Fais ce que tu voudras
ثم انتقل الناس إلى القرن السابع عشر حين جاء الفيلسوف الكبير ديكارت
11
ووضع كلمته «تفكيري دليل وجودي»
je pense donc je suis
وخلفهم من بعهد ذلك كتاب القرن الثامن عشر روسو وفولتير ومونتسكيو، وجاء رنان فبنى للناس حرية الفكر على قاعدة ثابتة، أصبح أقل من القليل من يستطيع أن يسمح لنفسه أمام نفسه أن يعتقد أن الديانات وحي سماوي من عند الله، أو أن الأنبياء يوحى لهم من السماء، إنما النبي رجل توحي له نفسه وكل ما أوحت به النفس فهو مقدس ...
هنا لاحظ الرجل السكوت الذي علانا وما ظهر على ب. من الاستغراب كأنه أحس بأنه كان سريعا في تقدمه أكثر مما يجب حيث رجع فقال:
لأول ما نفكر في النبوة وفي إمكانها باعتبار مجيئها من السماء، تقف أمام عقولنا عوائق كثيرة من العادة والعقيدة، وفي الواقع ليس من السهل التخلص من شيء دخل إلى قلوبنا وتغذت به نفوسنا من يوم أن جئنا على الأرض، كما أن قيام بعض الناس يرفضون النبوات بشكل غير مؤدب حيث يلقبون الأنبياء بالكذابين والمجانين يجعلنا نزداد عطفا على هؤلاء العظماء الخالدي الذكر، وإن من أكبر الحمق اعتقاد أن عدم التدين يقضي برفض ما جاء به الدين؛ إذ ممكن جدا رفض قاعدة أو أكثر والأخذ بالباقي، وما علمت واحدا من العلماء جعل هؤلاء المرشدين سخرية أو لم يقل أن ما جاءوا به مقدس لأنه وحي أنفسهم.
فإذا دخل الواحد منا إلى سكونه وخلا بنفسه وتجرد من كل عصبية لحظة من الزمان رأى أن المذاهب الدينية هي في الواقع مذاهب أخلاقية واجتماعية وضعها أصحابها لمصلحة الأمة التي قاموا بينها، وقد أثبت البحث العلمي أن كل دين يستمد أصوله من السوط الذي عاش فيه.
وبما أن الحقيقة كانت وستبقى إلى الأبد موضع البحث من غير أن يصل إليها أحد، فقد قام جامعة الأنبياء بدورهم كعظماء حقيقية، وغاية ما في الأمر أن منهم أو من أتباعهم من رأى مبلغ شقاء الإنسان المفكر وقلة وجوده خصوصا في ذلك الزمان القديم، فرأوا من مصلحة المجموع ومن دواعي سعادته أن يبقى متمسكا بالعقائد التي وضعوها هم له، لكنهم في ذلك أحبوا الإنسانية حبا جما، وطلبوا إليها أكثر مما تستطيع أن تعطي، وإن تعاقبهم هم واختلاف نظرهم في بعض المسائل وقيام كل بالدعوة لعقيدته حتى الموت ليكفي دليلا على استحالة بقاء العالم في المركز السعيد الذي أرادوا له، وعلى أن العالم سيبقى إلى الأبد مرسحا متنازعا في أيدي الكتاب والفلاسفة والمفكرين.
अज्ञात पृष्ठ