها وطبيعتها وإرادتها، سلبها الدين والدنيا، بل سلبها تلك الثمرة الصغيرة التي تصنعها في أعماقها بدمائها وخلاياها وذرات عقلها وقلبها.
ورأيته يبتسم مرة أخرى.
لماذا تبتسم هكذا يا رجل؟ هل يمكن أن تسمي هذه معركة؟
واقترب مني ولفحت أنفاسه الساخنة وجهي وابتعدت، فجاء ورائي زاحفا على قدميه ويديه، فوقفت وابتعدت.
ما هذا؟ لماذا ينهار الرجل هكذا أمام رغبته؟ لماذا تتلاشى إرادته بمجرد أن يغلق عليه باب مع امرأة، فيرتد حيوانا أعجم يمشي على أربع؟ أين قوته؟ أين عضلاته؟ أين سيطرته وزعامته؟
ألا ما أضعف الرجل! لماذا كانت أمي تصنع منه إلها؟
ونظرت إليه؛ إلى عينيه، وإلى أصابع يديه وقدميه، سلطت عليه كشافي الكهربي ودققت النظر إلى أعماق عقله وقلبه، فرأيت أعماقا خاوية جائعة، ورأيت عقلا هزيلا، وقلبا مزيفا.
अज्ञात पृष्ठ