وكان ذلك هو الواقع، فقد أجفل الحصان من ذلك الصوت، وأحس بالأعنة فوق ظهره، فكانت النتيجة معروفة، وهي أنه انطلق في وجهه، والمركبة ذات العجلات الأربع من خلفه، والمستر سنودجراس والمستر طبمن في جوفها، وكانت الفرصة قصيرة، والوقت ضيقا، فألقى المستر طبمن بنفسه فوق السياج، وحذا المستر سنودجراس حذوه، واندفع الحصان بالمركبة ذات العجلات الأربع نحو قنطرة خشبية، ففصل العجلات عن الهيكل، ومقعد السائق عن المقعد الأمامي، ووقف أخيرا جامدا، ينظر إلى الدمار الذي أحدثه.
وكان كل هم الصديقين اللذين لم يسقطا من المركبة، أن يستخلصا صاحبيهما المنكودين من وسط الشوك والحسك اللذين سقطا فيهما، وهي عملية انتهت بارتياح لا يوصف؛ لأنهما تبينا أنهما لم يصابا بأذى غير مزق في ثيابهما، وخدوش في وجهيهما من الشوك الذي أصابهما، وكان العمل الثاني الذي ينتظر منهما أن يفكا الحصان من المركبة المهشمة، وما كادا يفعلان هذا حتى انطلق الجميع يمشون في بطء، وهم يجرون الحصان بينهم، تاركين العجلة لمصيرها.
ووصلوا بعد مسيرة ساعة كاملة على جانب الطريق إلى حانة صغيرة، ذات شجرتين من أشجار الدردار، ومسقى للخيل، وأمامها صوة لهداية الناس إلى الطريق، ومن خلفها جرن للدرس، أو جرنان غير منسقين، وعن أحد جانبيها حديقة مطبخ وسقائف عفنة وأكواخ من المدر متناثرة بغير نظام حولها، ورأوا رجلا أحمر الشعر يعمل في الحديقة، فبادر المستر بكوك إلى مناداته صائحا: «يا هذا!»
فرفع الرجل ذو الشعر الأحمر بدنه، وظلل عينيه بيده، ووقف يحملق البصر مليا في وجه المستر بكوك وصحبه.
وأعاد المستر بكوك النداء قائلا: «يا هذا!»
فكان جواب الرجل ذي الشعر الأحمر ترديدا لذلك القول.
قال: «كم تبعد دنجلي ديل من هذا الموضع؟»
قال: «سبعة أميال على الأقل.»
فعاد يسأله: «وهل الطريق معبد؟»
قال: «كلا.» ولم يكد يفوه بهذا الجواب المقتضب، ويحاول الاطمئنان - في الظاهر - بإلقاء نظرة فاحصة أخرى، حتى أكب على العمل من جديد.
अज्ञात पृष्ठ